احمد كيوان: رجا زعاترة والجوقة المسعورة!

التاريخ : 2018-12-14 09:56:55 |

اثار تعيين العضو العربي في بلدية حيفا، رجا زعاترة، نائبا لرئيسة البلدية د. عينات كاليش التي جاءت الى سدة الرئاسة بفضل الصوت العربي الذي تحالف معها، حفيظة حكومة اليمين المتطرف وباقي اوساط اليمين العنصري الحاقد، لأنه كسر احدى محرمات المؤسسة الاسرائيلية، وهي دخول الحزب الشيوعي الذي ينتمي اليه زعاترة ائتلاف بلدية لها اهميتها مثل حيفا.

وهي خطوة جريئة قامت بها الرئيسة الجديدة لبلدية حيفا لم تكن مألوفة من قبل، وقد فرض عليها الواقع الحيفاوي ذلك. فهناك اوساط كبيرة من مواطني حيفا اليهود تؤمن بالتعايش مع العرب، وتتعامل معهم لما فيها المصلحة المشتركة. كما ان المواطن اليهودي ابن مدينة حيفا يدرك ان مصلحته الحقيقية هو في استمرار تدفق عشرات آلاف المواطنين العرب من الجليل والمثلث وغيرهما الى حيفا لقضاء حاجياتهم، مما يسهم في نمو وازدهار الحياة التجارية في حيفا. وهو ما يعود ايجابا على دخل ابن حيفا، سواء كان يهوديا ام عربيا، وهذا الواقع يدركه سكان حيفا اليهود، وتدركه الرئيسة الجديدة للبلدية.

 ومن الطبيعي ان يأخذ العرب مواطنو حيفا حجمهم في التأثير على كافة الاصعدة، بما فيها الصعيد البلدي. وهو حق لهم فرضه واقعهم وليس منّة من احد، فالذين ارادونا ايتاما على مأدبة اللئام خاب فألهم وطاش سهمهم وتحطمت احلامهم، لأننا ذلك الجزء الحي والاصيل من الشعب العربي الفلسطيني الذي انكروه ولا يزالون يتنكرون لحقوقه الساطعة سطوع الشمس في كبد النهار.

واقول لكل من لا يدرك حقيقة الاشياء حتى الآن: اننا شعب عربي فلسطيني اصيل، في اللد والرملة والجليل، في المثلث والنقب والمرج، ووجودنا المبارك على هذه الارض هو الذي يُسقط عمليا قانون "القومية" العنصري، وقانون "يهودية الدولة". فالأرض في كل مكان هنا "بتتكلم عربي"، سواء اعترفتم بهذه اللغة ام لم تعترفوا. فالأرض فوقكم وتحتكم، ومن ورائكم وامامكم، بالطول وبالعرض، "بتتكلم عربي". وسيبقى فيها ما بقيت الحياة قوم الجبّارين، وشعب الجبّارين. ولا شك ان تعيين رجا زعاترة نائبا لرئيس بلدية حيفا قد اغاظهم الى هذا الحد، وافقدهم التوازن، مما حدا برئيس الائتلاف اليميني الفاشي ان يطالب بسن قانون يمنع بموجبه هذا التعيين. وكالعادة كلما دارت بهم الدوائر يلجأون الى الادعاء الممجوج بإلصاق اوصاف للمناضل الوطني رجا زعاترة، والادعاء بانه يؤيد "منظمة ارهابية". ولو كان لديهم شك في شيء من هذا القبيل لحاكموه من زمان، لكن اخراج هذه الورقة التعيسة اليوم لسنّ قانون عنصري جديد هو بمثابة افلاس كامل. وكلما ازدادت هذه الجوقة المسعورة في نعيقها كلما ازدادت ثقة الجماهير العربية بنفسها وبصواب نضالها، مؤكدة ان لا سبيل امامها الا المزيد من التلاحم في نضال شعبي جماهيري، يقضّ مضاجع المهووسين واتباع العنصرية وحلفاء الفاشية الجديدة. فهنيئًا لنتنياهو ووزير أمنه الداخلي اردان في استضافتهما لزعيم الفاشية الجديدة في ايطاليا، وزير الداخلية الذي يحل ضيفا على اقرانه في اسرائيل. وفي المقابل، كان لافتا ان الرئيس الاسرائيلي ريفلين اعتذر عن لقاء هذا الوزير الفاشي العنصري، بحجة انه ليس لديه وقت لذلك.

ولان العنصرية في اسرائيل لا تعرف حدا تقف عنده، فقد هدد احد الوزراء بان وزارته ستقلص الميزانية التي تدفعها هذه الوزارة لبلدية حيفا، إن هي استمرت في تعيين رجا زعاترة نائبا لرئيس البلدية. وربما يأتي هذا التهديد لثني رئيسة البلدية للعدول عن قرارها، مع ان هذا التهديد في رأيي اجوف وغير صالح للاستعمال.

ربما يكون تهديد كهذا، لو وجّه لسلطة محلية عربية، نافعا الى حد ما، لكنه في بلدية مثل حيفا او اي سلطة محلية غير عربية لن يجد له اي صدى. وهو يدخل ضمن التحريض العنصري الاعمى، لان تعيين نائب عربي مناضل لرئيس بلدية حيفا حدث يستحق الاهتمام والترحيب. واما نعيق وزعيق العنصريين فانه يأتي على قد الوجع!!