|
|
|
سهيل ابراهيم عيساوي: قراءة في قصة زياد فوق جبل النورسالتاريخ : 2019-05-14 20:40:24 |"زياد فوق جبل النورس" قصة للأطفال من تأليف ورسومات ينز البوم، صدرت القصة في اللغة السويدية بعنوان ، JONATAN PA MASBERGET , وصدرت بطبعتها العربية عن دار المنى 1991 ، أما النسخة التي بين ايدينا ، صدرت عن مكتبة الفانوس ، قام بتحرير الطبعة : اياد برغوثي ومنى سروجي . القصة : تتحدث القصة عن ولد اسمه زياد ، قال والده أنه أذكى وأجمل طفل في العالم ، وأكد والده " عندما يكبر ربما يصبح مخترعا أو عالما عظيما " أما الأم فتجيب " يكفيني أن يكون زياد سعيدا في حياته " طار الأولاد الواحد تلو الاخر بأجنحة مهتزة ، وطارت سارة التي التقت عينيها بعني زياد ، شعرت بالحزن ، كذلك هو شعر من جديد بالحزن ،لأنه حبيس على الارض يراقب طيرانهم بحسرة . رسالة الكاتب : - يعيش بيننا العديد من الاشخاص لديهم اعاقة معينة علينا الالتفات لهم وتلبية احتياجاتهم . - الصداقة السليمة لا تموت ، سارة صديقة زيادة ليس من باب الشفقة ، بل صداقة انسانية خالصة ، قفد كانت تفكر به وتشتاق اليه ، وتحزن لحاله ، وعندما خطرت ببالها فكرة الطيران ، حالا جاءت الى منزل زياد ، نسيت انه صرخ في وجهها وطردها ، واخبرته بالفكرة بتلهف، وجندت أمها للمساعدة حتى تحقق الحلم وعندما نجح زياد في الطيران ، رافقته الى المدرسة ولعبا معا فوق السحاب ، ولم يفترقا ابدا . - يحاول البعض احباط أصحاب الاعاقات والاستخفاف بالأجهزة التي يستعينون بها ، والنيل منهم ، والتقليل من جهودهم ، اصحاب الاعاقات يتكبدون المصاعب من أجل مخالطة الناس وتذليل المصاعب لذا يجب تقدير جهدهم . - الثقة بالنفس غرسها والدي زياد في قلبه ، والارادة التي تسلح بها ، والايمان بانه ليس اقل من الاخرين ، هذه العوامل دفعت زياد الى ركوب التحديات غي مهتم بالمخاطر ، لم يخف زياد من محاولة الطيران ، ولم يهتم من تهكم الطلاب . - ما بحك جلد غير ظفرك ، هذا المثل ينطبق على كل انسان ، وبشكل خاص على أصحاب الاعاقة ، معظم الناس لن يلتفتوا الى احتياجاتهم ورغباتهم ، وطموحاتهم ، لأنهم ببساطة يجهلون عالمهم الخاص ، لذا وجب على أصحاب الاحتياجات الخاصة ، ان يتجندوا ويبحثوا بأنفسهم عن مطالبهم ويحققوا احلامهم ، من خلال البحث والتجريب وتجنيد الناس ، والدفاع عن حقوقهم واعطاء شرعية لوجودهم . - التميز والتفوق ، لأصحاب الاعاقات ، هذا سلاح يواجهون به المجتمع وقساوته ، من خلال فرض نفسهم بقوة ، من خلال تميزهم وتفوقهم على اقرانهم ، في مجالات عديدة ، مثل برمجة الحاسوب ، الرياضة بأنواعها ، الموسيقى، الغناء ، الكتابة الابداعية ، الشعر ، الهندسة ، الطب ، البحث العلمي ، وغيرها من المجالات ، من خلال تمسكهم بالعلم ، والنهل منه حتى الارتواء ، في القصة زياد ، قرر وحده تسلق الجبال ، والسير في الوديان ، وقطع النهر العميق ، وعرض نفسه للخطر ، من أجل ان يصل الى المدرسة ، ليتعلم ، لأن العلم غذاء الروح ، والاجنحة التي تحلق بها الانسانية بعيدا .والمخزون الحضاري الذي لا ينضب. - البحث عن شركاء ، القصة تحث أصحاب الاعاقات الى البحث عن شريك جدي ، لديه الضمير الحي ، ولديه الوعي ، والمسئولية اتجاه اطياف المجتمع ، في القصة ظهرت سارة ووالدتها والرجل العجوز ، الذين ادركوا قبل غيرهم ضرورة الانخراط والمساعدة ، من اجل رسم الابتسامة المفقودة على وجه زياد ، وفعلا نجحوا وحلق زياد بعيدا ، واندمج في مدرسته واخذ على عاتقه بناء وتصميم الجسور ،والادراج ، لأنه تذكر رحلته الجبلية الشاقة. - تحمل المشاق ، زياد تحمل المشقة ، وقطع مسافة كبيرة محفوفة بالمخاطر ، الانزلاق من الجبل ، الاصابة ، الغرق في النهر ، الوحدة ، الضياع ، وحتى عندما وصل اسفل الجبل الذي تختضن قمته الشاهقة المدرسة ، اراد ان يبكي ، لكنه تمالك نفسه ، وافرغ غضبه بركل حجر الى الجبل ، وعندما عاد الى البيت وجد امه قلقة وخائفة ، خشيت عليه من الغرق ، تظاهر زياد ، بان الأمر كان سهلا ، بانه وجد طوفا وعبر من خلاله النهر ، مهم جدا ، ان يبث صاحب الاعاقة للغير صورة ايجابية عن ارادته ولا يظهر انكساره ، كي ينهض دوما من جديد . - تحذير من الشفقة : الشخص الذي يعاني من اعاقة ، لا يحب أن تصاحبه وتلعب معه ، من باب الشفقة ، هذا الامر يشعره بالمزيد من الحزن والقلق، يحب ان تصاحبه من أجل الانسان النابض في قلبه ، من أجل شخصه ، من أجل مواهبه ، من أجل خصاله النبيلة ، من خلال صداقة متوازنة ومتبادلة، بالرغم من سارة كانت تحترمه وتقلق عليه وتلعب معه ، وهي الوحيدة التي ظلت على علاقة معه تزوره بعد عوتها من المدرسة ، عندما ظن انها تصاحبه من باب الشفقة ، طلب منها أن تطير الى مكان اخر ، لكنه شعر بعد مغادرتها بالمزيد من الوحدة . - الحكمة عند كبار السن : الرجل العجوز الذي ظهر بالقرب من المدرسة ، ايضا هو مثل زياد لا يطير ، بسبب ضعف جناحيه ، لكبر سنه ، نطق بالعديد من الحقائق المؤلمة والصادمة: " لا، ابدا . هناك العديد الكثيرون مثلنا ، لكن الاخرين ممن يحسنون الطيران لا يروننا ، اننا نعيش كالأشباح هنا على الارض " ص17، " ان الذين يقررون هذه الامور لا يتفهمون حال الذين لا يستطيعون الطيران مثلنا " ص17 ، " انت ولد ذكي ، لكن حين يهرم هؤلاء الذين يتخذون القرارات الان ، سيحل مكانهم اخرون يتخذون القرارات بدلا عنهم " ص18 ، هذا الرجل العجوز يحمل الحكمة في طيات العمر المديد ، غير متفائل من أن اصحاب القرارات سوف يأخذون بالحسبان الفئة التي تعاني ومصابة بعجز جسماني بسبب الهرم ، او الذين ولدوا منذ الصغر مع عجز معين ، لانهم خلال تواجدهم في صناعة القرارات لا يشعرون مع الاخرين ، وعندما يخرجون الى التقاعد يدخل مكانهم دم جديد وتكرر الحكاية نفسها ، هنالك حاجة ماسة لتغيير أنماط التفكير داخل المؤسسات والحكومات ولدى الأفراد وخاصة صناع القرار . ويجب أن يهتم المجتمع بكبار السن لأنهم هم ببساطة من عمر البلاد ومن ضحى بالغالي والنفيس من أجل الأجيال القادمة ، لكن الاجيال الشابة عندما تسلم مقاليد الحكم والقرار ، لا تفكر بالرعيل الاول ، بالأساس لا يفكرون بأنفسهم عندما يتقدم السن بهم . خلاصة : قصة زياد فوق جبل النورس ، للكاتب السويدي ينز البوم ، قصة جميلة ، رسوماتها جميلة ، تعالج موضوع حساس ، وهو دمج اصحاب الاعاقات في المجتمع ، تجسد معاناتهم اليومية ، معاناة الأهل ، الحوار الداخلي القاسي الذي يدور في نفوسهم الصراع الداخلي ، الاسئلة التي تجول في خاطرهم دون توقف، كيف يعاملهم المجتمع ، كيف يعرض عنهم معظم الاصدقاء ، كيف يواجهون الصعاب والتحديات ، كيف يواجهون سخرية اترابهم ، ايضا هنالك اناس دائما ايديهم ممدودة للخير والمساعدة ، كما تكشف القصة قصور المؤسسات الرسمية ، كيف ترى اصحاب الاحتياجات الخاصة مثل الاشباح ، لا تجهز لهم المرافق الخاصة ، كذلك اصحاب القرارات لا يجهزون البنية التحتية بحيث تخدم اصحاب الاعاقات ، لكن من المهم ان يزرع الأهل بذور الثقة في نفوس الابناء يشحذون هممهم بالمعنويات العالية ، يشجعونهم على العلم والصبر والمثابرة ، كذلك هنالك مسئولية كبيرة تقع على عاتق اصحاب الاعاقات انفسهم ، في نشر التصميم على النجاح واقتناص الفرص والمثابرة من اجل تحقيق الحلم ، والتكاتف مع الاخرين من اجل تحقيق الاهداف ، وعلى كل منا ملقاة مسئولية في دعم وتمكين ودمج اصحاب الاحتياجات الخاصة داخل المؤسسات المختلفة ومساعدتهم على تذليل الصعاب وتحقيق ذاتهم ، ومنحهم الفرصة على التميز وعدم اتباع سياسة الاقصاء ، لأصحاب الاحتياجات الخاصة الحق في حياة كريمة ، الحق في العمل ، الحق في التعليم ، والحق في التمثيل في كل المؤسسات بما فيها المؤسسات العليا .
تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |