احمد كيوان: استفتاء "فص الغفلة"..!

التاريخ : 2019-09-13 09:30:57 |

لا ادري ان كان هذا هو "التغيير" الذي بشرنا به رئيس بلدية ام الفحم د. سمير صبحي، ونادى به هو وغيره من القوائم التي ظنها البعض جدية وجادة قد تصل الى مستوى طموحاته.

لكن كل من يراقب الاوضاع عن كثب لا يشعر بهذا التغيير المأمول، لان الصورة الماثلة امامنا لا توحي باي تغيير يذكر. فالذي كان لا يزال سائدا، وادارة البلدية الحالية كغيرها من سابقاتها تقوم بتصريف الاعمال زحفا على البطون، لأنها اصطدمت بجدار الواقع، وادارة ام الفحم ليست ادارة مدرسة لان ام الفحم بحاجة حقا وحقيقة الى قيادة شجاعة ذات بعد نظر وليس الى مجرد تصريف الاعمال، لان هذا قد يقوم به موظف قد يكون ناجحا في تصريف الاعمال. غير ان هذا ليس ما تحتاجه ام الفحم، وانما الى القيادة التي تستطيع ان تكون عند حسن ظن الجماهير بها. وقد يظن البعض انني اتحامل على الادارة الحالية من منطلق المعارضة لها. واود ان اوضح في البداية انني لست معارضا لاحد وانما المختلف عن الآخرين. ولكي اكون منصفا فإنني لا ارى شيئا يدل على اي تغيير ايجابي يحدث في ام الفحم، وان كان يبدو ترقيع هنا وهناك لإصلاح اخطاء من سبقوا د. سمير صبحي، وكلهم من نفس التيار الذي جاء به. فتوسيع الدوار الاول والعمل على اقامة دوار العيون لا يمكن ان نعتبره إنجازا، لان التخطيط السليم كان يتطلب في حينه الاخذ بنظر الاعتبار متطلبات المرحلة القادمة. وإذا أردنا ان نسمي اعادة العمل مرتين، حتى نخفف بعض الضغط، انجازا فنحن نعيش في عالم آخر.

ومن اغرب الاشياء ان خرجت علينا بلدية ام الفحم مؤخرا، معلنة عن اقامة "استفتاء" يوم 17/9/2019. وهو نفس تاريخ الانتخابات العامة في إسرائيل. وقد بشّرونا ان هذا "الاستفتاء" الموعود يتركز حول: هل انت مؤيد ام معارض للهوائيات؟ ولا أدري كيف قفز موضوع الهوائيات الآن الى مسامع ادارة البلدية، مع ان الحديث عن الهوائيات يدور محليا وقطريا منذ عقود من الزمن. وحدثت هنا وهناك في بعض البلدات العربية مناوشات لاقتلاع هذه الهوائيات، بادعاء انها تسبب مرض السرطان. ولم اسمع في الأشهر، وحتى في السنوات الأخيرة، ان هذا الموضوع بهذا الحجم من الخطورة ويستدعي منا اتخاذ اجراءات طوارئ، كما يوحي قرار البلدية بإجراء استفتاء حول هذا الموضوع.

في البداية اريد ان اسأل: ما هو الدافع وراء تلك الملصقات الداعية للاستفتاء، والتي تملأ شوارع وحارات ام الفحم ممهورة بصورة لرئيس البلدية، وهذه الصور عادة ما نراها في الدعاية الانتخابية؟ اريد ان اسأل وبحق: ما الذي دعا د. سمير صبحي ان تزيّن صورته المبتسمة تلك الملصقات؟ وعلى حساب من هذه الصور وتلك الملصقات؟ وهل يجوز ان يموّل دافع الضرائب الفحماوي هذه الملصقات وتلك الصور على حساب صرفها في مكان تستحقه؟

ومن حقنا ان نسأل رئيس البلدية: من الذي اوحى له بهذا "الاستفتاء" الباطل، والذي لا قيمة له ولا معنى؟ فالاستفتاءات التي تحدث في الدول انما تتم لأمر هام جدا.. لإعلان دستوري او لتعديل الدستور. وكانت تحدث في الدول الشمولية من اجل الاستفتاء على شخص رئيس الدولة. والدول حين تقرر اجراء استفتاء ما يصدر قانون بذلك، وليس مراعاة لمزيج هذا او ذاك. والاستفتاء هو يوم انتخاب حقيقي، وليس مجرد صورة هزلية او عبثية يمكن للشخص الواحد ان يدلي برأيه عشرات المرات، طالما لا توجد ضوابط قانونية ولا تخضع للرقابة الرسمية. ثم من قال لنا ما هي الآلية التي بحوزة رئيس البلدية حتى ينفذ نتائج استفتائه؟ وهل لديه المسوغات القانونية لفعل ذلك، ام ان الامر مجرد ملهاة حتى يخرج ويقول في المستقبل انني حاولت ان احارب الهوائيات لكن ذلك لم يتيسر لي؟ اليس من حقنا ان نسأل في هذا السياق: لماذا اختار رئيس البلدية يوم الانتخابات التشريعية العامة لاستفتائه؟ وهل هي محاولة منه لعرقلة هذه الانتخابات في ام الفحم لأسباب قد يعرفها هو ومن اوحى له بذلك، ام انها مصادفة بريئة جاءت كتحصيل حاصل؟

على اي حال، فإن الفحماويين ما كانوا اغبياء، ولن يكونوا. وهم قادرون ان يميزوا بين الغث والسمين، ولن يقبلوا ان يضحك احد على ذقونهم. فالفحماوي يمهل ولا يهمل، وعلى كل من يهمه الامر ان يعيد حساباته وان لا يتمادى، فهذا البلد ليس مزرعة لاحد، وسيظل محافظا على اعرافه واخلاقه، امينا على موروثه النضالي المشرف.

انها ام الفحم، ام القرى، ام النضال ام المحبة والتآخي، وشرف لنا ان نكون فحماويين..!!