محمود تيسير عواد: قواسم مشتركة مفقودة

التاريخ : 2019-05-17 08:16:48 |

قنابل موقوتة.

في البداية.

لم نعد نعير كما في أيام مضت ، او حقب قد سلفت، اشهرنا المباركة، ولا أيامنا الخاصة أي اهتمام يذكر، بل باتت أيامنا مجرد تحصيل حاصل ، لا يزينها رونق خاص، ولا يوحدها طابع روحاني حقيقي، على الرغم من اداءنا للشعائر الدينية، وللطقوس المتعارف عليها ضمنا، من باب اسقاط الواجب ليس الا .

 هذا حالنا.. في الوقت الذي استمرت عمليات الترصد والمراقبة، دون توقف ، بل وازدادت وارتفعت نسبة الاجرام والعنف، مع حلول الشهر الكريم الحرام وخلاله، الى لحضه اعداد هذا المقال، بل في الوقت الذي بقينا من المتباهين بتكافلنا وتراحمنا وتزاحمنا واشهارنا لإخراج زكاة اموالنا على غير المألوف، ولا المعتاد ،حيث امر بالتستر والستر ابان فعل الخيرات وإخراج الصدقات.

لم اكن الوحيد الذي انذر بانفجار تلك القنابل الموقوتة، بواسطة فتيل حالات الاحتقان التي يعيشها الشارع العربي في الداخل من اقصى جنوبه ، الى اقصى شماله ، والذي يغلب العنف المستشري على طابعه .والذي ما افلحت كميات الانارة الهائلة التي أضاءت حاراته وازقته،  عشية حلول رمضان الكريم من الحد او إيقاف كميات السواد والحقد والحسد للأسف المتراكمة في قلوب الكثير من جماهير هذا الشارع، بفعل الاحباطات ربما، التي سببتها خيبات الامل الكثيرة والغصات المتلاحقة التي تلطم قلبها الموجوع، بعد ان أصبحت بلا بوصلة تهديها شاطئ الأمان الفكري او الديني او الاقتصادي او السياسي، الكفيل بتوفير القليل من الطمأنينة في قلوبها لها، ولأجيالها الصاعدة  أخيرا  

لست سوداوي النظرة ، او من المتشائمين الذين يعملون على تهبيط العزائم لا سمح الله ، ولكني كنت ولا زلت اجتهد على وصف الحال الذي وصلت اليه مجتمعاتنا العربية في الداخل بكل موضوعية، والتي اصبح الاحتكاك والاقتضاض السكاني وزحمة السير من مولدات شحنات العراك المتوقعة، والمتزايدة في شهر الصيام بعد ان  فقد من داخلها وصميمها صمامات الرحمة والعفو والصفح كما تنص عليه تعاليم هذا الدين وهذا الشهر بالذات.

خطر المكبات وتراكم النفايات.

بلطف من الله وعنايته، تم السيطرة على حريق مخيف كان قد اندلع بداية هذا الأسبوع في مكب للنفايات يكاد يكون من القنابل الموقوتة التي تعج بها ام الفحم، والموجود في قلب احياء سكنية.

"الجرة لا تسلم في كل مرة" على راي العوام، ولما كان الشارع الفحماوي بكل مقدراته وقياديه قد وجه نداء استغاثة للجم النيران المستعرة ، كان لسان المواطن الفحماوي وانا منهم، يوجه الكثير من التساؤلات التي لا اجد أي أجوبة مقنعة لها ، اعود بها الى الناس التواقة مثلي لإجابات واضحة  عملية ، لا تمويه ولا إخفاء للحقيقة فيها ، منها لماذا هذا المكب موجود الى يومنا في قلب احياء سكنية مكب يعج بالأخطار البيئية والصحية والتي تعود بمخلفات كارثية كما حدث مطلع الأسبوع ، وثانيها اين هي محطة الإطفاء الثانية التي من الواجب ان تكون في اطراف هذه المدينة مترامية الأطراف ،  لأجل التعامل مع  مثل هذه الحالات بسرعة ويسر بمكان الانتظار ساعات الى حضورها مارة بأزقة وحالات سير خانقة تعرقل وصولها الى مكان الحدث ،   لتفادي وقوع كوارث مستقبلية،  ثم اين هي غرفة الطوارئ البلدية  التي من المفروض انها مزودة بمعدات ثقيلة وكوادر مدربة  كفيلة بمجابهة هذه الاخطار مستقبلا .

قد يجدني البعض مبالغا  ، ولكن تكدس النفايات وحاويات القمامة ونحن على اعتاب صيف لافح تكاد تكون من القنابل الموقوتة التي من المفروض احتمال انفجارها ببعوضها ومكارهها الصحية، كنت قد توجهت الى عيادة المرضى في حي المحاجنه منتصف هذا الأسبوع حين استوقفني احد معارفي معاتبا على اثر مكاره صحية وروائح منتنة تفوح من الحاويات المقززة بقرب المكان متسائلا بغصة ومرارة هل تلمح أي تغيير على احوالنا او أحوال البلد ، اين هي البلدية وقسم صحتها وطواقمها التي تحرر المخالفات على جمهور السائقين وبصراحة إزاء هذه الاسالة من هذا المواطن كان الصمت المطبق وقتها سيد الموقف

كان الرئيس سمير محاميد يتحدث عن ثقافة الا ثقافة ولا اجد صراحة أي تعارض والثقافة وتطبيق القانون بحزم ضد من استولوا على الأرصفة بنفاياتهم ومخلفات بناءهم ، ارفعوا حاوياتكم عن الأرصفة المعدة لأمان أطفالنا... فإماطة الاذى  من طريق الناس، شعبة من شعب الايمان ..

ساعر وضجة الحبيب العربي.

لا تستهويني صراحة هذه المواضيع التي تمس حياة الناس وعلاقتها الخاصة فلكل فرد حر بالغ عاقل مكفولة حرية العبادة وعلاقاته الاجتماعية، ولكنه اصبح من الواجب ان نكتب عن هذه المواضيع والنعرات العرقية المبنية على أسس عنصرية لا تمت الى حرية الفرد وكرامته بصلة، بل كان الهدف من اثارتها المس بكرامة المواطن العربي الذي يعيش فوق هذا الأرض منذ الاف السنين

متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا  وما علاقة الخصومة السياسية المستعرة بين الوزير السابق البارز في حزب الليكود ورئيسه الفاسد الحالي المكلف بتشكيل حكومة يمينية متطرفة للمرة الخامسة على التوالي وحياة ابنته الشخصية وارتباطها بممثل عربي ؟ ام ان الارتباط بالعرب بات جنحة يعاقب عليها القانون، كما يحاول فعله مثيري الفتن والنعرات الدينية الطائفية من المتشددين اليهود، او العرب في هذه البلاد المبنية على التسامح الديني منذ عقود طويلة

لكل فرد حرية سلوكه وتوجهه وارتباطه دينيا واجتماعيا  ، ولما كان الشارع الإسرائيلي يشهد انقساما  في اوج هجمة شرسة على المؤسسة القضائية ، وجد المواطن العربي المترنح في خضم شرخ ازمة هوية صارخة، نفسه في مقدمة المواجهة من جديد لا تسعفه شهاداته وخدماته الطبية او الاقتصادية لهذه الدولة ، ولن تسعفه توسلاته بالمطالبة بحقوقه المشروعة وميزانيته المفقودة مستقبلا ولو اعلن ولاءه لسلطة القانون كل صباح ومساء ، مع العلم ان الأيام القادمة ستكون حبلى بأحداث التي من شانها تشديد الخناق على كل تواق للعيش بكرامة وفق سلطة القانون الاخذة بعض الجهات بالعمل على الحد من صلاحيته مستقبلا

في تغريده له، كان الوزير والقيادي في حزب الليكود جدعون ساعر والذي لم يخف اراءه المتطرفة ضد العرب يوما كذالك،  قد وجه نداء بالكف عن التدخل السافر بحياة ابنته الشخصية، والتي تربطها علاقة حب بممثل عربي إسرائيلي ، تدخل سافر باعتقادي لن يفلح في وقف بوادر التصالح وتعزيز روح الحياة المشتركة ، فوق هذه الأرض، والتي من نتاجها مثل هذه الارتباطات الجدية.