|
|
|
شاكر فريد حسن: د. فاطمة ابو واصل اغبارية رحلة الضوء في عيون الاختفاءاتالتاريخ : 2017-08-13 12:42:01 |اميرة الحروف د. فاطمة محمود ابو واصل اغبارية هي ناشطة ثقافية ، ومبدعة حقيقية تغتسل بشمس القصيدة ، وندى الكلمة المضيئة الرقيقة ، وتحلق متألقة في شعرها المتنوع الملون بالوانه الزاهية من فرح وحزن واشجان ، وتنطلق من ثقافية شمولية واسعة معمقة ، وهي نموذج للمبدع الذي يعمل بصمت وتواضع بدون ضجيج وصراخ . عرفت الدكتورة فاطمة محمود ابو واصل اغبارية قبل اكثر من اربعين عاماً ونيف ، في اواخر سبعينات القرن الماضي ، عندما كنا ننهل العلم واللغة ونتجرع القيم والاخلاق في مدرسة كفر قرع الثانوية . كانت يومها في عز شبابها واوج عطائها ، وطالبة مميزة تزهو باشعاعها العلمي والثقافي وروحها الشفافة الجميلة وحضورها البهي واخلاقها العظيمة . وكانت تهوى الادب وتعشق الثقافة ، تقرأ بنهن ما يقع تحت يديها من كتب منوعة كغذاء روحي وفكري وزاد ثقافي وحباً في المعرفة والغوص في ينابيع التراث الادبي العربي . فاطمة اغبارية ، تلك الانسانة المثقفة الطموحة الحساسة ، صاحبة الروح الانسانية الهادئة الطيبة الرفيعة الرقيقة ، وجميلة الجميلات بقلمها وابداعها ولسانها ووعيها وشفافيتها ودفئها واخلاصها وتفانيها وثقافتها وعلمها النافع وفكرها الراقي وابداعها الجميل . تعود اصول فاطمة ابو واصل اغبارية لقرية كفر قرع في فلسطين ، فيها ولدت ونشأت وترعرعت واتمت دراستها الابتدائية والثانوية ، ثم التحقت بالجامعة وانهت دراستها الاكاديمية في الموضوع الاقرب والأحب الى قلبها ، اللغة العربية . تزوجت فاطمة ابو واصل من عبد الحفيظ اغبارية من ام الفحم وسافرت الى الدانمارك حيث تقيم وتقطن ، وهناك عملت في مهنة التعليم ، وخلال عملها واصلت دراستها الاكاديمية ونالت شهادة الدكتوراة بموضوع " اللغة العربية والحفاظ عليها في المهجر " اوروبا" . نشرت فاطمة اغبارية العديد من المقالات الالكترونية في ثقافة الأدب ، وبادرت الى تأسيس وانشاء مؤسسة " همسة الثقافية " في المهجر ، وذلك بهدف الحفاظ على الحفاظ على العربية في المهجر ، والتواصل بين ابناء الأمة العربية المغتربين ، والكشف عن مواهب وابداعات الطلبة العرب في الدول العربية والاجنبية لتبنيها وضمها الى الجمعية ، وكذلك التواصل مع ابداعات الطلبة في المدارس بالدنمارك والاردن وفلسطين ولبنان ثم القيام بمسابقات أدبية واختيار ابرز طلاب حازوا على اعجاب لجنة التحكيم ، ودعوتهم الى مهرجان همسة سماء الثقافة الدولي في الدنمارك، ويتضمن المهرجان امسيات شعرية ومحاضرات ومناظرات . تكتب فاطمة الشعر خاصة الروحاني ، وتميل لكتابة الخواطر والهمسات التي تتحدث عن القيم والاخلاق والمبادئ والمثل العليا ، وفي رصيدها ٤٢ قصيدة موزونة ، وكتاباتها جاءت رداً على احداث ومواقف استفزتها . ومن جميل قصائدها الانسانية قصيدة عن الأم ، حيث تقول : لا زِلتُ أذكُرُ أمّي حينَ تَسألُني ..أيذهَبُ الودُّ من قَلبً ويَنساني هي الثُّرَيا التي أحبَبتُها أفَلَت .. في ليلِ قَرٍّ وهذا الشّوقُ أضناني البيتُ أقفَرَ والأيامُ موحِشَةٌ .... غيابُ نورِكِ يا أمّاهُ أشقاني يا مَنبعَ الحُبِّ ما عادَت تُسامِرُني. ... أنغامُ صوتِكِ تُحييني بتَحنانِ أعودُ للذِّكرى والصَّمتُ يأسِرُني ... لعل في الذّكرى سلوى لأشجاني أمّاهُ بعدَكِ ما عادَت تُهَدهِدُني ... أصداءُ وُدِّ وقد عانَقتُ أحزاني لِروحِكِ الوُدُّ موصولٌ بأشواقي ... مُذ غِبتِ أمّاهُ باتَ الشّوقُ عُنواني عَظيمَةٌ أنتِ يا أمّي سَكَنتِ دَمي ... عَطشى وليسَ سوى ذكراكِ أرواني يا حبة القلبِ باتَ الشّوقُ يعصِفُ بي ... يا روحَ روحِيَ هذا البُعدُ أذواني أمّاهُ أبكي عليكِ أم عَلى ألمي ... والشوقُ بعدَكِ خَلّاني لأشجاني والذّكريات كما الأنسامِ تعبرُني ... والشَّمسُ غائِبَةٌ نادضتُ: رحماني يار رب أمِيَ فاجعَل قبرها روضًا ... في جنة الخُلدِ واجمَعها بعدنانِ ................... البحر البسيط ................... تتسم نصوص فاطمة ابو واصل اغبارية بفلسفة فكرية عميقة تحمل خطاباً صالحاً ، ووجداناً خصباً ، يأتي كنتيجة لمعاناة حياتية وانكسارات نفسية متتالية ، نتيجة واقع البؤس والتردي ، وتراجع الاخلاق وانحسار القيم ، وتجعل من الماضي حاضراً في الذاكرة والوجدان ، لينبعث رؤى فكرية خصبة ، ولتجعل منه مبعث سمو اصيل ، وحياة متجددة . فاطمة اغبارية بارعة وحاذقة وراقية ، تتغلغل في معبد العشق الصوفي والعالم الروحاني ، ومن اعماقها تصدح بما ترى ، واذا صوتها يتردد في اجواء المعبد ، ويمتزج بانغام المترنم المبدع حتى لا تكاد تفرق بينهما . انه نشيد جميل ورقيق فيه الكلمة الناعمة الدافئة والسحر المعلق بما فيها من غرابة ، وجزالة صيغ ، ونسج تعابير ، فهي ملكة الاحساس ، اما باللفظة التي لا تستطيع استيضاح كل ما يفرغ الذهن فيها واما بالصورة الجميلة الخاطفة التي لا تترك للاحرف مجال التجسيد الكلي ، واما الموسيقى واللحم والنغم الشجي ، الذي يلهب الحس والفكر ، على غير استقرار في الايقاع ، واما بمخيلة نسرية الاجنحة بقارورة عطر ، كالخلية تعج زاد النحل فيها ، لو تجردت من كل هذا ، لما بقي من شعرها غير اهلة نور . ونصيحتي لما يقرأ نصوص فاطمة ان يقرأها على مسارح التخييل فقد يعينهم التمثيل على الاستيعاب. الشعر يتفجر في طاقات النفس الموهوبة لدى فاطمة ابو واصل اغبارية ، فانغامها كما توقعت العنادل اناشيدها ، وكما ترسل الطبيعة اصواتها . فالينبوع غير فوضوي ، كذلك حنجرة الطائر ، وايضا ثورة البحر ، اقل هذا عن هبوب الريح وعن هطول المطر ، انغام كل هذه على انسجام مع صوت الحياة الشعري ، صوت فاطمة السحري الاخاذ الذي يطربنا . وجل قصائدها مجامر رحلة في الحياة متشعبة الطريقة فريدة المشاهد ، تغرق في بحر الكلمات ، وانهار البوح ، وفي سفر بعيد تحمل اسئلة واجوبة ، تهتف للانسان ، وروح الانسان ،وتشدو للكلمة المنقذة على شفتي بطل نبي محرر . اعتمدت فاطمة لغة الشعر وانشدت له وبصوته ، ورأت ان الشعر المكتنز يعبر بالايماء، فنذرت حياتها من اجل هذه الايماءة الشعرية ، ومن اجل هذه الايماءة والومضة المدهشة ، من اجل هذا الخطف وتلك المفاجأة ، تحاول ان تكتب قصائدها بلغة جديدة ، لغة الضوء ، والايماء والنبوة ، باللغة المصفاة من شوائب النثر وسرديته ، وروابطه ، وفواصله ، والتزاماته ، بلغة الشعر المتوهج ، الشعر الموزون ، ولغة الانسان المتحضر النابت في عصره شجرة سامقة تطل على واحة الابداع ، واذا انتفت هذه اللغة من الشعر صار عادياً مألوفاً . تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |