www.almasar.co.il
 
 

عرين الكلمات.. جديد الكاتب الفلسطيني الراحل تميم منصور.. الخامس في سلسلة ما بعد الرحيل

صدر عن دار الوسط اليوم في مدينة رام الله والشوقيات للإعلام والنشر...

استشهاد الطفل محمد التميمي من النبي صالح إثر إطلاق الاحتلال الرصاص على سيارة والده قبل ايام

شيعت جماهير فلسطينية غفيرة، مساء اليوم الإثنين، جثمان الطفل الشهيد...

مذكرات معلم سابق - يوم الاستقلال ... بقلم: تميم منصور

استغلت المؤسسات الأمنية والمدنية الحاكمة في إسرائيل حالات الهلع...

لينا ابو مخ/ الزواج المبكر بين القانون والمجتمع

اعتبرت المرأة في طور أول من تاريخها، أما في المقام الاول، اي تلك التي...

منحة 23 ألف شيقل عند بلوغ سن 21 هدية من الدولة

علم مراسل موقع وصحيفة "المسار" انه بتداء من شهر كانون الثاني 2017 ستقوم...

عطر 2020 من Montblanc للرجال

تقدم دار العطور الفرنسية Montblanc عطر Legend Eau de Parfum، وهو إصدار أقوى وأكثر...
  هل تعتقد ان الحكومة الجديدة ستساعد في الحد من جرائم العنف في المجتمع العربي؟

نعم

لا

لا رأي لي

ام الفحم 22-32
الناصرة 31-20
بئر السبع 33-21
رامالله 32-22
عكا 29-23
يافا تل ابيب 29-24
القدس 32-18
حيفا 31-23

تميم منصور/ مذكرات معلم سابق (9): في شاحنة نقل الأبقار..!!

التاريخ : 2012-12-22 10:21:30 |



صعد الاستاذ نبهان جبارة إلى الحافلة كعادته، وحشر نفسه بين العمال الذين أجبروا على الوقوف لعدم توفر الأمكنة. بقي يتسلل من بين أجسادهم المتراصة حتى وصل إلينا، أنا وعبد اللطيف قادري، وكنا قد جلسنا في المقعد الأخير في الباص.
بعد أن رمى نبهان حقيبته الثقيلة، المليئة بالدفاتر في حضني أنا الجالس، كأنني نلت الحظ الصباحي، وهو قليل الحظ لأنه لم يحظ بتلك القعدة، وعليه أن يبقى واقفاً حتى يفرجها الله..! وفجأة قال بثقة وتصميم وحزم: إذا ما بحلها أبو الحلول ما بسمي حالي نبهان أبن أبو جبارة...! وأخذ يشرح عن السيارة التي خطرت على باله، وصديقي عبد اللطيف, المعروف بهدوئه واتزانه, يسأله وابتسامة على شفتيه: من هو صاحب السيارة؟! وهل يوافق؟! لم أهتم بحديثهما لأنني وجدت التمتع برؤية الطبيعة من نافذة الباص أفضل من الأصغاء لحكاية قد يظهر كذبها بعد ذلك. ثم نبهني نبهان بصوته العالي: بس استنى ليوم الأحد وراح تشوف...!
جاءت صبيحة يوم الأحد، الساعة السابعة إلا ربعا، وإذ بالسيارة تقترب من البيت. نصف شاحنة, غرفة القيادة فيها منفصلة عن صندوقها الخلفي..! نبهان يشير إليّ بالصعود. صعدت إلى الصندوق الخلفي, واذا بها خالية من المقاعد، وقبل أن أسأل اعتذر السائق:
معليش اتحملونا اليوم يا أساتذة انسينا نحط الكراسي في الشاحنة...!
سافرنا وقوفاً، متسترين بالشادر الذي يغطي صندوقها. كان عزاؤنا من ذلك السفر المربك اننا وصلنا قبل الدوام بعشرين دقيقة، مع أن أجسادنا كانت منهكة نتيجة قفزات السيارة على الشارع وفي الحفر, وتمايلها يميناً ويساراً. المهم أننا وصلنا...! أنزلنا السائق بسرعة ليذهب إلى عمله، على أن يعود عند انتهاء دوامنا المدرسي, الساعة الواحدة والنصف, ليرجعنا إلى البلد.
في اليوم التالي جاءت الشاحنة بالموعد المحدد وكانت أيضاً خالية من المقاعد، لكن سائقها سارع الى الاعتراف ان شاحنته خالية من المقاعد لأنه يشحن بها كل شيء، وعلينا تدبير أنفسنا. ثم اقترح أن يحضر كل منا كرسياً صغيراً للجلوس. تطلع كل واحد منا بعيون الآخر مندهشاً، مستسلماً لحقيقة وواقع يجب أن نرضى ونرضخ له (شو اللي دفعك للمر اللي أمر منه), وكل واحد يحمل في الصبح كرسيه بيمنه..!
في اليوم الثالث وقفنا نتنظر الشاحنة وكل منا يحمل كرسياً بيده. زاد قلقنا بعد أن تأخر سائقها عن موعده حوالي نصف ساعة. أخيراً وصل مسرعاً يعتذر عن التأخير، لكنه لم ينزل من "غرفة القيادة" كعادته, وكان ينظر الينا من المرآة العاكسة التي أمامه نظرات لص سارق أو طفل مذنب. سارع الأستاذ عبد الطيف الى الصعود وتسلق سلم الصندوق. وما أن أطل برأسه داخل الشاحنة حتى صاح بذعر ممزوج بذهول: شو هذا....؟! لم أعرف ماذا يقصد بكلماته, وقلت في نفسي: شاف قتيل في الشاحنة.. يا رب ألطف..! قبل أن أساله "شو شاف" صرخ بصوت أعلى: تعالوا شوفوا السيارة مليانة بوسخ البقر..! لم أصدق ما قاله عبد اللطيف، وما أن سارعت إلى إعتلاء سلم صندوق الشاحنة، حتى شعرت أن الدنيا تدور بي. كان المنظر مقرفاً لا يحتمل. روث الأبقار يحتل أرضية الصندوق, مما يجعل السفر بها مستحيلاً، ليس فقط من منظره وتراكمه، بل من رائحته الخانقة..!
قفزت من فوق سلم الصندوق غاضباً من استهتار السائق بنا، ووجهنا اللوم إلى هذا السائق المستخف. كان اعتذاره لنا نوعاً من أنواع رفع العتب:
أنا متأسف يا أساتذة..! سامحوني..! حّملت نقلة بقر وكان الوقت متأخر، لم أقدر على تنظيف السيارة. ثم أضاف: اللي بدو يطلع معي أهلاً وسهلاً واللي ما بدو مع السلامة..!
جميعنا اخترنا مع السلامة, ورجعنا إلى بيوتنا وكراسينا بأيدينا، نجر ذيول الخيبة..!
بهذه النهاية انهار مشروع الشاحنة الذي كنا نحلم به، والذي اعتقدنا أنه سيخفف من رحلة الشقاء اليومية. فالأمل الوحيد الذي يراود كل واحد منا هو موافقة وزارة المعارف على طلبه للنقل الى إحدى قرى المثلث الجنوبي.
أما صديقنا نبهان فقد بقي يومين كاملين صامتاً منزوياً لا يريد التحدث معنا، ظاناً أننا نحمله المسؤولية في فشل المشروع، لكن بعد أسبوع تحدثنا. وفي ذات صباح قال نبهان: عرفت صاحب سيارة نقل...! وقبل أن يكمل عبارته تركته قائلاً: أنا مش راكب...! وفشل المشروع قبل أن يخرج على لسانه..!!


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0

اضافة تعليق

الاسم الشخصي *

 

المنطقة / البلدة

البريد الالكتروني

 

عنوان التعليق *

 

التعليق *

 


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0
الصفحة الاولى | الاعلان في الموقع | اتصلوا بنا |                                                                                                                                                                                               Powered By ARASTAR