www.almasar.co.il
 
 

ابتسامة مركنتيل الخضراء والتخفيضات القيّمة في "مركنتيل سمايل"

ينضمّ أصحاب بطاقة الإئتمان من مركنتيل إلى برنامج الامتيازات "مركنتيل...

ابتسامة مسافرة..! شعر: بقلم، جميلة شحادة

أعتذرُ لكم، عنْ غيابِ البشاشةِ عن وجهي فمنذُ زمنِ الحبِّ والحربِ...

مبادرة "أسرى يكتبون" تناقش "رسائل إلى قمر" للأسير حسام زهدي شاهين

عقدت، مساء السبت، عبر تطبيق زوم، في العاصمة الأردنية عمّان، الندوة...

لينا ابو مخ/ الزواج المبكر بين القانون والمجتمع

اعتبرت المرأة في طور أول من تاريخها، أما في المقام الاول، اي تلك التي...

منحة 23 ألف شيقل عند بلوغ سن 21 هدية من الدولة

علم مراسل موقع وصحيفة "المسار" انه بتداء من شهر كانون الثاني 2017 ستقوم...

عطر 2020 من Montblanc للرجال

تقدم دار العطور الفرنسية Montblanc عطر Legend Eau de Parfum، وهو إصدار أقوى وأكثر...
  هل تعتقد ان الحكومة الجديدة ستساعد في الحد من جرائم العنف في المجتمع العربي؟

نعم

لا

لا رأي لي

ام الفحم 22-32
الناصرة 31-20
بئر السبع 33-21
رامالله 32-22
عكا 29-23
يافا تل ابيب 29-24
القدس 32-18
حيفا 31-23

ابتسام زهدي ابو شقرة/ رحلتي الى رام الله

التاريخ : 2012-03-19 11:40:22 |



"على فكرة , نسيت أن أقول لك أننا مدعوان لحضور فيلم وثائقي حول المخرج جوليانو خميس , وذلك في المركز الثقافي الفرنسي الألماني , برام الله ", وكذلك الى حفل تأبين المخرج المسرحي الراحل فرانسوا أبو سالم - في مسرح عشتار برام الله أيضا " هكذا قال لي زوجي .
سألته : ومن دعانا ؟
قال : امتياز ذياب . بعثت لي اميل بتفاصيل الدعوة .
فرحت كثيرا عند ذكر اسم الداعية , لأنني لم التق بها منذ أكثر من عشرين عاما . وسألت نفسي كيف سيكون هذا أللقاء كيف سيكون شكلها , بعد هذه المدة الزمنية الطويلة ؟ , هل ما زالت تذكرنا ؟
جاء اليوم الموعود , سافرنا الى رام الله , ووصلنا الى الحاجز حيث وقف أمامنا طابور من السيارات , ولحسن حظنا مرت سريعا .
" الحمد لله مُيسّرة " .
سألته : هذه رام الله .
أجابني : بل قلنديا . ومن ثم البيرة , ومن ثم رام الله . .
استمرينا بالسفر , الا أننا لم نتمكن من معرفة حدود قلنديا من البيرة أو من رام الله , فهي بلاد متشابكة كتشابك الأصابع في اليد , وخوفا من الضياع قلت لزوجي " دعنا نسأل أين المركز الفرنسي الالماني ...لأننا لا نعرف هنا شيئا " سألته وأنا أنظر اليه , فنظر الي بنظرة فيها قليلا من الامتعاض وأجاب :"حسنا " . كم سرني أنه استجاب لي , فنحن معتادون دائما أن نتوه في الطرقات , كلما سافرنا الى أي مكان . وقفنا بجانب سوبرماركت , وسألنا عن المكان , ولحسن حظنا , وجدنا شابا يقصد مكانا قريبا من المركز الفرنسي الالماني " . ركب معنا , وأنا بالطبع مسرورة , لأنه ةلا مجال هذه المرة للمتاهة المعتادة !... وصلنا المركز : بناية عادية ,غير فخمة , ما يميزها هو الأعلام الفرنسية والألمانية والفلسطينة التي ترفرف فوقها وتلوح مع الهواء .
" الحمد لله مُيسّرة " .
دخلنا المبنى , فأخذت أتساءل , " هل يا ترى بعد هذه السنين كلها سأعرف امتياز ؟ أو هي ستعرفني؟" . جاءت لحظة اللقاء , امتياز تجلس بالوسط , ويجلس من حولها ممثلين من فرقة جوليانو خميس , وهم جميعا من مخيم جنين , ومقابلهم يجلس صحافيون, أكاديميون وأناس عاديون جاءوا جميعا لمشاهدة الفيلم الذي أخرجته امتياز ذياب , وللمشاركة بالنقاش. امتياز , ما زالت كما هي , لم تتغير , مليئة بالحيوية , ثم جاء السلام الحميم , الذي طالما انتظرناه . وبعد التحية والسلام :
سألتها : متى سيبدأ عرض الفيلم ؟
قالت : لقد عرض الفيلم وانتهى , حتى أن النقاش قد انتهى مع وصولكم . ولكن لا بأس هناك عرض آخر سيكون في الناصرة , لا تقلقوا. قبل مغادرتنا للمكان , حددنا موعدا للالتقاء في ظهيرة يوم الغد , في كافيتيريا " رُكَب " ... رُكَب ... قلت في نفسي : " لم يجدوا غير هذا الاسم ".
خرجنا من المركز الفرنسي الالماني , وكانت المهمة الصعبة ! أين سننزل الليلة ؟. ركبنا السيارة , واذا بشاب وسيم يحمل ثلاث حقائب : اثنتان على كتفه , وواحدة في يده .
سألنا : هل تريدون مساعدة ؟ ...
فأجبنا : نعم , نريد أن ننزل في فندق ,
فأجاب : بسيطة ! سأركب معكم وأرشدكم .
كم كنت فرحة ... على الرغم من أننا لم نشاهد الفيلم الذي أتينا لمشاهدته , ولكن هنالك أمل أن نراه لاحقا .
الأمور و" الحمد لله مُيسّرة " .
المهم بالنسبة لي أننا لن نتوه في الطريق كالعادة . وصلنا الى الفندق , ونزل الشاب الوسيم , وحجز لنا غرفة واتفق مع عامل الفندق على الثمن الذي سندفعه , وقال لنا "لو أنكم حجزتم غرفة بأنفسكم لتقاضوا منكم الضعف ... هذا السعر لأهل الضفة ..."
" الحمد لله مُيسّرة "
جاء اليوم التالي : كان يوم جمعة . المفروض أن نذهب الى القدس لتأدية صلاة الجمعة , ولكن الساعة الآن قاربت العاشرة , كان علينا أن نمر بالحاجز الساعة الثامنة , لم نكن نعلم بهذا الشيء مسبقا ... فقررنا أن نصلي في جامع البيرة الكبير ... لا بأس , ان الله غفور رحيم .
خرجت الى شرفة الفندق ... " يا الله... ما هذا ... صقيع , ضباب , مطر غير عادي , بينما في أم الفحم كان الطقس غير ذلك ... أين نحن ... أفي جبل الشيخ ؟ " . دخلت الى الغرفة , مسرعة من كثرة البرد . قال لي زوجي : " ماذا سنفعل , هناك وقت طويل حتى يأتي موعد الصلاة . قررنا بأن نتجول بالسيارة .
خرجنا ... نجول ونجول , لنجد أن البلد في سبات عميق , لا يوجد أحد في الشوارع , الحوانيت مغلقة , " الى أين سنذهب " سألت زوجي ... فأجاب : " لا تقلقي ... بعد الصلاة , سيكون كل شيء عل ما يرام " .
وصلنا الى منطقة السوق , فرحت كثيرا وطلبت منه أن نذهب سيرا على الأقدام - نزلنا وأخذنا ننظر تارة هنا وتارة هناك , كم هو جميل ذلك المنظر .
" الحمد لله مُيسّرة "
السوق ولا البلاش . سمعنا من ينادي :" صواني , كاسات , طاسات ... وهناك من ينادي: سبانخ , فول , خبيزة , علت , ملفوف , زعتر : كل رطل ب 5 شيقل " . استهوتني كلمة رطل ... كلمة جميلة " . ذهبت واشتريت من كل شيء رطل (3 كغم ) . نظر زوجي وقال لي " وين بدنا نروح بكل هذا ؟" . قلت له " مش سامع ... كل رطل ب 5 شيقل " . حمل زوجي جميع الأكياس , وذهب بها نحو السيارة البعيدة , تحت المطر. وعاد , فوجدني مستمتعة بمشاهدة سيارة نقل حمراء , كبيرة , مليئة بكل ما لذ وطاب من الأدوات المنزلية , والشراء : بمزاد علني .
وقف رجل فيها طويل القامة , سمين , غليظ وجهور الصوت , أخذ ينادي بصوت عال يهز الجبال : " طاسة تيفال ب 30 شيقل , مكسر ب 50 شيقل , تلفزيون 200 شيقل ..." . كم كان هذا المنظر رائعا ... ذهبت الى الفرن المجاور للسيارة , وراقبت عملية خبز الرقاق : الله رقاق ... يضعه على مخدة , يرفعه , ومن ثم يضعه على الصاج ... منظرا خلابا . قلت للخباز أريد عشرة أرغفة ... وبينما أنا واقفة , واذا بصوت يصيح " يا عالم , يا ناس ... البياع انجن ... انجن البياع ... كل حفاية بخمسة شيقل .." . ذهبت واشتريت.
نظرت الى جهة اليمين , فرأيت مسمكة : " سمك دنيس ب 30 شيقل , يا بلاش , طازج يا سمك ... " اشتريت وخرجت لأبحث عن حانوت لألعاب الاطفال , كي أشتري لأحفادي هدية ... تذكرت قول ابنتي " يمه , لما تجيبي لأولادي العاب , جيبي لكل واحد حسب جيله " ... اشتريت لهم وأنا فرحة جدا .
" الحمد لله مُيسّرة "
بقي أن أشتري لبناتي الأربعة , وابني الوحيد ... " عيب , رايحة على رام الله وما أشتريلهم اشي " ...
جاء زوجي غاضبا : " البكاج اتعبى خلص ..."
أجبته " بقي أن أشتري حذاءين للصغيرين " .
بدأت أبحث لأبني الوحيد عن أفضل حذاء , وجدته كاتر بيلر , لأنه الشباب بيحبوه . ولابنتي المدللة اشتريت جزمة مستوردة . " بس أنا مش عارفة قديش نمرة اجرها "... حاولت الاتصال بها , لكنها كانت نائمة ...لا اجابة .
سألني البائع : قديش نمرة اجرها ؟
قلت : 39 أو 40 , ولا أقولك ...خير الأمور الوسط ... هات 39.5 " .
" الحمد لله مُيسّرة "
هيك اشترينا لكل البنات ولأبني ولأحفادي ... جاء وقت الصلاة ...ذهبنا الى مسجد البيرة الكبير ... نظرت الى الشارع يكتظ , بالرجال والنساء ... سألت زوجي " شو اليوم الجمعة اليتيمة ؟" .
بعد الصلاة , ذهبنا وتناولنا وجبة الغداء . ماذا سنفعل ؟ , بقي على موعد لقائنا مع امتياز ساعتين ... كيف سنقضي هذا الوقت , وسط هذا البرد القارص ... أخذنا نتجول في الشوارع تارة هنا وتارة هناك حتى مللنا ... دخلنا الى كافيتيريا " رُكَب " ... جاء النادل , قال لنا " عندنا أجود أنواع البوظة " , كدت أن أصرخ في وجهه , " نريد شيئا ساخنا ...لعلنا نحس بالدفء ... احضر لنا من فضلك كأسان من الشاي , مع ميرامية " ...أخذنا نرتشف باستمتاع كأننا لم نشرب مثله من قبل .
جاءت امتياز في موعدها . سألها زوجي : "ماذا أطلب لك ؟" . أجابت " فنجان قهوة " . صرنا نتبادل أطراف الحديث , من هنا وهناك , وأخذت تحكي لنا غربتها , وحياتها في بلجيكا , ثم سألتني " بماذا تعملين ؟ " . فأجبتها , الحمد لله ... لقد قمنا بتعليم بناتنا , على أكمل وجه , وزوجت ثلاث بنات , ولم يبق عندي الا ولد في صف الثاني عشر , وبنت في صف الحادي عشر ,. يعني زال الهم " . ثم سألتني " ما هي مخططاتك ... ألا تريدين ان تتعلمي ؟ . أجبتها كالمستغربة " في هذا العمر ... أنا اليوم بنت 46 سنة , كيف هذا ... لما شاب ودوه على الكتاب ... لا لا أريد ... لقد خضت هذه التجربة مرتين ... ولم تتح لي الفرصة ... ولا أريد أن أكررها : المرة الأولى في سنة 1990 , بذلت قصارى جهدي , قدمت بسيخومتري , وسجلت في جامعة حيفا , ولكن لم أجد من يساعدني على تحمل مسؤولية بناتي الثلاث , وما كسر ظهر الجمل , هو جملة ابنتي الثانية , قالت لي - أنتي بدك تصيري معلمة , واحنا أنو بدوا يصيرلنا أم ؟... التجربة الثانية كانت في سنة 2000 عندما عزمت الذهاب الى التعليم ...فقال لي زوجي , انا لا أمانع أن تتعلمي , ولكن ابنتنا البكر ستنهي تعليمها الثانوي, والوضع المادي لا يحتمل تعليم اثنتين ... فأجبته : طبعا تعليم ابنتي هو الأهم . ومنذ ذلك الحين حتى العام المنصرم , ونحن نقوم بتعليم بناتنا " .
ثم سألتني : ماذا ستفعلين في الأيام القادمة , عندك عشرون سنة ... أطال الله في عمرك , سيكون البارحة عندك كالغد . فقلت : " أنا مبسوطة ,. وراضية " ولكن هنالك شيء ما قد تحرك في داخلي , وقلت لها " دعك من هذا ... دعينا نتحدث في موضوع آخر! " .
قالت : "هل تعلمي بأنني أعمل في الصحافة منذ ثلاثين عام بدون شهادة صحافة ! هل تعلمين أننني أعمل في مهنة التصوير للصحافة , دون شهادة تصوير ! وقد أخرجت فيلم جوليانو دون شهادة اخراج ! وكتبت عدة كتب تلاقي النجاح على المستوى العربي والعالمي ! وهأنا ناجحة لأنني اشتغلت على نفسي جيدا , وأملك ارادة حديدية , ولم أكتف بهذا بل أكملت دراستي وحصلت على شهادات اكاديمية من بلجيكا , تعلمت من أجل التعليم , وما زلت أعمل في الصحافة " .
يا لها من امرأة حديدية .
بينما كنا نجلس في الكافيتيريا , رأت امتياز بائع متجول , يبيع الذرة والترمس , فطلبت من أحد النادلين أن يذهب ويشتري لنا ثلاثة عرانيس من الذرة , فأحضرها لنا. كل عرنوس ذرة كان مقسم بشكل منظم في ظرف نايلون , مع قليل من الملح, قلت لها , " لا أريد أن آكل لأنه من عربة مكشوفة " . فقالت لي ببساطة : " مش مشكلة , بوكله أنا " . أخذت تأكله باستمتاع , وأنا أنظر اليها ... كم هو جميل أن يأخذ الانسان الاشياء على بساطتها , بدون قيود , بدون تعقيد , وبدون استسلام ...أخذت أنظر اليها ... كم هي مرحة ... طموحة ... تحلم بأشياء وأشياء , وهي التي في نهاية العقد الخامس من عمرها , هل هذا التغيير عندها لأنها سافرت الى بلجيكيا , أم هذا يولد في شخص الانسان نفسه ؟ لقد عرفت دائما المثل الشعبي القائل " أطلب العلم ولو في الصين " و " أطلب العلم من المهد الى اللحد " , ما الذي جعلني مستسلمة هكذا؟ ... أين طموحاتي ؟ ... أين أحلامي ؟ أين أنا ؟ ... بدأت تساؤلات تدخل في خلدي , لم أكن هكذا ! ماذا جرى ؟ ... ماذا حصل ؟؟. تذكرت أنني خضت تجربة غريبة عني , لا أحبها !
ولكن كله تعليم ... التحقت بدورة خياطة ... كانت معلمتنا في ذلك الزمان البعيد سيدة محبوبة جدا ... مساها الله بالخير .
بدأ الدرس الأول : نظري - رسم على اللوح , رسوم هندسية , أرقام , أخماس بأسداس ... تخيلت درس الهندسة الذي كم كرهته " شو هلعلقة ... والله هندسة " ... حاولت قدر الامكان أن أستوعب الموضوع , ولكن دون جدوى , فأنا لا أحبه . بدأت أنظر الى زميلاتي , كم هن مستمتعات في الخياطة , كم هن سعيدات , يعملن بحرفية واتقان , استطعن بفترة قصيرة أن يخطن كم هائل من الأقمشة , وأنا اقتصرت خياطتي أثناء كل الدورة , على خياطة تنورة . هذه التنورة لها قصة : عندما أردت أن أقص القماش لم ألتفت أن متر الخياطة تحتها , فقصصته مع التنورة الى قسمين , يا للهول , أنه ليس متري , انه متر صاحبتي , مساها الله بالخير , فهي اليوم كاتبة معروفة , وكان اسمها مكتوب على المتر , ما العمل , أعطيتها متري , وانتهت القصة . " لا , لا أريد متري , كيفما كان " قالت معترضة ! " غدا أشتري لك واحد جديد " قلت لها , " لا ... لا ... قلت لك لا أريد الا متري " ... هكذا انتهت تجربتي في الخياطة .
أما تجربتي الثانية كانت في دورة " تدبير منزلي " , في المنتدى النسائي ... وكانت معلمتنا كثير محبوبة ...مساها الله بالخير .
أذكر أنني قبل الدورة كنت طباخة ماهرة, سواء في الطبخ أو في صنع الحلويات , وذلك بشهادة زوجي وبناتي... بدأنا نتعلم الطبخ , شيئا فشيئا , كم هو جميل أن تتعلم أشياء جديدة , لذيذة الطعم , وطرق وأساليب , وأنماط مختلفة ...لكن يبدو أن هذا النوع الجديد لم يرق للعائلة ... حتى أن زوجي قال " ... من يوم ما دخلتي الدورة , بطلتي تعرفي تطبخي , شو هذا لبهار الهندي , والكركم , ماله الفلفل الأسود والبهار ؟" .أما بالنسبة للحلوى : كنت مبتكرة جدا , اكتشفت وصفات على طريقتي الخاصة , أما في الدورة , فقد دخل علينا شيء جديد , شيء مش عارفة مين أخترعه ... شمينت متوكاه ... كتسيفت ... جيلاتين ... يبدو أنه خلق بلبلة عند عائلتي , حتى قال لي زوجي " مالها عوغات البرتقان , والهريسة ..." .
أخذت أواسي نفسي : امتياز لا تعرف قدراتي , منذ زمن لم أرها , فهي لا تعرف عني شيء , لا تعرف بتضحياتي من أجل تعليم بناتي , كم صبرت؟ وكم عانيت ؟ . لا تعرف بأنني كنت استيقظ من الخامسة صباحا وأنزل الى حانوتي الصغير , حتى اساعد زوجي في سد حاجات البنات الجامعية , هي لا تعرف بأنني قمت بتربية اثنان من احفادي , كان كل منهم يبلغ ممن العمر 23 يوما , حتى اساعد ابنتي في اكمال تعليمها الأكاديمي .
" ما هذا ؟ ... هل أقوم بالدفاع عن نفسي ؟ ...أم تراني أجد مبررات لنفسي !!! , أروح أتعلم هسه !!! لا , والله صعبة بعد هلعمر " .
سألت نفسي " لماذا كنت ضعيفة أمام امتياز؟ " . هكذا تحركت الأحجار التي في داخلي , " هناك ثغرة ...هنالك فراغ ... لماذا التهرب منها ... هكذا ... الكل يشهد بأنني والحمد لله قمت بتربية بناتي على أكمل وجه . وقمت بتعليمهن , اليس هذا كافي , والله عنا في البلد وصلت التوب " .
حان وقت الذهاب الى تأبين المخرج أبو سالم , فقالت امتياز " أنا آسفة ولكن التأبين كان قبل يومين , ودعنا امتياز وعدنا الى ام الفحم .
" الحمد لله مُيسّرة "
الكل بانتظارنا ... السيارة مليانة أغراض , ساعة واٍحنا اٍنزّل فيهن ... صنفت الاغراض : اشي بالمطبخ , واشي هدايا , المهم انو ما حدا يشوف السمك , لانهم اذا بعرفوا انه من رام الله برضوش يوكلوه , أخذته ووضعته في الثلاجة .
" الحمد لله مُيسّرة "
وصلنا بالسلامة , وجاء دور توزيع الهدايا , بدأت أولا في أحفادي : كل هدية مختلفة عن الاخرى , على حسب طلب والدتهم ...طبعا بدأ الشجار . والصراخ , ..." أنا لا أريد هذه ...بل أريدد الثانية ... وأنا لا أريد هذه بل التي مع أخي ..." نظرت الي ابنتي وقالت : " كل عمري بلبسهم زي بعض وبجبلهم كل شي زي بعض " . أما ابنتي الثانية أخذت ألعاب ابنتها بسرور , وسألتني " شو جبتي لخواتي ؟ " . وابنتي الثالثة سألت " يعني كلنا جبتيلنا زي بعض!". , أما بنتي الصغيرة المدللة أخذت أغراضها وهي مسرورة , و" المهم انها الجزمة أجت على قد اجرها " . جاء دور ابني المدلل : نظر الى البوت وقال لي " كاتربيلر , هذا مزيف بلبسوش " . ناداني أحد أصهاري وسألني " مرت عمي شو جبتيلنا؟ " . قلت له " ولا شيء ... سلامتنا "
ونظرت ابنتني الصغيرة الى المطبخ المليء بالأكياس السوداء وقالت " شو هذا ... مين بدو يوكله ... هذا احنا بنحبوش ..." .
جاء اليوم التالي , وحضرت وجبة الغداء , وما هي يا تري ؟ ... سمك ... اتفقنا أنا وزوجي أن نقول لهم أننا اشتريناه من بلدتنا ... كل واحد منا وضع سمكته في صحنه ... بدأنا نأكل ...
سألني ابني " يمّا ... متأكدة انه هذا دنيس " ... "
أنا : اه حبيبي ولو من شكله "
ابني : يّما هذا كله سفير !!!
نظرت الى ابنتي المدللة وقالت : " هذا دنيس ... بديش اوكل ... انو قال انه هذا دنيس ؟ ... وشو هذا الرقاق الي جايبتيه !!!
حتى استشاط زوجي غضبا وقال : " أنو قلك تشتري سمك من رام الله ؟ " .
صداع جامد في رأسي ... هذا ما أحسست به في تلك اللحظات ... ذهبنا الى رام الله لنشاهد الفيلم , ولم نشاهده , حتى حفل تأبين فرنسوا أبو سالم لم نحضره ... حتى صلاة الجمعة في الأقصى لم نؤدها ... أحفادي تشاجروا على الهدايا ... وأرطال السبانخ , والفول , والخبيزة , والعلت , والملفوف , والزعتر ... وين أروح بيهن ... يا الّلا ... بنوزعه ...بس الزعتر بنعمله أقراص ... بوت ابني كتر بيلر , بيقول عنه امزيف , شو بدي أعمل بيه ؟ يلا ... مليح اٍلّي امتياز مطلبتش وجبة غداء ... أبييي ... نصف ميزانية هذا الشهر طارت ... ولا اٍشي عاجبهم !!!
كله كوم , وامتياز كوم ... ما أنا مبسوطة بحالي ! وفخورة ... شو عِملت بيي هاي ؟ .. قال أروح أتعلم هسه ,!!! عن عقلها ؟؟ قديش بدي أعيش ... ما هيي القعدة بين أحفادي بتساوي كل الدنيا ... اٍحساس غريب ... أسئلة تراودني كل يوم ... أين أحلامي الوردية , أين طموحاتي ؟ ...أين أنا ؟ ... ماذا حققت لنفسي ؟... ماذا أعرف عن نفسي ؟ ... ماذا أريد؟ ... ما هو هدفي في هذه الحياة ؟ .. تساؤلات يومية ... تعب نفسي ! ... طلاسم ... هل يعقل أن أذهب وأتعلم في هذا الجيل ؟ ... صراع قاتل ... مكثت على هذا الحال أشهر عديدة . حتى جاء اليوم المشهود : وكنت جالسة أنا وابنتي الثانية , سألتني " لماذا أنت مهمومة . هكذا أجبتها : " أحس بفراغ , لا أعرف ماذا أريد , أريد أن أغير من نمط حياتي ... أريد تغييراً جذرياً , أريد أن أجد نفسي كما تمنيتها , أن أكون , ولكن كيف ؟ ... لا أدري !!!.
فقالت لي : " لماذا لا تحققي أمنية حياتك في تعليمك ؟"
أجبتها : " لا طاقة عندي للتعليم !".
فقالت : " هنالك ما تبحثين عنه , موضوع جميل يناسب عمرك , وقدراتك " .
فسألتها بشغف : " ما هذا الموضوع ؟" .
قالت : " أنه موضوع التدريب الذاتي " .
أجبتها : " الله ... هذا ما أبحث عنه , يكفي أن أعرف نفسي , ان أفهم نفسي ... أن أضع هدفا لحياتي ...
فأخذت تبحث في جوالها , حتى استطعنا أن نجد الكلية المناسبة , وها انا اليوم والحمد لله , اتعلم في كلية غوما (גומא- המרכז הישראלי לגישור ואימון) , في تل-أبيب . وأنا مسرورة جدا ,. وأشعر أن الزمن قد عاد بي عشرون سنة الى الوراء .
" الحمد لله مُيسّرة "


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0

اضافة تعليق

الاسم الشخصي *

 

المنطقة / البلدة

البريد الالكتروني

 

عنوان التعليق *

 

التعليق *

 


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0
الصفحة الاولى | الاعلان في الموقع | اتصلوا بنا |                                                                                                                                                                                               Powered By ARASTAR