ساندرا أحمد: صرخة عشق (قصة قصيرة)
التاريخ : 2017-09-15 15:18:08 |
أتذكر الأيام التي مرت مثل الطيف بالسماء , كانت تتلون مثل لوحة فنية , تأخذ العقل , كل لحظة مرت كانت كأنها ثوان, مثل زهرة تتفتح قبل موعدها, كنت أردد مع نفسي وأقول: يا تري هل ستعود تلك الأيام ,وتعود البسمة ترسم فرحة من جديد.
وعندما كنت أخاطب نفسي!!! التفتت الي صديقتي لما مندهشة ومعتقدة أني قد جننت, وخاطبتني قائلة: بيان حبيبتي ماذا حل بك ؟ صار لي أكثر من ساعة وانأ أرقبك , وأنت لست بوعيك, هل دخلت في نوبة حب جديدة أفقدتك عقلك؟
بيان:كنت أتذكر تلك اللحظات الجميلة من حياتي , وأنت قطعتي علي هذا الحلم
لما: آه منك يا بيان لقد أضناك الشوق الي أبن الجيران!
بيان: أفتقده كثيرا, ولم أراه منذ فترة طويلة , وأشعر بالخوف عليه
لما: عليك أن تجتهدي وتخترعي طريقة لرؤيته والاطمئنان عليه, ولا تنتظري طويلا
بيان أنت صادقة فيما تقولين حبيبتي, سوف أحاول الوصول إليه, لقد أتعبني فراقه, إنا أحبه , فهو قطعة من قلبي , انه كل شيء بحياتي , انه الهواء الذي أتنفسه
لما :أيتها العاشقة,فليهنأ بك محمود, أتمني أن تجتمعا علي حب وأن تنالوا سعادة لا تنتهي
آه علي تلك الأيام تقول بيان, ويغلب علي وجهها ملامح الحسرة وتواصل حديثها الي لما: كنت التقية في طريق عودتي من الجامعة أطمئن عليه, كانت نظراته مليئة بالعشق والمحبة, كنت أذوب في تلك النظرات, أعيش لحظات لا توصف يغلب علي فيها الحب وتأسرني الكلمات.
وبينما كانت بيان تتحدث الي لما دق جرس النقال, أسرعت لرؤية النقال فإذا برسالة من محمود: اشتقت اليك كثيرا, لم أعد أحتمل الفراق, أنت معي في كل الأماكن صورتك لا تكاد تفارقني, أحبك.
بيان تقفز في الهواء عدة مرات من شدة الفرحة, وتحضن لما وتعانقها قائلة, لقد أرسل لي رسالة يا لما , انه يحبني , ويشتاق الي.
وردت بيان في الحال علي رسالة محمود: حبيبي الغالي, أنا عاتبة عليك, انقطعت عني فجأة,دموعي لا تجف خوفا عليك واشتياقا اليك, متي سنلتقي؟ أحبك.
وتمر الأيام ثقيلة وكل شيء أصبح بطيئا لا معني له, وفي صباح يوم من أيام الاشتياق , اتصل محمود وطلب مني أن نلتقي في مقهى الجامعة, كدت أطير من الفرحة , واتصلت يلما وأبلغتها عن موعد اللقاء شاركتني الفرحة, وتمنت لي لقاءا جميلا مليء بالسرور والمحبة.
في مقهى الجامعة جاء محمود, كنت أرغب في هذه اللحظة أن أدخله الي قلبي وأغلق عليه ليبقي لي وحدي ولا يفارقني أبدا.
تبادلنا التحية, وعبر لي عن حبه وإعجابه ني, واعتذر عن عدم تمكنه من لقائي بسبب انشغاله.
نظر الي وكأنه يريد أن يقول لي شيئا, لكنه تراجع, سألته في الحال: ما الذي تخفيه عني يا حبيبي؟ لا شيء, وعدت وسألته ثانية: قل لي ما الذي تخفيه عني ؟
نظر الي نظرة طويلة ثم ابتسم وقال: سوف أسافر الي خارج البلاد حتى أكمل دراستي, وسوف أغيب فترة طويلة قد تستمر الي ثلاثة سنوات للحصول علي الماجستير, سوف افعل المستحيل كي لا تزيد مدة الدراسة عن الفترة الزمنية المقررة لها. شعرت وكأن كل شيء يدور من حولي, لم أتمالك نفسي وانفجرت في نوبة بكاء,حاول تهدئتي, وقال لي: أنت كل شيء حلو بحياتي ,انأ افعل هذا من أجلك يا عمري, عندما أعود سنتزوج ونحقق الحلم الذي نحلم به, لكن ذلك لم يهدئني.
ذهب محمود,وتركني في المقهى, ذهبت بعيدا بخيالي, وبدأت ارتجف,فقد رأيت في عينية مشروع سفر طويل, لن يعود منه, ورأيت امرأة أخري في عالمه, انتابني شعور بالحزن الشديد, شعرت وكأني خسرت كل شي, شعرت أني لن أراه ثانية , لن اسمعه, لن المسه. تركت المقهى في وضع سيء للغاية, ووصلت بصعوبة الي منزلي .
عند المساء أغمي علي ونقلتني أسرتي الي المستشفي, وهم لا يعرفون ما الذي حدث معي, عندما استيقظت من الإغماء كان الطبيب بجاني, وقال لي: سلامتك, لماذا ترهقين قلبك الي هذه الدرجة, أنا أحذرك من تكرار هذه الحالة, وقد بقيت عدة أيام بالمستشفي أتلقي العلاج, حتى تحسنت وخرجت.
جاءت لما لزيارتي , وقد قالت لي بأن محمود علي علم بما حدث معي, وهو يرغب برؤيتي. انتابتني مشاعر مختلطة بين فرحة اللقاء به والخوف من أن يكن اللقاء هو الأخير بيننا, فهو سيسافر.
عندما التقيت به ثانية كان مرتبكا وأنا كنت أكثر ارتباكا منه, اعتذر لي وكأنه كان يقول لي أنه المسئول عما حدث لي , قلت له : لا تحزن , أنا أحبك كثيرا, لم يدم اللقاء سوى بضع دقائق بعدها ودعني بنظرة سريعة وذهب في حاله.
انتهت قصة حب جميلة, لشخص رأيت الدنيا من خلال ابتسامته, وخفق قلبي حبا له,ذهب من أحب الي غير رجعه, أنهي دراسته وتزوج من امرأة أخري وبقي في البلد التي أختارها ليكمل مشوار حياته.
أما أنا فاخترت العزلة والبقاء وحيدة تجرفني تيارات الذكريات ويشدني الحنين الي ماض لن يعود أبدا.