|
|
|
عوض عبد الفتاح: المشاريع الكبرى ليست مجالا للعبثالتاريخ : 2017-03-04 13:54:37 |" انا مع الدولة الواحدة شرط ان أكون برئاستها" . "لماذا انت وليس أيمن عودة ، وهو رئيس القائمة المشتركة".. يسأله الصحفي الاسرائيلي ويجيب: "لأني الأكثر شعبية في الوسط العربي ( داخل منطقة ال ٤٨ )" هو يبني هذه الفرضية ليس بناء على المؤسسات الحزبية او غير الحزبية التي لم يبنيها او لم يهتم ببنائها ، ولا على أساس انخراط يومي في عملية تنظيم المجتمع وتصدر المظاهرات الصدامية ، بل على أساس استطلاع رأي أعدته له مؤسسه لقياس الرأي المبني على أساس الأداء الإعلامي لا غير .هذا ما جاء على لسان عضو كنيست عربي موجود في موقعه منذ حوالي ربع قرن والذي مايزال يؤيد وهم الدولتين حسب ما جاء في المقابله .اي هو مثل دونالد ترامب الذي يؤيد كلا الحلين ، "كما يحب طرفا الصراع" !! فهل يعقل ان يجري اقحام النزوات الشخصية في مشروع وطني كبير يحتاج الى جهد جماعي غير مسبوق والى تضحيات كبيره ، اي الى اكبر قدر من نكران الذات ! في حادثة سابقة ، وقبل عامين بالتقريب ، أراد أمين عام حزب سابق ، لحزب اختفى من البرلمان مؤخرا بسبب اصرار رئيسه ايضا على إتمام ربع قرن في عضوية الكنيست ، ان يزف لي خبرا في بداية اجتماع للجنة المتابع العليا في مقرها في الناصره ان حزبه" أخذ قرارا أمس بتأييد الدوله الواحده " مع إن هذا الحزب تاكل بصوره كبيره ولم يبن مؤسسه واحده ، او يترك اي أطروحه سياسيه او فكريه جديه . قلت له " تمام " وسألته : هذا يعني إنكم كنتم تناقشون الامر داخليا منذ فتره طويله؟ . اجاب: " لا. رئيس الحزب طرح الامر قبل أسبوع على المكتب السياسي وأقر خلال ساعه " . قلت له " يا سلام هكذا بجرة قلم " . ناولته كتابي عن الدوله الواحده المعنون " مأزق التسويه وآفاق الدوله الواحده ، دور فلسطينيي ال ٤٨ في المشروع الوطني الفلسطيني " الصادر عام ٢٠٠٩. وقلت له هناك كتابات وكتب كثيره وغنيه وهامه ، كتبها مجددا أكاديميون وباحثون ومناضلون ، فلسطينيون واجانب ، ويهود امريكيون وحتى بعض الإسرائيليين تؤيد هذا الخيار وتبحث حيثياته بالعمق . اضفت قائلا له انه امر جيد في رايي ان يحصل تحول في اي حزب نحو خيار التحرر الشامل من نظام أبارتهايد كولونيالي . ولكن هل تعتقد ان إحداث تحول من خيار الى اخر بخصوص صراع تاريخي ، مرير ومعقد ، يحصل بهذا الشكل داخل الأحزاب او مؤسساتها. وشرحت له اننا في حزب التجمع ندير نقاشا منذ سنوات حول إمكانية التبني الرسمي لخيار الدوله الواحده ( لان هذا الخيار متضمن داخل برنامج الحزب ، برنامج دولة المواطنين التي تقوم على انقاض الدوله اليهوديه الكولونيالية ) . بدا عليه الاحراج ، ثم راح يضحك ساخرا من رئيس حزبه . هذا الأمين العام هو اليوم خارج حزبه . ولم يصدر عن هذا الحزب اي بيان يشرح هذا التحول وأسبابه وكيفية الانتقال الى الميدان العملي . منذ ذلك " التحول " لم يسمع احد من الناس عنه . هذان مثالان صارخان يدللان على كيفية تعامل الأحزاب ذات الشخص الواحد ، والتي لا تملك مؤسسات حزبيه حقيقيه تتعامل مع الاسترتيجيات والبرامج ومع واجبات التغيير . على اثر حوار بيني وبين الصديق اليف صباغ في تلفزيون "مساواه" قبل أسابيع ، حول الدوله الواحده . فسر صباغ احد أسباب معارضته لخيار الدوله الواحده ، بصوره غريبه قائلا بالحرف الواحد : " أنا اخشى ان يتسلق المستسلمون والانتهازيون على المشروع ويصبحوا في قيادته " موضحا ان من يسلم بالاستيطان والكتل الاستيطانيه الكبيره في الارض المحتله عام ٦٧، هم من المستسلمين " . اولا يجب ان نفرق بين من يتعامل بجديه مع هذا الخيار ، والذي يرفض الانطلاق من ارضية الوقائع الاستعماريه التي فرضتها اسرائيل في الضفه الغربيه والقدس ، حتى لوكانت هذه الوقائع محفّزا ، وبين من ينطلق من أسس العداله والقيم التحرريه الوطنيه والديمقراطيه . الامر الثاني ، لا ارى ( كداعم لفكرة الدوله الواحده ) في انضمام من يعتبرهم السيد صباغ والكثيرون ، مستسلمين وانتهازيين و نقطة ضعف لهذا الخيار التحرري، بل هو نقطة قوه . هذا يعني ان هؤلاء يقدرون انه ما عاد ممكنا الوقوف امام التسارع في تقبل الخيار . ولذلك هم يحبون ان يكونوا في الصداره حتى لو كان هذا السلوك مفتعلا ومدفوعا بنزعة النجوميه الفارغه والتنافس على الزعامة( داخل الخط الأخضر تحديدا ) . طبعا في نهاية المطاف لن يقود عملية التحول نحو هذا الخيار الا مناضلون حقيقيون ، وبما انه خيار استراتيجي وبعيد المدى ، فان لطلائع الجيل الفلسطيني الأكثر وعيا ونضجا الدور الأساس . ولكن لا ضير ان يلتحق كل من يريد بهذا الخيار . بل اهلًا وسهلا . فهم سيخضعون لتأثيرات النقاش والنشاط والتفاعلات التي ستفرزها مسيرة التحول نحو الخيارات والبدائل . يرى العديد من المراقبين أهمية دور فلسطينيي ال ٤٨ في مواجهة نظام الابارتهايدالاسرائيلي . كما ان كفاحهم ضمن رؤية دولة المواطنين داخل الخط الأخضر يمكن ان يكون نموذجا للنضال ضمن دولة المواطنين الواحده من البحر التى النهر . ولكن هذا الدور يتطلب تقوية المجتمع الفلسطيني وتحصينه ثقافيا واجتماعيا وسياسيا ومؤسساتيا ، وفتح النقاش على أوسع ابوابه نحو الانخراط في الجهود المبذولة في كافة تجمعات الشعب الفلسطيني من اجل اعادة بناء المشروع الوطني . ليست المصاعب قائمه فقط في احزاب الشخص الواحد ، بل ايضا في الأحزاب المركزيه . هناك احزاب حظرت( الحركه الأسلاميه ) ، وهناك احزاب مهدده بالحظر وتتعرض للملاحقة الدائمه ( التجمع الوطني الديمقراطي ) ، وهناك محاولات إسرائيليه منهجيه لدق الاسافين بين الأحزاب وتصنيفها بين معتدل ومتطرف . وهذه السياسات القمعيه ايضا هي رساله للأحزاب الاخرى المصنفة كمعتدله بان عليها ان تحذر والاتنجر وراء خطابات الحركات المحظورة والملاحقة . ما معناه ان اسرائيل تسعى الى رسم الخريطه السياسيه العربيه داخل الخط الأخضر على مقاس مصلحتها . ولكن يجب ان نعترف ، ان أحزابنا جميعا وبدون استثناء ، وان بتفاوت ، وهي التي شهدت ازدهارا وقوة لسنوات طويله منذ أواخر التسعينات ، وحتى لعام ٢٠٠٩- ٢٠١٠ ، تحتاج الى تجديد في ادائها وصفوفها واستراتيجياتها . وهذا تحدي حقيقي أمامها لانه مرتبط بالقدرة على اعادة بناء الهيئه العربيه العليا الممثلة للجماهير الفلسطينيه داخل الخط الأخضر . وبدون ذلك فإننا سنخسر الكثير من الإنجازات إلهامه التي حققناها عبر النضال .
ليست الدوله الواحده قرارا بل معركه شامله ومعقدة
لا بد من الإدراك ان عملية التحول نحو خيارات وطنيه بديله ليست عمليه سهله وليست بدون مخاطر حقيقيه . بل هي عمليه مركبه وشاقه وطويلة ، وتحتاج الى قدر كبير من التضحيه ،و قراءه متجددة للواقع ، و تستلزم استراتيجية عمل تتوزع على مراحل زمنيه يتمخض عنها مهمات عمليه محدده . هي عملية كفاحية بكل معنى الكلمه ، اي ليست عملية إقناع ومفاوضات تجري مع المؤسسه الصهيونيه الرافضه لأدنى المطالَب الفلسطينيه . كما انها ليست بالضروره وضع خيار الدوله الواحده في صدام مباشر وفوري مع حل الدوله المرحلية في الاراضي المحتله عام ٦٧ ومقارعة الاستيطان . أصلا ، خيار الدوله في الضفه وقطاع غزه كان يحتاج لاسترتيجيه كفاحية حقيقيه وليس لمفاوضات عبثيه حيدت الشعب ودوره في المقاومه الشعبيه ، وهي مفاوضات انتهت بالقضاء على خيار الدوله المستقله اذ تمكنت اسرائيل من خداع القياده الفلسطينيه وتعميق مشروعها الاستيطاني دون ان تقاومه بصوره جديه . وكما هو معروف فانه حتى في اطار التفاوض على هذا الخيار المختزل لحقوق شعبنا(اي حل الدولتين ) ، تم أصلا التسليم بالكتل الاستيطانيه من قبل المفاوض الفلسطيني . ناهيك عن التفريط بحق اللاجئين بالعوده الى منطقة ال ٤٨ ، من حيث طردوا . و من شروط تطوير عملية التحول نحو المشروع الوطني الفلسطيني الأصيل : العودة الى الروايه التاريخيه الجامعه ، الى النكبه ، والى كون اسرائيل نظام كولونيالي استيطاني . والى ان قضية فلسطين هي قضية تحرر وطني من هذا النظام . هذا المفهوم لقضيتنا ، والمفردات المذكوره يجب ان يجري تعميمها بصوره منهجيه عبر الكتابه وفِي والمؤسسات التربويه والاكاديمية والحزبيه والاعلاميه ، في الداخل والخارج . والهدف هو اعادة تشكيل الوعي الوطني الجامع خاصة بين الاجيال الجديده التي ستتسلم الرايه . وحقيقة ان هذه المهمه يقوم بها أناس كثيرون مثابرون ، ولكنه لا تزال جزئيه . نعم كما أسلفنا ، ان هذا المشروع الكبير ، مشروع التحرر الفلسطيني يحتاج الى قدر عال من نكران الذات والى قدر استثنائي من التعاون الجماعي . لا مكان للعبث ، وما عاد شعبنا يحتمل هذا النوع من العبث او غيره من انواع العبث الاخرى وفِي أماكن اخرى . لنعطي املا لمن بادر الى تجديد هذه المعركه ، لنمنح الأمل للاجيال الجديده ، لأبنائنا وبناتنا .
تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |