د. يحيى أبو شيخه: الدّنيا شجرةٌ؛ أوراقُها ساقطة!

التاريخ : 2017-03-16 12:31:42 |

إن الحمد لله حمدًا طيّبا، والخيرَ منه خيرًا صيّبًا، الكمالُ منهُ وإليه، ربّ السموات والأرض وما بينهما قبضَ وبسط ما عَلا ووَسط؛ والصلاة والسلام على علم الأعلام وبحر الإلمام محمد سيّد ولد آدم وبعد:

فصولُ الدّنيا

عبد الله؛ اجعل هذه الدّنيا رذاذًا، لا تأخذ منها سوى ما يلاطفك بالهدأة والخير فلا يصيبك بحِمل أو أذى شيء منه، مَثَلُها كمثل شجرةٍ تتبدّل بها الأحوال وتتغاير فتمور، فإن وقع عليها الشتاء تجهّزت وإنِ الربيعُ ربَتْ فضحكت وإن أخرفَ عليها الخريف خَرفِت فنسيتْ وبالَ أمرها وتساقط شعرُ الزّيف على رأس السّعادة فتعّرتْ، ولا يدوم فيها ظلّ ولا يزول فيها كلّ.

أسرار المكوث

ظلالها القرآن، ونعيمها الإيمان، وجنانها التوكّل على الله، فابسُط على رقيعتها فراش الرّجاء وحاذِ بين جوانبهِ بمَشادّ الصّبر وأوتاد الإيثار؛ تجنِ الثّمار.
إيّاك أن تتوهّم بأنّ الدوام فيها كائن، فلو دامت ما قامت ولا دُرِيَ فيها عن شقاء.
احتفظ بمِشْعار البوّابة السماويّة وجهازها الذي تنفذ من خلاله إلى واسع السّماوات ألا وهي الصّلاة، واشحنه بالسّبْحَنَة كي يدوم فتحها كلّما تعلّقت بالحوْلِ دون البلوغ غيوم الضّيق والحَزَن.
وما سُمّيت بالدّنيا إلّا لما لا يمكن له أن يعلو وما كانت العُليا تلكمُ الآخرة إلّا لما لا يكون لها أن تندو به فما دنا دنا وما عَلا عَلا، فإن دنتْ أدنتْ أصحابها وإن علوْا بالآخرة علتْ بهم، والفارق بين الدّنيا والعُليا أنّها متبوعة يُعرف أصحابها بها والثانية تُعرف بهم فلولا أهل الصّلاح لَما كان مبلغ الفوز بالجنّة مطلبًا قائمًا، فهي تحقيق جزاء المُحسنين ومفازة المتّقين؛ والحمد لله ربّ العالمين.