|
|
|
تميم منصور: عندما كانت مصر قبلة العرب الوطنية والسياسيةالتاريخ : 2019-01-22 15:10:35 |عندما نقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية في نهاية الاسبوع الماضي نبأ دعوة وزير الطاقة في حكومة الاحتلال العنصري " يوفال شطانيس " من قبل الرئيس المصري السيسي ، لحضور مؤتمر الطاقة الذي عقد في القاهرة ، والحفاوة التي أستقبل بها العنصري الاسرائيلي من قبل اعوان السيسي ، سألت نفسي هل هذه هي مصر حقيقة ؟! كان الجواب أننا اليوم نعيش مع مصر استثنائية ، وأنه يوجد أكثر من مصر واحدة عبر التاريخ ، لكل عصر وله مصر تختلف عن العصر الذي سبقه ، أو العصر الذي يليه ، فمصر الفاطمية تختلف عن مصر الأيوبية ، في عصر مصر الأيوبية كانت مصر تقود العرب بقيادة صلاح الدين الايوبي الذي ادرك بأنه من غير الممكمن الانتصار على الفرنجة دون توحيد مصر مع سوريا والعراق ، وهذا ما حدث ، وأنتصر العرب في معركة حطين التاريخية في الثالث من تموز عام 1187 . لكن مصر الايوبية الأولى لم تستمر ، وخلفتها مصر أيوبية ثانية حكمها طغاة ومماليك، امثال الملك الكامل الذي فرط بالقدس وقام بتسليمها لملك المانيا نكاية بأمير دمشق وهو أيضاً من السلالة الأيوبية ، وسبقه المملوك شاور الذي هو الآخر تحالف مع الفرنجة ، واستعد لتسليم مصر نكاية بالعديد من الامراء العرب. استمرت مصر في الزحف مع الزمن الى أن سيطر عليها العثمانيون عام 1517 بقيادة السلطان سليم الأول . فأدخلوها في غياهب الظلمات وزرعوا الفساد فيها ، كان هم السلطان هو دفع الاتاوات السنوية للباب العالي ، وكانت هذه الاتاوات تدفع بمناسبة قدوم عيد الفطر . لكن فجأة اشرقت على مصر شمس الحداثة ، حملها معه نابليون من اوروبا عام 1798 ، رغم احتلاله البغيض ، إلا أنه فتح نافذة بين مصر والحضارة الاوروبية، ولحسن حظ المصريين خلفه في الحكم محمد علي باشا ، الذي وسع نافذة نابليون وحولها الى بوابات واسعة ، دخلت منها الحضارة الاوروبية ، فأقيمت المدارس والمصانع ، وحفرت الترع ، وادخلت الطباعة ، وارسلت مصر الطلاب لينهلوا العلم من الجامعات الاوروبية ، لكن اطماع محمد علي باشا اوقفت هذا المد الحضاري بسبب الحروب المتواصلة التي خاضها ، لأنه كان يحلم بإقامة امبراطورية مصرية خلفاً للامبراطورية العثمانية ، فمنعته الدول الاوربية من تحقيق أحلامه . فبعد رحيله ورثها أولاده وأحفاده مثل سعيد واسماعيل حاولوا الاستمرار بتطوير مصر ، فوافقوا على حفر قناة السويس ، لكن هذه القناة وأهميتها زادت من الصراع بين الدول الأوروبية للسيطرة على مصر ، وقد انتهى هذا الصراع بالاحتلال البريطاني عام 1882 ، فاستقبل التاريخ مصر جديدة ، مصر تقارع الاحتلال البريطاني ، ولم يوافق الاحتلال على منح مصر الاستقلال المحدود الا عام 1936 ، مع بداية حكم ثاني ملك لمصر فاروق بن فؤاد ، ملك مصر الأول . في زمن حكم فاروق ، بدأت مصر تأخذ طابعاً سياسياً مزاجياً مغايراً ، يحاول ان يجمع ما بين ملكية فاسدة وهيمنة بريطانية ، مع وطنية تحاول ربط مصر بقطار العروبة ، ووطنية تحاول ربط مصر بقطار الفرعونية ، ووطنية تحاول ربط مصر بالخلافة الاسلامية ، التي كانت لا تزال حلماً يتغنى بها الاتراك في اسطنبول . رغم الحكم الملكي الفاسد في مصر في عهد الملك فاروق ، إلا أنها استقبلت العديد من زعماء الحركات الوطنية داخل الأقطار العربية ، لجأوا اليها هرباً من ملاحقة الدول الاستعمارية وعندما ولدت مصر جديدة بعد ثورة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952 ، وجدت الثورة العديد من اللاجئين السياسيين الذين قادوا أو دعموا الحركات الوطنية في كل من المغرب وتونس وليبيا والجزائر والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين والسودان . ليس صدفة أن مفتى القدس أمين الحسيني ، أتخذ من القاهرة مقراً له ، أثناء قيادته للحركة الوطنية في فلسطين ضد الغزو الصهيوني لفلسطين ، وضد سياسة الانتداب البريطاني ، وقد استقبل المفتي وفوداً تمثل منظمة النجادة في مقره في القاهرة الذي كان يقع في إحدى قصور حي الزيتون . من بين القادة والزعماء العرب الذين تواجدوا في مصر قبل الثورة نجد محمد الخامس الذي أصبح ملكاً على المغرب ، ومجموعة من القادة والأدباء المغاربة الوطنيين ، نذكر منهم الكاتب والسياسي عبد الكريم غلاب ، فقد تحدث في كتاباته عن تأسيس نواة الحركة الوطنية المغربية في مصر ، التي قادت النضال لنيل الاستقلال . وعندما فشلت الثورة في اليمن عام 1948 ، ضد الامام لجأ قادتها أيضاً الى القاهرة - ام الدنيا وام العرب وبحق -كما أن القاهرة لم تبخل في استقبال وإيواء وحماية العديد من قادة الحركات الوطنية في كل من العراق وسوريا ،، فقد التجأوا اليها هرباً من بطش نوري السعيد ، ومن بطش الاستعماري الفرنسي لسوريا ولبنان . فرض النظام الملكي في مصر على هؤلاء اللاجئين السياسيين عدم القيام بأي نشاط سياسي ، ولكن بعد قيام الثورة ، وجد هؤلاء اللاجئين انفسهم يعيشون في مصر جديدة ، مصر أخرى ، ثورية وطنية ، فقامت الثورة بدعم كافة الحركات التي كانت تدعوا لكنس الاستعمار والتخلص من الانظمة الرجعية ، لقد قدمت الدعم للزعيم التونسي الحبيب بورقيبة أثناء لجوئه الى القاهرة ، كما قدمت الدعم للملك محمد الخامس ، فحصلت الدولتان على استقلالهما عام 1956 . أما دعم مصر لثورة الجزائر ، فحدث ولا حرج ، فقدمت مصر الثورة والوطنية السلاح والاموال والرجال والدعم الاعلامي ، كذلك وقفت الثورة ضد سياسة السعودية الرجعية ، وممارسات حكومة النظام الملكي في العراق القمعية ، كان من بين اللاجئين السياسيين العراقيين في القاهرة ، رشيد عالي الكيلاني ، وعدداً من ضباط الجيش الذين ساعدوه في ثورته عام 1941 . من ينسى دور مصر في عصرها الوطني الذهبي في دعم ثورة جنوب اليمن ضد الاحتلال البريطاني ، ودور مصر الاستثنائية في وجودها في دعم ثورة عُمان ضد سلاطينها ، خاصة في الجبل الأخضر ، ودور مصر التاريخي في دعم ثورة اليمن الشمالي التي قامت لتخليص اليمن السعيد من حكم الامام الرجعي ، ولولا مصر لفشلت هذه الثورة ، لأن السعودية والى جانبها بريطانيا وامريكا واسرائيل والاردن ، حاولوا اجهاض الثورة ، وهي لا زالت في المهد . لم تتردد مصر في استقبال العديد من المناضلين العرب مدنيين وعسكرين الذين فروا من بلادهم خوفاً من بطش السلطان بها . استقبلت مصر عدداً من الطيارين الاردنيين الذين التجأوا إلى القاهرة عام 1963 ، لأنهم رفضوا نقل السلاح والعتاد الى مرتزقة الثورة المضادة ضد ارادة الشعب في اليمن الشمالي ، نذكر من اسماء هؤلاء الطيارين العقيد منذر الحسن والطيار تحسين صاينة ، كما استقبلت عدداً من الاعلاميين من صحفيين ومذيعين الذين رفضوا طاعة الملك حسين في الاردن والملك سعود ، نذكر من هؤلاء المذيع الاردني المعروف رسمي أبو علي ، والمذيع السوري عبد الهادي البكار ومدير اذاعة حلب توفيق حسن والمذيع المعروف منذر عقيل . وغيرهم . كما استقبلت مصر عدداً من الضباط الاردنيين الذين عارضوا سياسية النظام الملكي نذكر منهم العقيد عبد الله التل قائد منطقة القدس في حرب عام 1948 ، فقد عرى وكشف كافة المؤامرات التي قام بها عبد الله ملك الاردن ، وكما استقبلت العقيد علي أبو نوار الذي اتهم بمحاولة انقلاب عسكري في عمان . كم من الشعراء والادباء والوطنيين العرب لجأوا إلى مصر ، لأنها كانت حاضنة للوطنيين، وقلعة الصمود والتحدي ، بفضل قادتها العظام وعلى رأسهم الرئيس الخالد جمال عبد الناصر ، هذه ومضات عن دور مصر الثورة والعروبة وقاهرة الاستعمار خلال فترة قصيرة من وجدودها ، لم تتجاوز العقدين من الزمن، هذه مصر أخرى ، مصر استثنائية ، مصر التي خلدها التاريخ ، فقط لمدة عقدين من الزمن عاشت مصر بقيادتها وشعبها احداثاُ ثورية حقيقية ، لكن القوى المعادية من عربية واجنبية بالتعاون مع الصهيونية ، عملت كل ما باستطاعتها لدحر مصر الثورة عن موقعها ، وايجاد مصر اخرى ، لا تختلف عن مصر التي عرفها العالم زمن الملك الايوبي الكامل ، وزمن المملوك شاور ، ومصر العثمانية والملكية فيما بعد . ثم مصر السادات ومصر مبارك والسيسي لقد نجح مبارك واعوانه ومن قبله السادات ، وبعده مرسي والسيسي من تغيير ومصادرة دور مصر الريادي والقومي ، نجحوا بإخراج مصر من المعركة مع الامبريالية ومع الرجعية العربية والصهيونية . مصر اليوم مريضة ، ارادة شعبها مصادرة ، انتماؤها لمصالح العرب القومية والوطنية بات مرتبطاً بخيوط واهية، خيوط امريكية ، عندما يستدعي السيسي العنصري شطانيس او عندما يتحدث مع نتنياهو هذا يعني ان تهويد القدس والاقصى والقيامة لا تعنيه ، وهذا يعني أن هدم البيوت وحصار غزة وقتل الفلسطينيين اليومي لا يعنيه ، ومصر اليوم غارقة في سياسة التبعية لأمريكا ودول الخليج والسعودية , انها كالجمل الذي تجره ماعز ، لأن الجمل سريع النسيان ، وفاقد للذاكرة ، أين هذا الماعز سيأخذ مصر ، أسألوا شعبها ؟!! تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |