|
|
|
كلّنا ضيوف على هذه الأرض (قراءة في رواية "مشاة لا يعبرون الطريق" للروائي عاطف أبو سيف) بقلم: حسن عباديالتاريخ : 2020-04-07 01:18:06 |"مرت الشاحنة سريعة عند المنعطف. كان يجرّ درّاجته الهوائيّة القديمة، يكاد يعبر الشارع حين صدمته الشاحنة. وقع أرضًا. ندّت عنه صرخة خفيفة. عجلات الدرّاجة الهوائيّة ظلّت تدور بوهن بعد أن ارتمت على وجه الإسفلت. لم تتوقّف الشاحنة أكثَر من عشرين ثانية ثم واصل السائق اندفاعه في الشارع، كأنّ شيئًا لم يحدث. ثم كأنّه انعطف عند نهاية الشارع شرقًا إلى الضواحي المجاورة. مشهدٌ بسيط لكنّه حدث بتعقيد كبير".(ص.9) حكاية ثمانينيّ، ابن المخيّم، دهسته سيارة وهو يقود دراجته الهوائيّة، حادث طرق من نوع "ضرب وهرب"، نُقل إلى المستشفى واستسلم لنومٍ عميق وطويل، مجهول الهويّة؛ لا أحد يعرف عنه شيئاً، في الحقيقة لم يمُت، هو اللا بطل في رواية "مشاة لا يَعبرون الطريق" للكاتب عاطف أبو سيف(تحتوي 205 صفحات، صادرة عن "الأهلية للنشر والتوزيع" الأردنيّة، صمّم غلافها زهير أبو شايب، لوحة الغلاف للفنّان الغزيّ الفلسطينيّ تيسير البطنيجي؛ صِدقًا - لم استوعب بعد تلك العلاقة بين لوحة الغلاف والرواية؟!؟، صدرت له عدّة روايات ومنها: "حصرم الجنّة"، "حياة معلّقة" و"الحاجة كريستينا" وغيرها، كذلك مجموعات قصصيّة وعدّة مسرحيات). مشهد يوميّ يحدث في كلّ زمان ومكان؛ كلّ من كان هناك هبّ لمساعدته، صاحب دكّان فاكهة، سائق سيارة أجرة عابر صدفة، وفتاة جامعيّة نزلت من الباص نقلوه إلى المستشفى، وبالمقابل هناك طفل صغير استغلّ غياب الفاكهاني ليتناول حبّة خوخ اشتهاها دون أن يدفع ثمنها، شابّ يدخّن نارجيلته على بلكونه يراقب المشهد من بعيد ولم يتدخّل، ثلاثينيّ يجرّ عربة ترمسه وفوله، خمسينيّة تجرّ طفلها وطلّاب مدارس يتراكضون، صبايا يدخلن بوتيك موبايلات، رائحة الدجاج المشوي في طريقه لل"تيك أوي"...عادي ... و"من فوق سطح البيت المقابل للمطبخ، يقف طفل لم يتجاوز العاشرة، يطلق العنان لطائرته الورقيّة، تحمل أحلامًا كثيرة لتسافر بها إلى فضاءٍ آخر...تطير الطائرة الورقيّة سارحة في السماء...كأنها تستقر فوق المستشفى...حيث ستنقل سيارة الأجرة الرجل العجوز الذي دهسته الشاحنة"(ص. 11-12)، وكأني بالكاتب يربط الماضي ممثّلًا بالثمانينيّ، غريب مجهول الهويّة، بالمستقبل المضيء بتحليق طائرة الطفل وأحلامه. في روايته "حصرم الجنة" يتحسّر الكاتب على حلم الجميع بالخروج من الغيتو الغزّي المُحاصر، فالشاب مهووس بفكرة السفر من غزة إلى مكان آخر في العالم (ص 14)، الجميع يحلم بالرحيل عن غزة "كلهم مثلي خائفون. يسكنهم الرعب مثل العنكبوت. يحلمون بالرحيل بعيدًا. يتخيّلون خبط أجنحتهم حين يحلّقون فوق بحر غزة، إلى مجهولٍ جديد، لا يهم إلى أين، المهم بعيدًا عن المكان" (ص 69)، ويصرخ "كنت أعدّ الأيام على أصابع يدي لأسافر بعيدًا. أقول : قرفت غزة، وقرفت فلسطين، وقرفت المخيم، وقرفت جيراني، وأصدقائي. صورتي في المرآة. كل شيء. أريد أن أهاجر"( ص77)، وبطله يحلم باللحظة التي ستخفق فيها أجنحته فوق بحر غزة فالحلم المشترك هو الهجرة إلى أي مكان. تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |