في ذكرى مولد الرسول الاعظم....بقلم: احمد كيوان

التاريخ : 2021-10-15 09:34:05 |

يصادف 12 ربيع اول 1443 الجاري ذكرى مولد نبي الهدى والحق والثورة محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان ميلاده ايذانا ببزوغ فجر جديد ليس على الجزيرة العربية وحدها، وانما على العالم اجمع لان رسالة الحق التي جاء بها الرسول العربي كانت رسالة هدى وخير وسلام لجميع بني البشر، كما انها كانت ثورة تحريرية كبرى حيث اعتبره الكثيرون من كتاب الغرب ومنهم "اميل درفيغم***" في كتابه "حياة محمد" بانه اعظم شخصية في التاريخ، كيف لا وهو الذي جعل من قبائل جزيرة العرب المتناحرة والمتقاتلة فيما بينها امة راحت تسعى للتآخي بينها حتى تحولت الى دولة جامعة لكل القبائل تحت راية الاسلام الحنيف، لتنطلق بعد ذلك هذه الدولة شرقا وغربا مبشرة بثورة تحريرية كبرى لكل بني البشر تقاتل من يقاتلها وتسالم من يسالمها، ولم يكن السيف الذي حملته هذه الثورة التحريرية ليوجه ضد المسالمين او لفرض الاسلام عليهم بالقوة كما يتحذلق البعض وكلنا يذكر الموقف النبيل والاصيل للحخليفة الراشد عمر بن الخطاب حين فتح القدس بالحق والعدل والسلام ولم يستعمل سيف المسلمين ابدا في ذلك الفتح المجيد، فقد امتنع الخليفة عمر ان يصلي في كنيسة القيامة حين جاء وقت الصلاة واعتذر من البطريرك الذي دعاه للصلاة في الكنيسة قائلا: سأصلي خارج الكنيسة حتى لا يقال في المستقبل بان عمر قد صلى هنا، وهذه هي مواقف الاحرار والثوار والكبار لا تلك المواقف الشريرة التي يمارسها الاحتلال صباح مساء في ساحات وباحات المسجد الاقصى حين يدخل المستوطنين المتعصبين واصحاب النزعات النفسية اللئيمة والمريضة لتصلي في هذا المسجد الاسلامي والوقف الى يوم الدين، واشد ما يضحك هو ذاك القرار الاستفزازي الذي اصدرته محكمة الصلح قبل اسابيع قليلة والذي سمحت بموجبه لهذه العصابات بالصلاة "الصامتة" في باحات الاقصى، فقد اصبح مشرع الاحتلال جزء من جوقة العنصرية المستشرية، وهذه الممارسات الاسرائيلية السابقة، والحالية والمتواصلة هي جزء من مهاوي الردى، بينما اخلاق المسلمين التي علمنا اياها نبينا الكريم، وخلفاؤه الراشدون من بعده هي اخلاق العزة والكرامة والتسامح والتآخي بين البشر، اما اولئك الذين يدعون بان الاسلام قام بالسيف فكل الدلائل تدحض ادعاءاتهم، فالإسلام الذي وصل الى السند والهند واواسط اسيا وشرق اسيا، وتضم الان مئات ملايين المسلمين فان التجار المسلمين وبالتواصل مع هذه الشعوب انتشر الاسلام بهذه الكثافة واذا استعمل السيف هنا وهناك انما كان للدفاع عن النفس، او القتال المعتدين والمتمردين ومع كل ذلك فان المسلمين اقاموا دولتهم دون ان يكون للدولة الجديدة أي نمط من انماط الحكم السابق فهي ليست ملكية وانما ترك الامر للمسلمين انفسهم بان يقرروا لهم نظام الحكم الذي يرضون به، فسموا الفترة التي تلت وفاة الرسول بعهد الخلفاء الراشدين والدولة التي قامت بعد ذلك بالدولة الاموية، وبعدها العباسية، ولم تكن أي فترة تم تسميتها "بالخلافة الاسلامية" كما ينادي الاخوان المسلمون، وحتى تلك الخلافة التي يحنون اليها سماها اصحابها "بالخلافة العثمانية" ولم يطلقوا عليها اسم "الاسلامية" في أي وقت من الاوقات.

واليوم ونحن نحيي ذكرى مولد الرسول العربي الكريم فإننا نعتبره ذكراه العطرة موضع فخر واعتزاز لنا ليس كمسلمين فقط، فهناك الكثير من اخوتنا العرب المسيحيين الذين ارتبطنا بهم تاريخا ولغة ومصيرا يعتزون بصاحب الذكرى مثلنا واكثر واحب ان اشير هنا الى شعراء المهجر العرب وهم في الاساس من المسيحيين حيث كان الكثير منهم يحيي هذه المناسبة ويقيمون لها المهرجانات الشعرية الخاصة كما كانت تفعل "العصبة الاندلسية" في سان باولو في البرازيل ففي احدى تلك المهرجانات وقف الشاعر جورج صيدح ليقول في مطلع قصيدة له:

ومحمد بطل البرية كلها/

هو للأعارب اجمعين إمام

وقد نتطرق في مقال لاحق الى ما قاله الشعراء المسيحيون العرب في النبي العربي، قائد الانسانية عبر كل العصور.

واكتفي في نهاية هذا المقال ان اشير الى الاديب اللبناني الكبير مارون عبود وهو ابن الخوري مسيحي حين رزق بطفل اسماه "محمدا" تيمنا بالرسول الاعظم حين قال :

عشت يا ابني عشت يا خير صبي/

ولدته امه في رجب

امه ولدته مسلما/

او مسيحيا، ولكن عربي