قد أدارَ الحلقة الدراسية المحامي والأكاديمي علي حيدر، وقدّم الكتاب على أنهُ يحملُ أهميّات كبيرة؛ معرفيّة وسياسيّة. وطرحَ بأن الكتاب مُهم لجميع المجالات البحثية في العلوم الاجتماعية والانسانية، وبالتالي يُقدر مجهود مدى الكرمل، التي بادرت لتنظيم هذه الحلقة الدراسية.

وافتتحَ الندوة الدكتور مهند مُصطفى بمُداخلةٍ فيها عدّة أطروحات حول الكتاب؛ أطروحته الأولى حول الكتابةِ ذاتها ومفاهيمها، يُناقش أشكال الكتابةِ؛ التاريخيّة، العلميّة، الذاتية والخ... ويطرحُ بأن منظورنا لشكلِ الكتابِة عند الشيخ رائد صلاح، عليها بأن لا تنحاز للمقولات الأورومركزيّة، التي لا تنظرُ إلى السيرة الذاتية، كتاباً تاريخيّا أكاديميّا، بل يُناقش الدكتور مهند بأن أهميّة الكتاب التاريخيّة وشهادتهِ على الماضي، والحدث، هي التي تُقرر بأن الكتابةِ تاريخيّة وعلميّة ومُعتمدة.

الأطروحة الثانية التي يُناقشها الدكتور مهند مصطفى، بأن الكتاب يُعبّر عن وثيقةٍ تاريخيّة للحركةِ الاسلامية بالداخل (المحظورة اسرائيليا)، وذكرَ بأن هذهِ من أولى الوثائق التي تتحدّث عن الحركة الاسلامية بالداخل، ويُقارنها في الاخوان المُسلمين في مصر، على أنها أنتجت وثائق تاريخيّة، بعد أعوامٍ قليلة، بالتالي أهميّة الكتاب للشيخِ رائد صلاح، على أنهُ قائد الحركة الاسلامية وقد أنتجَ وثيقةً تاريخيّة عن ذاتهِ وعن تداخلِ حياتهِ بالحركةِ الاسلامية في اسرائيل.

أطروحتهِ الأخيرة، تحدّث فيها عن المعنى الاجتماعي للحظرِ، العلاقات والممارسة التي تُشكلها الحركة الاسلامية في اسرائيل عبر مشروعها في القُدس، هي التلاحم الاجتماعي وبالتالي سياسيّ مع المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ. هذهِ العلاقات التي تشكّلت منذُ بداية الحركة الاسلامية في اسرائيل، هي ربطت الفلسطيني في "داخل الخطّ الأخضر" مع الفلسطيني "خارج الخط الأخضر" وهُنا برزت الأزمة عند المؤسسة الاستعماريّة تجاهنا، ورفضِها لهويّتنا ووجودنا الفلسطيني. وعلى إثر ذلك تم حظر الحركة الاسلامية تحت قيادة الشيخ رائد صلاح.

وتحدّثت الباحثة عرين هواري؛ عن اهمية الكتاب في دراسة الحركة الاسلامية حيث يقدم مادة هامة للباحثين والباحثات في هذا المجال، واعتبرت ان الكتاب يحمل ابعادا انسانية وسياسية هامة في حياة الشيخ رائد صلاح، مؤكدة انها لامست احترام الشيخ رائد لدور المرأة وتقديره لها في العمل الاسلامي، وفي النفس اوضحت انها رأت من خلال الكتاب ان الحركة الاسلامية المحظورة اسرائيليا لم تتقدم في دمج المرأة في المجال السياسي التنظيمي كما حدث هذا التقدم لدى الحركات الاسلامية في العالم العربي، واستحضرت في هذا السياق اطروحتها للدكتوراه التي قابلت بها نشيطات اسلاميات من التيار الاسلامي واللواتي عبرن عن مواقف متباينة في قضايا اجتماعية تشير الى التعددية في صفوفهن، وفي نفس الوقت عبرن ان الحيز الذي منحته لهن الحركة الاسلامية للخروج للحيز العام حتى في اطار غياب تمثيلهن في الاطر القيادية في الحركة الاسلامية.

تستنتجُ الباحثة عرين هواريّ بأن الحيّز العامّ الذي حققتهُ الحركة الاسلامية لم يكن أمراً عابراً أو مسألة محسومة، بل هو إنجازٌ حقيقيّ لفتحِ قنواتٍ للنساء للمُشاركةِ الاجتماعية والسياسيّة في الحيّز العمومي. بالتالي أثرُ الحظر الاسرائيلي كان على آلاف النساء بالداخل، لسببِ حرمانهنّ من إمكانياتهنّ للعبور إلى الحيّز العموميّ.

وفي نهايةِ الندوة قد شارك أنطوان شلحت بمُداخلة، يرى بأن الكتاب ينتمي الى الادبيات التي تحاول ان تقدم سردية جماعية لا يكون فيها تمجيد للكاتب نفسه، وهذا امر مميز للكتاب، ويُناقش شلحت بأن السياسات الاسرائيليّة منذُ عام 2000 والهبّة الشعبيّة بالداخل الفلسطيني، في سياق الانتفاضة الوطنيّة الثانية، هي بدأت بتطبيق استنتاجات "لجنة أور" التي حدّدت بأن الحركةِ الاسلامية والشيخ رائد صلاح أحدُ الأسباب فيما حدث، اضافة الى التجمع الوطني الديمقراطي وقائده الدكتور عزمي بشارة، كونِها العلاقات التي تشكّلت بين الفلسطينيين في "داخل الخطّ الأخضر" مع القُدس والمسجد الأقصى منذُ بدايات الحركة الاسلامية، لذلكَ قد تمّ تكثيف المضايقات والملاحقة إلى أن تمّ حظرُها. وفي النهاية قام المشاركون بتقديم مداخلات وتساؤلات حول الكتاب والمحاضرات.