|
|
|
الكاتبة والروائية المصرية وفاء شهاب الدين: الجوائز الأدبية ليست منزهة عن المصالح ولا توجد معايير واضحة لهاالتاريخ : 2019-10-13 21:11:18 |حاورتها: نهلة النمر
ـ تجربة الانفصال عن رجل شرقي من أسوأ التجارب التى يمكن أن تعيشها امرأة ـ أعترف أنني أخطأت فى مجموعتى القصصية "رجال للحب فقط" ـ الفتاة فى الريف تدرس وتتعلم لتحصل على الزوج المناسب
"رجال للحب فقط " عنوان صادم خرجتِ به على القارئ فى أول عمل لك، فهل هناك رجال للحب فقط؟
كما أن أغلب من هاجمنى وقتها لم يقرأ العمل وحكم عليه من العنوان فقط، لأننى فى هذه المجموعة كنت فى الأساس أنتصر للرجل لا للمرأة؛ تصورى!! فإذا كانوا فقط أعطوا أنفسهم وقتًا للقراءة والفهم، ربما كان وقف بعضهم فى بجانبى بدلاً من محاربتى. " بربرية رغم محاولاتى التحضر، حين أحب أحرق كل مراكبى نشدانا لدوام الوصال، وأقف على شواطئ الفراق أبكى طيشى وتهورى وأتمنى مركبًا ضالًّا يقلنى حيث عالمى؛ لأكتشف أخيرًا أن لا عالم لى يشبه عوالم الآخرين، ليت لى قلب آخر حتى إن أتلف الحب قلبى استنجدت بالآخر". من روايتك "تذكر دوما أننى أحبك" . إن كانت تلك نظرتك للرجل، لماذا مازلتِ تكتبين عن الحب حتى اليوم؟ وما دخل الرجل بالحب !! سوف تظل المرأة تنشد الحب حتى لو كفر به الرجال، الحب بالنسبة لأي امرأة هو مشعل الروح والهدف الوردي الذي تظل تبحث عنه طوال حياتها، عن نفسى للأسف في سنوات مراهقتي لم أحصل على الحب وإلى الآن..ربما توهمتْ الحب أحياناً، لكن الحب لم يكن يوماً سوى وهم جميل نجمّل به حيواتنا الكئيبة، الحب كما نكتبه في الروايات لا نلتقي به إلا صدفة، وإن التقينا به ينتهي بسبب غباء الآخرين وبسبب إلى هذا الحد كانت تجربة الزواج مؤلمة فى حياتك؟ طبعاً؛ إذا كان ما يغرسونه فينا منذ البدايات أن تكون قمة طموح الفتيات في مجتمعنا الريفي هو الزواج، ففى الريف الفتاة تدرس وتتعلم لتحصل على الزوج المناسب، ولا يهم التحقق أوغيره، هنا ليس ثمة فرصة للحب، فأي بصيص له تقع عليه عين المجتمع ينتهي بفضيحة لا تليق بأصحابها، لذا ظللت أنتظر الشخص المناسب الذي سيطرق الباب ليرى العروس كسلعة تعجبه أو لا..كنت تحت رحمة التقاليد فرضخت لها واخترت الاختيار الخطأ الذي انتهى بانفصال وطفل تمسكت به كما يتمسك المرء بوجوده، وقررت أن أعيش له وللكتابة، الرجل المناسب لا يتزوج امرأة لمجرد إعجابه بمظهرها الخارجي، لايقتنع بامرأة رآها مرة واحدة وقرر على أساسها الاقتران بها..هذا اختيار سطحي لا يليق برجل مثقف وأيضاً لا يليق بامرأة تحترم أنوثتها وكيانها. إذا كان هذا عن الزواج بالرجل الشرقى!! فماذا عن تجربة الانفصال عنه؟
وماذا عن الأمومة مع المرأة المصرية من خلال تجربتك؟ الفتاة تولد أُمًّا، ونحن فى مجتمعاتنا الشرقية نغذى هذه الأمومة ونمارسها حتى قبل أن يصبح لنا أبناء، فأنت أم أبيك وأخيك، غريزة الأمومة هي الأساس وباقي الغرائز يمكن تكييفها حسب التقاليد والظروف، الأمومة غريزة مقدسة تدفع المرأة إلى التخلى عن كل شيء في مقابلها، قد أدفع حياتي مقابلاً لوجود فتاي في حياتي وعدم التخلى عنه، فقد ضحيت شبابي وحياتي وقلبي من أجله وإن عاد بي الزمن لاخترت نفس الاختيار. "أنت أم أبيك وأخيك"، ماذا عن أبيك وأخيك أنتِ؟
كيف أهدأ بعد رحيل أب عندما أخبره أحد أشقائي بأن ابنته تكتب قصصاً فى الحب ما كان منه إلا أن قال:"مشاعر نبيلة لا يمكن أن يتجاهلها سوى جاحد"..فكان ردُّه هذا خط دفاعى الأول فى احترافي الكتابة دون خوف ..أما والدتي فقد ظل قمرها يتواري خلف شمس أبي إلى أن وجدت نفسي وحيدة، حينها قررتْ مساندتي في طريقى ضاربة التقاليد فى عرض الحائط وطوله أيضاً. فى عام 2018 كيف أصبحت نظرة نساء القرية لمن يكتبن عن الحب؟ الكتابة عن الحب والحب نفسه ما زالا خطيئتين فى المجتمع الريفى لا يمكن غفرانهما، فالمبدعة في الريف عمومًا امرأة خرجت على أخذنى الحديث معك إلى الرجل والمرأة والحب وابتعدنا عن الإبداع!! بالعودة إلى الكتابة والكتّاب؛ رواية "طوفان اللوتس" رواية خاصة جداً فى حياة الكاتبة وفاء شهاب الدين، لماذا؟ "طوفان اللوتس" هي أرق وأرقى وأجمل ما كتبت، رفضت نشرها لقرابة الثلاثة أعوام إلى أن منحتها لمجموعة النيل العربية والتي قدمتها بشكل يليق بها ورشحتها لجائزة البوكر، وحازت محبة القراء وإعجابهم لتصبح من أكثر الكتب مبيعًا. تمزج "طوفان اللوتس" بين الروح الحضرية والريفية بين عالم المدن المليء بالكتل الخرسانية وعالم الريف المليء بالخضرة والماء والجمال، تمزج بين الروح العصرية وبين روح المصريين القدماء والتي تتمثل في الملك الفرعوني "حور" والذي أتى من خلف العصور ليستعيد زوجته وحب حياته الملكة "نفر" والتي تعيش الآن في صورة فتاة عصرية وتدور كل الأحداث المبهرة لتنتهي الرواية نهاية غير متوقعة.
المجتمع الثقافي جزء من المجتمع ككل ورغم كل المسئوليات التي تقع عليه من تثقيف المجتمع وحمل همومه والدفاع عن قضاياه إلا أنه في النهاية جزء من المجتمع، جزء من ثقافته ومبادئه وأخلاقه ومشاكله أيضاً، طالما تردى المجتمع لن نشهد منه إلا تردياً، التحرش قضية شائكة مخجلة خاصة إن أتت من الطبقة المسئولة عن تربية الضمير لدى العامة، نحن نعيش أزمة ضمير حقيقية بالنسبة للمجتمع عامة وللوسط الثقافي خاصة، معاملة المرأة كأداة متعة من السهل أهانتها واستغلالها وتجريدها من الكرامة عار على الإنسانية. وعلى الدولة تفعيل القوانين التي تحمي المرأة وتجرم المساس بها وتعتبره جريمة كإهانة الدولة..قد أتفهم حيوانية الرجل وعنجهيته ورغبته الملحة في إيذاء المرأة الناتجة عن ثقافة المجتمع البربري العنصري، لكنني لا أفهم كيف يمكن لامرأة أن تستغل رجلاً..لذلك لابد أن يعالج المجتمع حتى لا يصدّر لنا مثل هده الآفات الغريبة! التي تنافي الحس الانساني كيف تتعاملين مع الشللية فى هذا الوسط؟ حين بدأت رحلتي مع النشر وفي بدايات سفرياتي المتقطعة للقاهرة نصحني أحدهم ألا أتعامل مع مبدعي وسط البلد في القاهرة أبداً، ومنحني عدة قصص أثارت الرعب بقلبي، فتعاملت مع نصيحته بكل الجدية وابتعدت عن الشللية في الوسط الثقافي، رغم المميزات الكبيرة التي توفرها لأعضائها، وأكتفيت بأن أعمل على مشروعي الأدبي دون مساعدة، أفخر أنني أعبّر عن هموم النساء بعيدًا عن أي مكافأة لا تأتينى بشكل يرضينى، يكفيني رؤية كتبي بين يدي القراء، وأنني صعدت السلم وحدي وأنني حين أصل لن يتمكن أحد من زحزحت. كيف أحوال الجوائز الأدبية معك؟ لا أهتم بالجوائز الأدبية كثيرًا فهي ليست منزهة عن المصالح ولا توجد معايير واضحة للاختيار؛ لذا قد نجد كاتبًا قد فاز بجائزة لم يتقدم إليها أصلا، أو شاعرة فازت بجائزة كبيرة كانت قد سبق وتقدمت إليها وبنفس العمل العام الفائت ولم تفز ..لا أعتقد أنني قد أحصل على واحدة منها أو حتى أننى سأسعى للحصول عليها، فجائزتي هي القراء. مبدعو الألفية الثالثة (10) ظلت مسألة الأجيال فى الحياة الأدبية فى مصر هى العناوين الأبرز فى الدراسات النقدية لسنوات طويلة. كأن نقول "جيل الستينيات" و"جيل السبعينيات"... ، ونحمّل كل منها ملامح خاصة وربما جينات تفصله عمن سبقه أو من يليهفتظل هزيمة 1967 رفيقة درب لكتابها، ويبقى جيل الثمانينات عالقاً فى المنطقة الرمادية التى طالما وصفوه بها. وعلى الرغم من أن العالم اتفق على أن عمر الجيل ثلاثة وثلاثون عاماً، إلا أن تقسيم الأجيال الأدبية فى مصر جاء بالعشرات، وهوما يمكن أن نعده أمراً ساذجاً. ومن يتابع المشهد الأدبى فى مصر الآن، يلحظ أن ثمة تجاوراً وروابط مدهشة قائمة بين الأجيال من المبدعين، فى مشهد يكرس لأن البقاء للأجمل، وللقدرة على تقديم إبداع عمره جديد وليس عمر صاحبه. فيمكن أن يظل كاتب واحد يتصدر المشهد لعقود بناء على قيمة ما يقدمه، بينما يمكن أن يظل المشهد فارغاً لعقود طويلة. تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |