احمد كيوان: هل تكون مفاجآت..؟!

التاريخ : 2019-04-25 09:42:57 |

لن يأخذ وقتا طويلا حتى يشكل بنيامين نتنياهو حكومته القادمة، والتي ستكون الاسوأ في تاريخ اسرائيل، لأنها مبنية من عناصر التعصب والتطرف وغلاة المستوطنين. وأظن انها ستكون الحكومة التي ستقوض كل الاسس التي يمكن ان تعتمد في اي مفاوضات، قد تكون مع الفلسطينيين حول الحل النهائي، لان هذه الحكومة ستحصد جائزة كبرى من الرئيس الامريكي عند اعلانه بعد شهر رمضان، كما قيل عن صفقة العصر التي سيرفضها الشعب الفلسطيني رفضا قاطعا، مما سيوفر لنتنياهو فرصة استغلال الموقف لصالحه ويعلن عن ضم المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية لإسرائيل. وهنا سينجم وضع جديد، حيث يعني هذا التصرف استحالة قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وعندها ستلجأ اسرائيل الى احد الحلين: اما دولة واحدة من البحر الى النهر، وهو ما لا تقبله اسرائيل التي تعرّف نفسها بأنها دولة يهودية. والحل الثاني هو ان تتحول اسرائيل الى دولة فصل عنصري، كما كانت جنوب افريقيا في السابق. وهذا مغاير ومناقض لمنطق العصر، وطبيعة الأشياء، ولقواعد التطور، فالعالم لا يعود الى الوراء.        وعندما يصل حكام اسرائيل الى هذا المنحدر الخطير فان كل قواعد الصراع في المنطقة ستتغير، لان الاقليم العربي والإسلامي سيصحو ولو متأخرا على حقيقة التوسع الاسرائيلي على حساب الجيران من منطلق ان الشعب الفلسطيني ومعه كل شرفاء وأحرار أمته لن يسلّموا بالأمر الواقع الذي يفرضه المحتل بتشجيع ودعم من الادارة الامريكية التي تتحدى، وبأبشع الصور، المجتمع الدولي، مستغلة جبروتها العسكري والاقتصادي لتفرض العقوبات والحصار الاقتصادي على اية دولة تريد، بعيدا عن المواثيق الدولية او قوانين الشرعية الدولية التي اسهمت في سنها.

  ولا شك ان فلتان الوحش الامريكي، وبهذا الشكل المجنون، سيؤلّب عليه كل دول العالم تقريبا لأنه اصبح بلطجيا شرسا، يشكل خطرا حتى على حلفاء الولايات المتحدة الاوروبيين. وحين يشرب نتنياهو من حليب ترامب فان جنون الغرور سيصيبه حتما، وقد يوقع المنطقة في مفاجآت غير متوقعة وغير محسوبة، تفاديا لتقديم لائحة اتهام ضده. فالتفاهمات التي جرت بخصوص غزة هشة للغاية، بينما يهدد من يطالب بحقيبة الدفاع، افيغدور ليبرمان، بأنه سينهي وجود حماس في غزة ان عاد لتولي الوزارة مرة اخرى. وقد نسي هذا "الجدع" القادم من الاتحاد السوفياتي انه كان وزيرا للحرب في حكومة نتنياهو حتى خروجه مؤخرا وقبيل الانتخابات، وان صمود غزة هو الذي اطاح به، وهو الذي سيطيح به ان بقي على حاله راكبا رأسه، متوعدا مهددا ومنذرا.

  والتاريخ القادم لن يكتبه اولئك الذين مشوا في ركاب ترامب، كما مشوا في السابق مع كل مستعمر اراد شرا بمنطقتنا وبشعوبنا. وإنما ستكتبه شعوب هذه المنطقة، ومنها الشعب الفلسطيني البطل، والذي سيظل حيا وجذوة تشعل دروب الامة من محيطها الى خليجها.

  وهو التاريخ الحقيقي الذي سيكتب لأنه ما سيكون، فالحق وصاحب الحق هو من سينتصر اخيرا. وهذا تاريخ الانسانية شاهد على ما اقوله، لكن التشكيلة الوزارية القادمة في اسرائيل يبدو انها لم تقرأ التاريخ جيدا، وقد تلجأ الى مفاجآت قد تسوّغ الامر بادعائها انها تفعل ذلك لاستعادة حالة من الردع المفقود حاليا، والإمساك بزمام المبادرة من جديد.

  وهذا يعني خوض حروب في اكثر من جبهة، ظنًا منها ان الفرصة الآن اصبحت مواتية. لكن، وفي كثير من الاحيان، فان المفاجآت تحمل مفاجآت اخرى لم تكن بالحسبان..!!