وما بين المسميات المتعددة بالألوان والأرقام والموقع النسبي: الخط الأخضر وعرب الـ 48. وعرب الداخل، لذات الأرض وذات الأناس اختارت النساء الخوض في منابر العلم والمعرفة والبحث، وصولا للدرجات العليا منها. وباتت تطرق حواجز وتحديات يومية في مختلف الجامعات، منها الاسرائيلية وفي الضفة الغربية والأردن ودول الغرب.

وبين ثنايا هذه المسارات تُروى قصص وتجارب، ويكمن احتكاك في خضم المعتقدات السائدة لتجول الأفكار المسبقة جولتها في بزوغ السلوكيات النمطية على المستويين الصريح والمبطن، لينتج ثلاثة أنماط من التعامل مع الطالبة الفلسطينية التي تحمل جواز سفر اسرائيليا، وهذا وفق تصريحات العديد منهن: الاول ينظر اليها وكأنها "عدوة وارهابية"، والثاني كأنها "يهودية مستباحة"، أما الثالث فهي "جاسوسة اسرائيلية". 

وعلى كل حاجز ونقاط تفتيش، تُرمق بنظرات وإيماءات تحمل من البواطن ايذاءً لإنسانيتها، ليجتمع لديها البوم من الصور في ذاكرتها وهي تتجرد من ملابسها، في مشهد تتغيب فيه كل معاني القيم الإنسانية، ليصل حد الإذلال وفقدان الروح. 

وفي مشاهد أخرى، يلتفون حولها كقطيع يلهث ويستعد للنهش في جسدها، لتعود آخر اليوم في حضرة "نساء الحارة" فتستقبل تغريدة هنا وتغريدة هناك، تحمل من الجهل ما يسوق المجتمع الى عصور الظلام فتدخلها الى غابة من الجحيم، فتتناثر كل مشاعرها! 

وما يلملم تلك الشظايا وقساوة المشهد تلك المبادئ التي ترسخت على جدران عروقها وحفرت قناديل من نور بصيرتها لتكمل الطريق بشموخ. وكما يبدو فان سمو علاقتها مع ذاتها جعلت من الدافع نسيج عميق لمقومات حصانة نفسية متينة. ونستشهد هنا الحكمة المكسيكية: "لقد حاولوا دفننا ولم يعلموا اننا بذور"..! 

ان التغيير هو قرار يحتاج الى إرادة ثم سيرورة تنفيذ ومتابعة وصولا لمحاسبة ذاتية وتبني افكار إيجابية للوصول الى القيمة المنشودة. وعليه فان تلك النساء التي اختارت هذا القرار تستحق وساما ليس علميا فحسب، وإنما وساما انسانيا لتبنيها أحد أسهم خطوات التغيير المجتمعي.

والسؤال هنا: متى لهذه المشاهد على النقاط والحواجز، التي تجعل من البحث عن العلم والمعرفة تجربة مذلة ومهينة، أن توأد ؟!