www.almasar.co.il
 
 

خالد أحمد إغبارية: حتى لا يضيع عليك رمضان!

أتلُ جزئين كل يوم، تبدأ بالأول بين أذان الفجر والإقامة وتتمه بعد...

خالد خليفة: هناك حاجة ماسة وضرورية لانتخاب رئيس لجنة قطرية جديد وواعد!

بات اليوم واضحا انه يحتَم على رئيس اللجنة القطرية المنتخب القادم...

المتابعة ترفض أي قيود على المسجد الأقصى وتدعو للاستعداد لإحياء يوم الأرض الخالد

أكدت لجنة المتابعة العليا، في اجتماع السكرتارية الدوري، الذي عقد ظهر...

لينا ابو مخ/ الزواج المبكر بين القانون والمجتمع

اعتبرت المرأة في طور أول من تاريخها، أما في المقام الاول، اي تلك التي...

منحة 23 ألف شيقل عند بلوغ سن 21 هدية من الدولة

علم مراسل موقع وصحيفة "المسار" انه بتداء من شهر كانون الثاني 2017 ستقوم...

عطر 2020 من Montblanc للرجال

تقدم دار العطور الفرنسية Montblanc عطر Legend Eau de Parfum، وهو إصدار أقوى وأكثر...
  هل تعتقد ان الحكومة الجديدة ستساعد في الحد من جرائم العنف في المجتمع العربي؟

نعم

لا

لا رأي لي

ام الفحم 22-32
الناصرة 31-20
بئر السبع 33-21
رامالله 32-22
عكا 29-23
يافا تل ابيب 29-24
القدس 32-18
حيفا 31-23

خالد بريش / باريس: حول كتاب الأستاذ محمد حسن النجار.. الناس والتراث في أسدود

التاريخ : 2019-03-29 18:57:31 |



** ما من شيء يغيظ الصهاينة أكثر من كتابة تاريخ المدن والقرى الفلسطينية وبطولات وصمود الشعب الفلسطيني

 

لقد أتت عبارة الراحل الكبير محمود درويش «على هذه الأرض ما يستحق الحياة»، لتختصر مجلدات ضخمة من حيث أسلوبها الجامع المانع، ولكونها ترمز إلى فلسطين، أم البدايات في التاريخ البشري. ويعتبر كتاب الباحث الأستاذ محمد حسن النجار « الناس والتراث في أسدود »، الصادر في طبعته الثانية عن صندوق أوراد للتنمية المجتمعية، داخلا تحت هذه العبارة. كونه يغوص في عباب بعض جوانب تلك الحياة، ويؤكد على عروبة فلسطين. ويَحْمِل القارئ على جناحيه ليطوف به في أنحاء مدينة كان كل شيء فيها هادئا، مستريحا على خدِّ التاريخ، وخاصرة المتوسط. إلى أن أتى شُذّاذ الآفاق، ودبَّجوا حكايات توراتية مُفتراة. فقتلوا، وشردوا، ونهبوا، ثم غيروا وبدلوا كل شيء، إلا ذاكرة الفلسطيني، وأحلامه وآماله...

يُسطر الأستاذ النجار كتابه هذا كأمين على التاريخ، وحارس شرس لكل مفاتيح أبواب البيوت، والبيارات، والحواكير. ولكي لا ننسى، ولا ينسى أحد أن للفلسطينيين وطن، لهم فيه تاريخ عريق وجذور. يكتب للتاريخ، ولجيل ولد في عالم الغربة والاغتراب، لا يعرف شيئا عن قراه، وعاداتها وتقاليدها، وأنماط الحياة فيها، وذلك من خلال مدينة « أسدود »، التي بناها الكنعانيون في القرن السابع عشر قبل الميلاد، وأطلقوا عليها « أشدود »، وتعني القوة والبأس. لتصبح فيما بعد إحدى أهم مدن الفلسطينيين الخمس الرئيسة، حيث كانت مركز الإله « داجون ». وإليها حمل الفلسطينيون « تابوت العهد »، الذي كان اليهود يحفظون فيه شرائعهم بعدما غنموه في معركة رأس العين، حوالي سنة 1050 ق. م.. لتصبح في القرن الرابع للميلاد مركزا للأسقفية. وعندما فتحها المسلمون، أسماها مؤرخوهم « أزدود »، لكثرة زادها وخيرها.

يقدم الكتاب مسحا إنسانيا، واجتماعيا، وتاريخيا، وجغرافيا، وديموغرافيا اتنولوجيا لهذه المدينة المُسْتندة على المتوسط، الواقعة ما بين غزة هاشم، وحيفا. كوجبة دسمة تفتح أبواب الذكريات والماضي، وتهز الكيان. استنطق المؤلف خلال عملية بحثه هذه ذاكرة كبار السن الذين ما زالوا يحتفظون بتفاصيل التفاصل، والوقائع والأحداث المخبئة في خزائن القلوب والأوراح، مخافة أن تسقط من مَتْنها نقطة واحدة، أو فاصلة.

يدخل الباحث النجار من بوابة التفاصيل، حتى ليخاله القارئ أحيانا ذلك الطفل الذي كان يعد الغيوم التي تمخر السماء، ويستخرج منها هَتَنَها. فيذكر كيف كانت الحمولة كالبنيان المرصوص. محكومة بالتكافل والمسؤولية الجماعية. معددا أحياء أسدود الأربعة: الجودة، الدعالسة، الزكاكنة، المناعمة، بالإضافة إلى حي المصريين الذين يُقال إنهم وفدوا أيام حملة إبراهيم باشا. دون أن ينسى أسماء العائلات التي شكلت في الأساس سكان أسدود، ومن بقي منها. ناقلا أن عدد السكان في أول إحصاء أجْرته الدولة العثمانية عام 1596، كان 375 نسمة. وأنه بلغ قبل الحرب العالمية الأولى، حوالي خمسة آلاف نسمة. ليصبحوا عام 1945 حوالي 6630 نسمة.

وقد كان لكل حمولة مَقْعَدَها (المَنْزول/ المَجْلس) الذي غالبا ما يكون في دار المختار، يجتمعون فيه مساءَ فيسهرون ويسمرون ويتناقلون الأخبار. ويتداولون المواضيع الخاصة بهم، والمشاكل التي تعترضهم. ويتبادلون الأحاديث، ويستقبلون فيه الضيوف الوافدين من الغرباء. وأحيانا كانت تُقْرأ فيه القصص الشعبية كتغريبة بني هلال وغيرها. والتي كان ينشدها شاعر الربابة الوافد عليهم من المناطق الأخرى، فينقسم الجمع عندها ما بين الزناتي الزير سالم، وغريمه ذياب. في الوقت الذي تدور فيه فناجين قهوة العروبة، التي تكاد رائحتها تداعب أنف القاريء وهو يقلب الصفحات. وأحيانا أخرى، يقوم أحدهم بسرد إحدى الحكايات الشعبية « الخراريف »، مثل: قصة ست الحسن والجمال، وبياع الفجل، وغيرها. والتي كان يبدأها بقوله: حتى توحدوا الله...

يحدد المؤلف موقع المدينة جغرافيا، وكل ما يتعلق به من مساحة وإحداثيات. واصفا الطرق، والشوارع، والدروب الضيقة، والحمامات، والبيارات، والحواكير، والكروم بأسمائها ومساحاتها وأماكنها. وما كان يزرع فيها من ثمار، وفاكهة، وحبوب، وحنطة، وكمية انتاجها، وكيفية سقايتها. ومقدار ما يملكه كل واحد من السكان بالقراريط والدونمات. وكذلك حركة العمران، معددا مدارسها، ودكاكينها، ومقاهيها، وأفرانها، والذين كانوا يمارسون فيها الحلاقة، والسمكرة، والنجارة، والبناء، والجزارة، وإصلاح الأحذية، ومعاصر الزيتون والسمسم. ودَوْر سوق أسدود الأسبوعي الذي كان يؤُمُّه سكان القرى المجاورة الخ... وأيضا ما حوته أسدود من مساجد، ومقامات، وأضرحة أولياء. وخصوصا مزار سلمان الفارسي، الذي شُيِّد فوقه مسجد أيام المماليك. مُخصِّصا في آخر الكتاب عدة ملاحق، ضمنها صورا لبعض الوثائق والمُسْتندات، وخرائط لأحياء المدينة، وأماكن البساتين والحواكير الخ...

يعتبر كتاب « الناس والتراث في أسدود »، تاريخيا وإنسانيا بأسلوب أدبي مميز، تلعب فيه العين دورا مهما فتتحول كل كلمة إلى مشهد سينمائي حيّ. ويتمتع بمنهجية علمية رفيعة، تحرى فيها المؤلف الدقة في كل ما كتبه. معتمدا في ذاك على مجموعة من المراجع التاريخية والجغرافية، وشهادات وروايات كبار السن من جيل النكبة، الذين ما زالوا أحياء، والتقاهم المؤلف، وسجل لهم شهاداتهم، التي ذكرها كما هي، وكما تلفظوا بها. مما أكسب الكتاب مصداقية أكبر، وبعدا توثيقيا مهما. مخصصا فصلا لِلهْجَة السدودييِّن، لكون اللغة جزء لا يتجزأ من الهوية، فذكر العبارات الخاصة بالنساء، أو بالرجال والصبية، وأساليبهم في القسم، والتأكيد، والتحضيض، والشرط، والدعاء، والتعجب، ونطق الأعداد، والنداء، وكيفية لفظهم لأحرف الهجاء وبعض الكلمات. وذلك مثل كلمة هانْ: هُنا، طاقية: قبعة، هاظاك: ذاك، هاظولاك: أولئك، طوشة: خناقة...الخ

وأفسح في صفحاته مكانا مهما لعملية التربية والتعليم، مؤكدا أن تعليم الإناث بدأ في أسدود عام 1942. معددا من تلقى تعليما من الأهالي. لينقلنا إلى أجواء المدرسة التي كانت قائمة حينها، وتلاميذها، وفصول الطلاب، ومَنْ كان منهم يجلس بجانب مَنْ. والمدرسين الذين كانوا من المدينة، أو من خارجها. وأساليب التعليم ومناهجه، ومقررات التاريخ، والجغرافيا، والحساب، واللغة الإنكليزية، والعربية، والمحفوظات التي أثبت بعضها مثل:

هل تعْلمون تحِيَّتي عِنْدَ القُدوم إليْـــكُمُ

إِذا رَأيْتُ جَــمَاعَة قلتُ السَّلامُ عليْكُمُ

وخصص فصلا مستقلا للحديث عن علاقة الأهالي بالدولة العثمانية، وبالمستعمر البريطاني، وهو فصل ينطبق على كل القرى والمدن الفلسطينة. فذكر أن الدولة العثمانية كانت تمارس الظلم والعَسَفَ، فتجْني الضرائب الجائرة بالقوة، وتأخذ الشباب كمجندين في حروبها. وأنّ المستعمر البريطاني لم يكن أحسن حالا من العثمانيين، حيث نفذ أحكام الإعدام بكثير من رجالات فلسطين وشبابها، مُعددا أسماء شهداء أسدود في ثورات الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال البريطاني، وألقابهم التي عُرِفوا بها. وكذلك البيوت التي نسفها المستعمر ودمرها. وأنّ المقاومة في أسدود ومحيطها بدأت عام 1936، عندما امتنع الأهالي عن بيع الأراضي للصهاينة، واشترى المُقْتدرون منهم حينها بواريد. ذاكرا المعارك التي خاضها السدوديُّون، وتفاصيلها، وأسماء شهدائهم في المعارك مع الصهاينة والذين بلغ عددهم 71 شهيدا و17 مفقودا... ناقلا للقارئ وبالتفاصيل شهادات كبار السن ممن حضروا تلك المعارك وكيفية حصولها.

ويؤرخ هذا الكتاب أيضا لحالة الوعي التي سادت بين رجالات المدينة وشبابها، وكيف تكونت أول جمعية عمالية فيها، ودَوْر شباب أسدود في « عصبة التحرير الوطني ». وسذكر أن أول مهرجان خطابي وطني أقيم فيها شارك فيه وجوه وطنية من فلسطين وخارجها مثل: إسماعيل الأزهري الرئيس السوداني الراحل، وآميل حبيبي، ورئيس عصبة التحرر الوطني فؤاد نصار... وصولا إلى النكبة، وكيف دخل اليهود القرية، وأخذو شبابها أسرى إلى الصرفند، وكيف ألقوا بالأطفال والنساء قرب المَجْدَل، وأفرغوا بالتالي أسدود من أهلها...

تُعْتبر العادات والتقاليد الاجتماعية أحد أركان الهوية والكينونة الفلسطينية، والتي لم تتغير أو تتبدل بالرغم من التشريد والمنافي. فخصص لها الباحث مكانا مهما تحدث فيه عن العادات في الأتْراح، والأفراح، والليالي الملاح، من خطوبة، وعقد قران، وزواج. وكيفية زفة العروس إلى دار عريسها على ظهر فرس. ناقلا عن أحد كبار السن أنه تكلف مائة ليرة فلسطينية ثمن خلعة وكسوة وطلعة. دون أن ينسى الحديث عن حمام العريس، وما يغنونه خلاله، وبعض سَحْجِيَّات الرجال أثناء زفة العريس، ومنها:

شُموا ولموا هالرِّيحان

سلطه منــه هالريحان

اتشـكل منه هالريحان

كل شي منه هالريحان...

وخصص قسما للأغاني التي كانت معروفة لدى السدودييِّن، ومناسباتها، فبدأه بالأغاني الدينية، والمدائح النبوية الكثيرة التي كانوا يرددونها في الموالد، وعند وداع الحجاج. وما كانوا يغنونه أيضا عند قدوم المواليد. أو في أثناء هدهدة الأطفال للنوم. وأغاني خِتان الصبيان. وما يقوله الصبيان في أثناء صيدهم للعصافير وغيرها... كلها أغان وأهازيج تؤكد على الارتباط بفلسطين، الوطن، والأرض، والحياة. وتغوص في تفاصيل حياة الشعب الفلسطيني. ومن أهازيج نساء أسدود في فخرهن على بقية القرى والمدن المحيطة:

طلعت السـدوديَّات بالأطالس يــــا رجالنا قدامنا فوارس

طلعت السدوديَّات هيله بهيله ونطيح الخيال عن الكحيله

طلعت الســـدوديَّات بالخواتم يـــــا رجالنا قدامنا حواكم

طلعت السدوديَّات بالشاشات يــــــا رجالنا قدامنا باشات

ويقدم وصفا مستفيضا للأفراح وأغانيها، ومن اشتهر بالغناء والعزف على الشبابة من الأهالي، وبعض زغاريد النساء في كل المناسبات. ورقصة الصَّفَيْن الخاصة بالنساء، وما يقلنه أثناء وقوفهن متقابلات من أغان. تاركا بعض الصفحات للأغاني الشعبية المشهورة، التي كان الجميع يُرددها كظريف الطول، والدلعونا الخ... ومنها:

يا طير الطاير ســــلم عليهم

طالت الغربة واشتقنا ليهـــم

بالله يــــا قمر تضوي عليهم

هاضولا حبابي كانوا يسلونا

إنه كتاب بحجم موسوعة، يذهب فيه مؤلفه بعيدا إلى حيث لا يتصور القارئ. وعمل ضخم يحتاج إنجازه إلى كتيبة من الباحثين. لم يترك كاتبه أمرا يخص مدينة أسدود تاريخا وسكانا وحركة اجتماعية إنسانية، وعادات وتقاليد، إلا وأثبته في كتابه هذا وتحدث عنه. وهذا جهد يستحق الشكر والتقدير، ويحتذى أيضا في التأريخ لبقية المدن والقرى الفلسطينية، لكي يكون لكل قرية أو بلدة كتاب من هذه النوعية، فكم نحن بحاجة إلى ذلك، لكي لا يندثر تاريخ تلك الأراضي المُعمَّدة بدماء الشهداء، والتي ما زال عرق الآباء والأجداد يُعطرها، ويفوح منها... وهل هناك ما يغيظ العدو إلا مثل هذه الكتابات التي توثق وتسجل وتؤرخ، وبالتفاصيل المملة، كشاهد حي على التاريخ...؟

 


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0

اضافة تعليق

الاسم الشخصي *

 

المنطقة / البلدة

البريد الالكتروني

 

عنوان التعليق *

 

التعليق *

 


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0
الصفحة الاولى | الاعلان في الموقع | اتصلوا بنا |                                                                                                                                                                                               Powered By ARASTAR