|
|
|
الساعات الأخيرة من حياة الأسرة المالكة في العراق: المجزرة (3 والأخيرة).. بقلم: تميم منصورالتاريخ : 2020-02-12 13:17:28 |أثناء اجتماع أبناء الأسرة المالكة في الحجرة الخلفية للقصر ، استمعوا الى أحد قادة الثورة الزعيم الركن "عبد السلام عارف" يعلن من اذاعة بغداد عن مقتل جميع أفراد الأسرة المالكة ، ويستفز المواطنين للهجوم على القصر ، وما لبث أن بدأ ازيز الرصاص يقترب من حجرات القصر، وشوهد جنود وضباط من غير أفراد الحرس الملكي يتقدمون في الحديقة نحو القصر ، إذ أن ضباط معسكر الوشاش بعد ان تم لهم الاتصال بقائد الحرس الملكي" اليامري " ، عمد الى اصدار الأمر الى جنود الحرس الملكي بالتوقف عن المقاومة، وعندئذ تقدم المهاجمون من جهة طريق الشام ودخلوا الحديقة ، وتقدم ضباط معسكر الوشاش الذين كانوا يحيطون بالقصر من مدخله الرئيسي ، فوقف الرئيس عبد الستار السبع وهو يحمل رشاشاً بينما دخله آخرون بسلاحهم وهم يسألون الواقفين في البهو : أين هم ؟ أشاروا الى الغرفة الخلفية ، فتقدم ثلاثة منهم واقتحموا بابها وصوبوا رشاشاتهم الى من بداخلها وصاح أحدهم : اطلعوا للخارج : قال الملك : يا أخي " على ويش كل الرشاشات هذه ؟ شايفنا مسلحين ؟ لو أردنا قتالكم ، كنا قتلناكم ، لم يجب الضابط ، لكنه ابتعد عن الباب ووقف جانباً ورشاشه مصوباً اليهم وقال : اطلعوا للخارج ، كانت الساعة قد بلغت السابعة والدقيقة العشرين ، والرصاص ما يزال يتطاير في الحديقة على غير هدى ، وها هو موكب الموت يخرج من القصر ، من باب خلفي نحو الحديقة الخلفية ، ويسير بمحاذاة الجدار تجنباً للرصاص الطائش الذي كان ما يزال يتساقط على الجدران . كان الموكب يسير في خط طويل ، وكل منهم ممسك بيد الآخر ، يتقدمهم ضابط طيار من الثوار ، ويسير وراءه تماماً الملك فيصل ، فالأمير عبد الاله محتضناً والدته الملكة نفيسة ، كانت تجرّ نفسها جراً ، ثم الأميرة عابدية وقد تعلقت بأذيالها الطفلة غازية والأميرة هيام ، فالخادم الأسود شاكر الذي جاء من الحجاز مع اسرة الملك علي ، فالخادمة رازقية ، فسائق الملك ، أما الأنسة فيغمان السويسرية ، فقد انعزلت في احدى الغرف . وكان يمشي قرب الملك كلبه باتي الذي لم يفارقه . كان الصمت يخيم على الموكب، ما عدا الطفلة غازية التي كانت ترتجف وتصيح " ستي ... ستي " وكانت الأميرة عابدية تصيح بها وتقول : اتركينا يا بنتي ، روحي ما حدا وّياك ، أي ما حدا يخفيك .. لكن الصغيرة أبت أن تتركهم ، وبقيت متشبثة بالأميرة . سار الجميع في أثر الضابط حول القصر ، حتى أدركوا الجهة الأمامية منه ولما وصلوا الى شجرة تدعى جهنمية الواقعة قرب حوض النافورة امام مدخل القصر، أصابت رصاصة طائشة الطفلة غازية ، وقتلت في الحال ، فوقف الموكب وانحنت الأميرة عابدية على الطفلة ترفعها ، فالتفت اليهم ضابط الطيران الذي كانوا يتبعونه وقال بعصبية : " سيدي بشرفي ما يصير عليكم شي " . وفي تلك اللحظة خرج من القصر ضابط يحمل رشاشاً من نوع - تومي غن - وكان هذا الضابط واقفاً مسنداً ظهره الى أحد الأعمدة ، يتطلع نحو الموكب ، الذي يبعد حوالي 20 متراً وكان يدغدغ رشاشه ، ويتربص والرصاص الطائش لا زال ينهمر ، وكان الخوف يسود الموقف . ولما رأى الحاضرون من الضباط والجنود الموكب الملكي يسير على هذا الشكل تحولت الرهبة الى خشوع ، لكن هذا لم يمنع الضابط الواقف عند مدخل القصر ويراقب المشهد على بعد 20 متراً بعينين شبه مغمضتين ، ما لبث انتفض ووضع يده على الزناد ، وصاح بأحد رفاقه ، فنزل الرئيس عبد الستار السبع درجات المدخل الأربع قفزاً ، وتقدم بخطوات واسعة نحو الموكب يسير وراء رفيقه ، سار على بعد سبعة أمتار منه، ثم أشار بيده الى الضابط الطيار ، فاقترب وسأله : هم دول كلهم ، لم ينتظر طويلاً ، بل ادار رشاشه باتجاههم ، وآخذ يطلق صليات من الرصاص بكافة الاتجاهات ، فتساقطوا جميعاً ، الواحد تلو الآخر ، وتحولوا الى كتل بشرية من اللحم والدم . تصاعدت من وسط المجزرة صيحات رعب وعويل ، وسقط الملك فيصل أرضاً ، وانفجر صوت نسائي يقول : خاين خاين ، انه صوت الملكة نفيسة تردد بالتركي ، يا خونة يا خونة ، وظل النداء مستمر حتى تحول الى انين ، ثم انطفأ مع نفسها الأخير ، وتوقف الضابط الذي اطلق النار على الأسرة المالكة ، ووقف فوق الجثث الممددة ، وأطلق رشاشه من جديد نحو الملك فيصل والأمير عبد الاله : فقال له رفيقه ، لويش هذا ؟ فأجاب حتى أتأكد ، تفاصيل وقوع المجزرة ضد أفراد الأسرة المالكة ، وردت في رواية أخرى ، في كتاب " نهاية قصر الرحاب " تأليف محمد حمدي الجعفري . يقول أن عبد الاله طلب من الملك التنازل عن العرش وغادرة البلاد ، وعندما أصبح أفراد الاسرة المالكة خارج القصر ، ارتفع صوت الرئيس مصطفى عبد الله طالباً الاستسلام من الملك وحاشيته ، فسارع العميد طه البامري قائد الحرس الملكي يهدىء من روعه ، وأخذ يكلمه باللغة الكردية ، في هذه الأثناء تمكنت بعض المدرعات من التسلل داخل حديقة القصر فانتشر حولها بعض الجنود. قبل الساعة الثامنة شوهد افراد الأسرة المالكة يسيرون وراء كل من المقدم محمد الشيخ لطيف ، والملازم الأول تامرحمدان ـ وقد ظهر الملك فيصل مرتدياً قميصاً رمادي اللون ، وينتعل حذاءه ، فسارع في الحال برفع يده لاداء التحية العسكرية للحاضرين ، مع ابتسامة خفيفة تراقصت على شفتيه ، وكانت خلفه جدته الملكة نفيسة ، يتبعهم عبد الاله ، وكان يتمتم بكلمات غير مفهومة ، وقد بدا شاحب الوجه مرتدياً ملابسه ووضع يده اليسرى في جبينه ، أما يده اليمنى فقد كانت تحمل منديلاً أبيض ، التفت خلفه ليرى زوجته واخته تسيران في الركب ، تلحق مهما الخادمة رازقية والطباخ التركي وخادم آخر . وكانت الطفلة غازية تمسك بأذيال الأميرة عابدية التي كانت اشرقت على تربيتها منذ زمن ليس ببعيد . صاح احد الضباط بأفراد الأسرة المالكة، والى جانبه مجموعة من الضباط المشاركين في الثورة ، طلب منهم أن يجتازوا احدى الممرات في حديقة القصر نفذوا طلبه واقتربوا من حوض للماء ، توقفوا حيث اصبحوا بمواجهة القوة المهاجمة التي شكلت نصف حلقة دائرية، وفي الحال سمع الجميع صوت اطلاق نار لم يعرف مصدره ، فسارع جميع الضباط بفتح نيران اسلحتهم باتجاه موكب الاسرة المالكة ، وقد اعتقدوا ان هناك خديعة في الأمر ، فسقط افراد الاسرة بفعل النيران ، ولم ينج منهم سوى الأميرة هيام ، زوجة عبد الاله التي اصيبت في فخذها وتهاوت ارضاً ، وتمكنت من الزحف الى ركن آمن، تقدم منها ضابط اعتقد انها صديقة للأسرة المالكة ، فنقلها الى المستشفى كما تم انقاذ الخادمة رازقية بعد ان نقلت الى المستشفى . وفي حدود الساعة الثامنة والربع صباحاً جرى أحد ضباط الحرس الملكي وهو عاري الرأس أزرار ثيابه مفتوحة وحذائه العسكري يخب في قدمه بلا رباط ، الى دار الشريف حسين زوج الأميرة بديعة ، وأحد أفراد الاسرة المالكة، وراح يطرق الباب بقوة ، ولما فتحوا له الباب صرخ في وجوههم قائلاً : لقد ماتوا جميعاً ، اخرجوا بسرعة ، وقد تمكنوا من الهرب مع أولادهم الى السفارة السعودية ، ومنها تم نقلهم الى خارج العراق . ( انتهى ) تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |