|
|
|
الشيخ رائد صلاح: معركة الثوابت (16).. ثوابتنا ولعبة المصطلحاتالتاريخ : 2017-06-15 13:36:38 |
فماذا حدث ؟! انطلت على البعض منا تلك اللعبة " لعبة المصطلحات" وتساوقوا في فكرهم وألسنتهم وأقلامهم مع مخططات الإستعمار الغربي- من حيث يدركون أو لا يدركون - وراح أولئك البعض الذين ضبعتهم " لعبة المصطلحات" يتبجحون أنهم تجرأوا ونبذوا الثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية ، ولذلك فقد باتوا وفق حساباتهم من الصف "التقدمي". وباتوا في نفس الوقت يشنون حربا ثقافية بالوكالة نيابة عن الإستعمار الغربي على كل من أصر على التمسك بالثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية، وراحوا ينعتونه بمصطلح "الرجعي"، ومع مرور الأيام نجح الإستعمار الغربي بكيده ودهائه أن يبلور صراعا قائما في عمق الأمة الإسلامية والعالم العربي وأن يعمق ذاك الصراع بين أبناء تلك الأمة الإسلامية الواحدة، وبين أبناء ذاك العالم العربي الواحد، وأصبح عنوان ذاك الصراع هو الصراع بين "الصف الرجعي" و "الصف التقدمي" على صعيد الحياة الإسلامية العروبية وبين أبنائها، ثم توسعت دائرة ذاك الصراع وأصبحت وكأنها صراع بين "فكر رجعي" و"فكر تقدمي" ثم توسعت دائرة ذاك الصراع وأصبحت وكأنها صراع بين (أحزاب رجعية) و (أحزاب تقدمية) ، ثم توسعت دائرة ذات الصراع وأصبحت وكأنها صراع" بين نمط حياة رجعي" و"نمط حياة تقدمي" وأصبح من المستساغ وليس معيبا في حسابات الصف التقدمي أن يتآمر مع الإستعمار الغربي أو أن يتآمر على وحدة الأمة الإسلامية والعالم العربي أو أن يتأمر على إسقاط الخلافة الإسلامية ، ما دام يسعى - وفق حساباته الموهومة - الى دحر "الصف الرجعي" ونصرة "الصف التقدمي" في مسيرة الأمة المسلمة والعالم العربي ، حتى لو اضطره ذلك - وفق حساباته الموهومة - الى وضع يده بيد الإستعمار الغربي ، والى تقديم الصراع مع" الصف الرجعي" على الصراع مع الإستعمار الغربي!! نعم هذا ما كان مع شديد الاسف ، ثم عندما تغيرت عناوين الإستعمار الغربي التي ظلت تحتل أوطاننا ، حتى بعد أن أعلن البعض منا عن "يوم استقلال" لدولته أو لمملكته أو لإمارته ، وراح يحتفل كل عام بمرور كذا سنوات على استقلاله، حتى بعد أن تغيرت عناوين الإستعمار الغربي من استعمار غربي تقوده بريطانيا وفرنسا في غالب الأحيان الى استعمار غربي تقوده أمريكا والإتحاد السوفياتي- الذي تفكك فيما بعد ، ظل الإستعمار الغربي يستدرجنا الى لعبة "المصطلحات"، ولكنه في مرحلة أمريكا والإتحاد السوفياتي -المنصرم- بدأ يزرع في تفكيرنا وألسنتنا وأقلامنا مصطلح "اليمين" مقابل مصطلح" اليسار"، وبات وكأنه مفروض عل كل مسلم أو عربي أو فلسطيني سواء كان حاكما أو محكوما ، وسواء كان فردا، أو حركة، أو حزبا أن يختار بين الإنحياز لأمريكا أو الإنحياز للإتحاد السوفياتي، فإذا انحاز إلى أمريكا فهو "يميني" وهو في صف "اليمين" وإذا انحاز إلى الإتحاد السوفياتي فهو "يساري" وهو في صف "اليسار" وبات وكأنه لا يجوز لأي مسلم أو عربي أو فلسطيني أن ينحاز لشيء ثالث، كأن ينحاز الى ثوابته الإسلامية العروبية الفلسطينية ، وأن يرفض الإنحياز إلى أمريكا او الإتحاد السوفياتي وأصبحت الشهادات توزع بالمجان بالذات من الصف اليساري- على صعيد واقع المسلمين والعرب والفلسطينيين ، وبات يشيع أن كل مسلم أو عربي أو فلسطيني إذا لم يعلن الإنحياز إلى الإتحاد السوفياتي فهو مع أمريكا تلقائيا وهو "يميني" تلقائيا وهو خارج صف "اليسار" تلقائيا ، وقد يقال عنه "عميل أمريكي" تلقائيا ، وكأنه بات من المحرم في عرف "لعبة المصطلحات" التي تحولت من صراع بين "الصف الرجعي" و" الصف التقدمي" إلى صراع بين "صف اليمين" و "صف اليسار" كأنه بات من المحرم على أي مسلم أو عربي أو فلسطيني أن يقول: أنا لست مع "صف اليمين" ولا مع "صف اليسار" بل أنا مع" صف الثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية" وهذا ما دفع كلا الصفين "اليمين واليسار" في الحاضر الإسلامي والعربي والفلسطيني أن يضطهد أصحاب الخيار الثالث الذين انحازوا لصف الثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية، حيث أن "صف اليمين" قال : بما أن أصحاب الخيار الثالث ليسوا معي، فهم مع "صف اليسار"، وعلى هذا الأساس السقيم اضطهدهم وأنزل فيهم أشد العقوبات !! وفي المقابل فإن" صف اليسار" قال: بما أن أصحاب الخيار الثالث ليسوا معي، فهم مع" صف اليمين" ، وعلى هذا الأساس السقيم اضطهدهم وأنزل فيهم أشد العقوبات!! وإلا مَنْ أعدم الإمام حسن البنا؟! ومَنْ أعدم سيد قطب؟! ومَنْ أعدم عبد القادر عودة ؟! ومَنْ أعدم عبد العزيز البشري؟! ومَنْ أعدم مروان حديد ؟! ومَنْ أعدم الآلاف من شباب الخيار الثالث في مصر وسوريا والعراق الذين انحازوا لصف الثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية ؟! وماذا كانت نتيجة ذاك الصراع بين صف اليمين وصف اليسار في واقع المسلمين والعرب والفلسطينيين ؟! لقد تحولت الشعوب المسلمة والعربية الى وقود للمصالح الأمريكية والسوفياتية ، وتحولت أوطان المسلمين والعرب إلى حلبة صراع بين النفوذ الأمريكي والنفوذ السوفياتي ، وتراجعت مسيرة القضية الفلسطينية، ثم تدهورت حتى وصلت إلى ما وصلت إليه في هذه الأيام . ثم ماذا ؟! ثم دخل الى لعبة المصطلحات في المرحلة التي شهدت الصراع بين صف اليمين وصف اليسار في واقع المسلمين والعرب والفلسطينيين، دخل المشروع الصهيوني كلاعب تعزيز إلى جانب أمريكا والإتحاد السوفياتي في لعبة المصطلحات، وبدأ المشروع الصهيوني يشيع أن كل فلسطيني يقاوم المشروع الصهيوني فهو" مخرب" ، وتبنى الإعلام الإسرائيلي هذا المصطلح وراح يتحدث عن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ويصف كل مقاوم فلسطيني بكلمة "مخرب". وهكذا بات المقاوم الفلسطيني مخربا في لعبة مصطلحات المشروع الصهيوني فإن قُتِلَ هذا المقاوم فهو مخرب قد قتل ، وإن اعتُقِلَ هذا المقاوم فهو مخرب قد اعتقل ، وإن سُجِنَ هذا المقاوم سجنا مؤبدا فهو مخرب قد سجن، وإن نُفِيَ هذا المقاوم خارج فلسطين فهو مخرب قد نفي، كل ذلك وفق لعبة مصطلحات المشروع الصهيوني، ثم أضاف المشروع الصهيوني مصطلح "متطرف" إلى كل من أعلن عن رفضه لإضفاء الشرعية على المشروع الصهيوني، أو إلى كل من ظل يؤكد أن الوجود الإسرائيلي في القدس والمسجد الأقصى المباركين هو وجود احتلالي باطل بلا سيادة ولا شرعية وهو إلى زوال ، ثم أضاف المشروع الصهيوني مصطلح "الإرهابي" إلى كل من يتمسك بالثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية، ويعلن عن تمسكه بالمشروع الإسلامي الراشد الوسطي كمنقذ للبشرية اليوم كما كان منقذا لها بالأمس، وكما سيظل منقذا لها إلى قيام الساعة ، وهكذا كان ولا يزال المشروع الصهيوني يواصل إشاعة مصطلح "مخرب" أو مصطلح "متطرف" أو مصطلح" إرهابي" وبات يوزعها على الكثير من أشخاصنا ومؤسساتنا وحركاتنا على الصعيد الإسلامي والعربي والفلسطيني، ثمَّ تجرأ أكثر وراح يجرم ثوابتنا ويلصق بها إحدى هذه المصطلحات الثلاث: "التخريب" أو "التطرف" أو " الارهاب" . ووفق حسابات المشروع الصهيوني باتت مقاومة المشروع الصهيوني تخريبا ، وبات نزع الشرعية عن المشروع الصهيوني وعن الإحتلال الإسرائيلي تطرفا، وبات الرباط في المسجد الأقصى أو الإعتكاف فيه أو إقامة إفطارات رمضانية فيه أو تنظيم حافلات لشد الرحال إليه إرهابا، وبات ترميم مساجد في القدس أو توزيع لحوم أضاح على العائلات المقدسية او ترميم مساجد في النقب والجليل بات إرهابا، وبات التمسك بالثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية ودعوة الأمة المسلمة والعالم العربي إلى نصرة القضية الفلسطينية بات إرهابا، وباتت الدعوة الى نصرة المشروع الإسلامي الراشد الوسطي إرهابا . وهكذا بات كل مسلم أو عربي أو فلسطيني ، سواء كان حاكما أو محكوما ، وسواء كان رجلا أو امرأة، وسواء كان صغيرا أو كبيرا ، بات عرضة أن تناله مرتبة "مخرب" أو" متطرف" أو" إرهابي" من أبواق المشروع الصهيوني ، وكمثال قريب على ذلك عندما تحدثت أبواق المشروع الصهيوني عن مشاركتي في الإفطار الرمضاني الذي أقامه السفير التركي قبل أيام ، فقد "منحتني !!" تلك الأبواق الصهيوني مرتبة "إرهابي" ، ومنحت الرئيس التركي اردوغان مرتبة "متطرف"، ومنحت شهداء أسطول الحرية مرتبة "متطرفين" ، ولا تزال تطلق على كل الأسرى السياسيين الفلسطينيين مصطلح "مخربين". ولكن هيهات هيهات أن يستمر هذا الحال، وهيهات هيهات أن تستمر لعبة المصطلحات كما هي عليه الآن ، فالتغيير قادم، وتجديد دور المشروع الإسلامي قادم، ولا محالة سيُحَرِّرُنا وسَيُحَرِّرُ العالم من لعبة المصطلحات هذه ، ومن شؤمها وويلاتها. مبادرات جادة وواعدة تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |