www.almasar.co.il
 
 

عرين الكلمات.. جديد الكاتب الفلسطيني الراحل تميم منصور.. الخامس في سلسلة ما بعد الرحيل

صدر عن دار الوسط اليوم في مدينة رام الله والشوقيات للإعلام والنشر...

استشهاد الطفل محمد التميمي من النبي صالح إثر إطلاق الاحتلال الرصاص على سيارة والده قبل ايام

شيعت جماهير فلسطينية غفيرة، مساء اليوم الإثنين، جثمان الطفل الشهيد...

مذكرات معلم سابق - يوم الاستقلال ... بقلم: تميم منصور

استغلت المؤسسات الأمنية والمدنية الحاكمة في إسرائيل حالات الهلع...

لينا ابو مخ/ الزواج المبكر بين القانون والمجتمع

اعتبرت المرأة في طور أول من تاريخها، أما في المقام الاول، اي تلك التي...

منحة 23 ألف شيقل عند بلوغ سن 21 هدية من الدولة

علم مراسل موقع وصحيفة "المسار" انه بتداء من شهر كانون الثاني 2017 ستقوم...

عطر 2020 من Montblanc للرجال

تقدم دار العطور الفرنسية Montblanc عطر Legend Eau de Parfum، وهو إصدار أقوى وأكثر...
  هل تعتقد ان الحكومة الجديدة ستساعد في الحد من جرائم العنف في المجتمع العربي؟

نعم

لا

لا رأي لي

ام الفحم 22-32
الناصرة 31-20
بئر السبع 33-21
رامالله 32-22
عكا 29-23
يافا تل ابيب 29-24
القدس 32-18
حيفا 31-23

تميم منصور/ مذكرات معلم سابق (21): الحرب... ساعة الصفر والهزيمة..!

التاريخ : 2013-03-30 09:21:11 |



بدأت الحرب.. لم يعرف المعلمون, عرباً ويهودا,ً والطلاب أن الحرب قد بدأت إلا بعد أن تدفق أهالي الطلاب إلى المدرسة. انتزعوا أولادهم من فوق مقاعد الدراسة بسرعة. كانوا يصيحون ويصرخون: شو بتعملوا يا أساتذة..؟! الحرب قامت.. الحرب قامت..!!
بعد أن غادر الطلاب الصف هرعت إلى غرفة المعلمين. وجدتهم في حالة حيرة وارتباك. الساعة تجاوزت التاسعة صباحاً. فتحنا الراديو.. إذاعة "صوت العرب" تبث الأناشيد الوطنية. توقف البث قليلاً ثم سمعنا مارشات عسكرية, وخاصة مارش ناصر. وفجأة صدح صوت المذيع أحمد سعيد, وأخذ يذيع بياناً عسكرياً جديداً أعلن من خلاله عن إسقاط 42 طائرة إسرائيلية..!
كانت المدرسة خالية بعد أن غادرها الطلاب. شركة "دان" أرسلت حافلة خاصة لنقل المعلمين اليهود إلى بيوتهم في بيتح تكفا. أما أنا وزملائي فقد وقفنا حائرين أي الطرق نسلك أثناء العودة. ترددنا: إذا اخترنا طريق راس العين -بيتح تكفا- كفار سابا ربما نتعرض للاعتداء من قبل اليهود. وإذا عدنا من الطريق القريب من خطوط وقف إطلاق النار, القريب من مدينة قلقيلية, ربما نتعرض لإطلاق النار من الجيش الأردني.
بعد تردد طويل اخترنا الطريق الثانية، لكن قبل أن نصعد إلى السيارة التي كانت سوف تقلنا، سمعت هديراً قوياً يشق عنان السماء. نظرت إلى أعلى بسرعة, وإذ بسرب من الطائرات النفاثة يطير بشكل منخفض يكاد يلامس الأرض. لونها كان أزرق سماويا وقد استطعت قراءة العبارة المكتوبة على القسم السفلى من الجناح باللون الأحمر (القوة الجوية العراقية). ألقينا بأنفسنا على الأرض والخوف يشل أطرافنا المتيبسة. تابعت هذه الطائرات وهي متجهة نحو الغرب, لكنها انقسمت إلى مجموعتين - عرفت بعد ذلك. أغارت المجموعة الأولى على مطار "كفار سيركن", القريب من مدينة بيتح تكفا، وهذا المطار أقيم في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين, وقد استعملته إسرائيل قاعدة للتدريب.
أما المجموعة الثانية فقد أغارت على مصنع للأسلحة الواقع شرقي مدينة كفار سابا. زادت هذه الغارة من قناعتنا بأن الدول العربية سوف تهزم إسرائيل هزيمة نكراء.
كنت أعيش لحظات استثنائية من حياتي، وأتساءل بيني وبين نفسي: هل ستسقط كفر قاسم في الساعات القادمة بأيدي القوات الأردنية, تليها قلعة الصادق وكفر برا وجلجولية والطيبة والطيرة؟!، وكبرت الأسئلة في خيالي. هل نحن على أبواب خارطة إسرائيل جديدة ، سوف تتقلص وتتغير لأن انتصار العرب في طريقه إلى فرض الواقع..؟!
تنفست والدتي الصعداء بعد عودتي، الجميع كان في انتظاري, فقد كانوا في حالة يرثى لها لأن أشباح حرب 48 و56 ومجزرة كفر قاسم لا تزال ماثلة في أذهان الجميع.. جهاز الراديو كان صديقي. الأغاني الحماسية تبث في الأرواح والنفوس دماً ثائراً فيه لون الكبرياء والكرامة والزهو والغرور، ونشيد "الله أكبر فوق كيد المعتدي" يخترق مساماتي ويدفعني إلى العيش في لحظة تاريخية مجيدة، أعيشها وأمسح بها مأساة نكبة 48.
لم تمض إلا ساعات قليلة حتى بدأت الأجواء تفرز علامات مقلقة، مخيفة. دخلنا في الأخبار المتناقضة من نصدق؟!! من نكذب؟!! كنت أفتش عن محطات محايدة تقول الحقيقة - لم تكن آنذاك فضائيات وفيضان أعلامي. كنت أثق بالمذيع "مشتاق طالب" في إذاعة موسكو بالعربية, وهو يقرأ البيانات التي تصدر عن القاهرة ودمشق، وشعرت في لهجة هذا المذيع تغييراً ومحاولة هروب وتذمراً من تراكم الكذب .
إذاعة إسرائيل, الناطقة باللغة العربية, تحولت إلى ساحات ردح وتحليلات تستفز الغضب والقهر للمواطن العربي. ولم يكن أمامي من خيار سوى إذاعة "بي بي سي" الناطقة باللغة العربية. في اليوم الثالث من الحرب تأكدت الهزيمة, بعد أن أعلن احد مراسليها انه يرافق القوات الإسرائيلية, المتقدمة داخل صحراء سيناء بسرعة وتسير بثلاث رؤوس. إحداها يتقدم باتجاه شرم الشيخ, والثاني باتجاه ممرات متلا والجدي, والثالث باتجاه طريق الساحل.
نقلت ما سمعته لأشقائي وأبي, اللاهثين وراء نشرات الأخبار, فرفضوا تصديق ما قلته لهم، لأنهم اعتبروا إذاعة لندن معادية واتهموني بالخذلان والهزيمة. كذبت نفسي وصدقتهم, وعدت للاستماع إلى أخبار "صوت العرب" وتعليقات احمد سعيد ومحمد عروق وغيرهم. وفي اليوم السادس انهار الهرم وتحطمت الأحلام والصروح التي بنيت من الرمال. كانت إسرائيل تعرف حقيقة الجيوش العربية بأسلحتها وتنظيماتها وقياداتها وقدراتها. وما دق طبول الحرب سوى فاتورة الهزيمة التي لحقت بالعرب. لم نصدق جميعنا أن الزعيم جمال عبد الناصر خسر المعركة إلا بعد ان أعلن مذيع صوت فلسطين رسمي أبو علي, وهو يبكي, استقالة الزعيم وإعلانه انه يتحمل وحده كل أسباب الهزيمة. وقد سبق خطاب التنحي التاريخي قيام مصر بالموافقة على وقف إطلاق, النار دون قيد أو شرط..!
بمشاعر مثقلة بالعار والذل والخزي, عدنا إلى المدرسة بعد عشرة أيام من بداية الحرب، وقد تم سحب الأسلحة الثقيلة من منطقة كفر قاسم, ولم يبق سوى أكوام القمامة وبعض الآثار..! دخلت إلى المدرسة دون حافز للعمل. ساد الصمت غرفة المعلمين, وكانت النظرات كافية للتعبير عن كل شيء. وازدادت الوحشة الرهيبة من ثقل ذلك الصمت عندما جاءت الحافلة التي تحمل المعلمين اليهود. نزلوا جميعا بوجوه مبتسمة ورؤوس مرفوعة وخطوات سريعة, كأنهم ذاهبون إلى احتفال كوميدي. كانوا يقهقهون كأنهم أمام مشهد هزلي وكلماتهم, المعززة بنشوة النصر, تغرز في أجسادنا، وعيونهم تطلق نظرات نارية تحمل معاني الحقد والتشفي. وجدت أفضل طريقة لامتصاص الحقد إدخال الطلاب بسرعة إلى الصفوف. لكن لماذا هذا الهروب؟! سأل المرحوم الأستاذ طاهر رابي: "اللي حصل حصل.. هل نهرب من وطننا؟ نحن لسنا غرباء.. هم الغرباء هنا". مع ذلك لم احتمل وجوههم الضاحكة في غرفة المعلمين, وخرجت راكضاً، هارباً من شبح الهزيمة المتشبث في وجودي..!!

 


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0

اضافة تعليق

الاسم الشخصي *

 

المنطقة / البلدة

البريد الالكتروني

 

عنوان التعليق *

 

التعليق *

 


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0
الصفحة الاولى | الاعلان في الموقع | اتصلوا بنا |                                                                                                                                                                                               Powered By ARASTAR