قاسم زيد: كونوا كزرقاء اليمامة وليس كالدجاجة...!

التاريخ : 2017-09-25 10:42:08 |

تشهد منطقة الشرق الاوسط تطورات دراماتيكية ومأساوية، فالدول العربية كالحرباء تغير جلدها. ولا يسعني هنا إلا ان اطرح هذه الآراء والأفكار، للنقاش والجدل بالتي هي احسن، لعلنا نصل ولو الى الحد الادنى من القواسم المشتركة.. كل ذلك في صالح شعبنا الفلسطيني بالضفة والقطاع، ولصالح جماهيرنا العربية في الداخل.
وآمل ان تكون احكامنا على ضوء التطورات والمستجدات على ارض الواقع، وان كان أمرّ من العلقم.
انا لا ادعو الى تغيير ثوابتنا، ولا الى تغيير جلودنا، بل ارجو ان تكون رؤيتنا ثاقبة، وان نرى الاشياء كما هي، ونفكر بها بغير ما يفكر بها ملوك وزعماء الدول العربية الخائنة.
يجب ان نكون كزرقاء اليمامة، وليس كالدجاجة التي تنظر فقط الى رجليها. يجب ان نستقرئ المستقبل بنظرة برغماتية، وليس مزاجية او نرجسية. فهذا لا يفيدنا، وربما قد نصاب بتصلب في الشرايين، فتصعب علينا الحركة..!

لا تضربوا رؤوسكم بالصخر
يجب ان نكون متيقظين ومرني الحراك، وان نضع النقاط على الحروف. فإذا ما فعلنا ذلك ووضعنا الامور في نصابها الحقيقي، وعرفنا قدرتنا على التأثير على مجريات الامور، وعرفنا قدر انفسنا، فستكون قدرتنا في التأثير اقوى، وعلى الاقل ستكون أنموذجاً لإخواننا الفلسطينيين.
علينا ان نعلم وان نتذكر اننا، كمواطنين في دولة اسرائيل، نناضل من اجل نيل حقوقنا الكاملة، ولجم غول العنصرية ضدنا. لذا ينبغي ان نفتش "بفتلة وسراج" عن قوى تقدمية من احزاب المركز واليسار، لنقيم تحالفاً معها من اجل الاطاحة بحكومة اليمين الفاشي، وعلى رأسها بنيامين نتنياهو.
وفي اعتقادي، ستكون هذه هي اكبر مهمة قومية تواجهنا، ويجب ان نسعى الى تحقيقها، وان نجحنا في هذه المهمة + والتي قد تكون صعبة المنال - فعندها تترتب اشياء كثيرة.

قصر ذيل يا أزعر
ان الدول العربية، وعلى رأسها السعودية ودول الامارات، تسدد ضربة قاسية ومؤلمة لشعبنا الفلسطيني. ويجب ان نكون منتبهين للمؤامرات والدسائس، التي تحيكها هذه الدول دون وازع من ضمير. فهذه الدول قل حياؤها، وجف ماء وجوهها، لانها تصنع ما تشاء.
تطالعنا الانباء ان السعودية ودول الامارات تجري محادثات سرية مع اسرائيل، وان الامير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي قام بزيارة سرية لإسرائيل.
ان بنيامين نتنياهو يفاخر، وبكل صفاقه، بان هذه الدول على استعداد ان تعقد اتفاقية سلام مع اسرائيل، دون حل القضية الفلسطينية.

سلّوا ذيولهم وانسحبوا
حيال فشل هذه الدول في سوريا واليمن، اصبحت "تتفشش" بقطر وتتهمها بدعم الحركات الارهابية. لكن كل ذلك يأتي غيرة وحسدا من قطر.
هذه الدول تجازي وتعاقب كل من لا يقف الى جانبها في حصارها ضد قطر. فالأمير محمد بن سلمان "الممسك بالعباطين"، والذي حسب ما جاء في الانباء يعتزم والده العجوز والمريض التنازل عن العرش له.
وان لم يكن الامر كذلك، فان محمد بن سلمان هو الحاكم بأمره. والدليل على ذلك انه بالفعل يصول ويجول كما يحلو له، ويقطع الراس "بفقّوسة"، كما يقول مثلنا الفلسطيني الشعبي.
لقد امر باعتقال العلماء والمفكرين والصحفيين الذين لم يساندوه، ظلما وعدوانا، في معركته ضد قطر.

المضحك المبكي
المضحك المبكي ان السعودية والإمارات تجرب سمّها بأقرب المقربين لها. فالإمارات قررت قطع المساعدات عن المملكة الاردنية، رغم انها من دول نفس المحور. وكل ذنبها انها لم ترفع صوتها عاليا ضد حكومة قطر وتحاصرها.
اما الاردن، وبعد ان رأت ان السعودية والإمارات فشلت في حربها في سورية، فقد اعلنت عن استعدادها لتجديد العلاقات مع حكومة الاسد. كل ذلك اعترافا منها بضعفها، لئلا يلتهمها بشار الاسد بدعم من حلفائه.
ربما شطحنا كثيرا وأبتعدنا عن صلب موضوعنا، إلا ان الامور مترابطة ومتشابكة ببعضها البعض، ولا يمكن فصلها.
وعود على بدء، واقصد موضوعنا الاهم ألا وهو القضية الفلسطينية، ودورنا الممكن في حلها. يقول الله في كتابه الكريم" "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها"، فقدرتنا ودورنا في حل القضية الفلسطينية محدود الى حد ما. ولا شك ان أصحاب القضية الرئيسيين، اخواننا بالضفة الغربية والشتات، هم "قدها وقدود".
فالبركة فيهم وهم اكفاء لحل قضيتهم قضيتنا، ولديهم القدرات العلمية والحضارية. وما يبشر بالخير ان قدراتهم وكفاءتهم لا تقل عن قدرات الشعب الاسرائيلي، وبإمكانهم ان يقارعوه الحجة بالحجة.
والدليل على ذلك ما نراه بأقوال وتصريحات بعض الخبراء والمعلقين الاسرائيليين، الذين يحذرون من انه بدون حل القضية الفلسطينية فلا مستقبل لدولة اسرائيل.

خذوا العبرة من غزة
قبل انتخاب اسماعيل هنية رئيسا لحركة حماس، بدلا من خالد مشعل، وانتخاب يحيى السنوار رئيسا لحركة حماس في غزة، ادخل الاثنان تغييرات في وثيقة حماس. ومن جملة هذه التغييرات الاستعداد لإقامة الدولة الفلسطينية بجانب دولة اسرائيل، دون الاعتراف بها.
وهذا، في رأيي، موقف مرحلي سوف يتغير اذا ما ابدت اسرائيل استعدادها لإبرام عملية سلام مع الفلسطينيين.
لقد اقام هنية والسنوار حوارا مستفيضا، ومن على موجات الاثير، حول المستجدات على وثيقة حماس. واخذ الكثيرون مآخذ على هذه التغييرات، لدرجة ان البعض قالوا ان الوثيقة الجديدة لا تمثلهم.
لقد سببت الوثيقة الجديدة شرخا بين جناح هنية والسنوار من جهة، وبين خالد مشعل ومناصريه.
اما هنية والسنوار فعزما العزم ان يستمرا بطريقتها واستعدادهما لحلحلة الموقف مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية. وخرج وفد كبير برئاستهم الى مصر ليجتمعوا مع رئيس المخابرات المصرية، للتفاوض حول تبادل الاسرى وحول المصالحة مع السلطة الفلسطينية.
لا ندري الى ماذا ادت، او قد ستؤدي هذه المفاوضات، إلا ان مجرد استعداد حماس للتفاوض حول هذين الموضوعين الاساسيين هو بحد ذاته تحول في المواقف، قد يصل الى حد 180 درجة.

جباي اسمع صوتك
اذا كان آفي جباي، رئيس حزب العمل الجديد، والذي حصل على اكثرية ساحقة في التصويت على برنامجه، وخرج قويا ومنتصرا على منافسة عمير بيرتس، جادا وصادقا في قراره الاطاحة بنتنياهو وإقامة حكومة تنشد السلام والمساواة، فما عليه إلا ان يسمع صوته ويميط اللثام عن وجهه الحقيقي، وان يأتي ببرنامج واضح المعالم دون خوف او وجل، ودون مواربات.
على آفي جباي، ويئير لبيد كذلك، أن يعلما انه بدون تحالف مع ممثلي الجماهير العربية فسيبقيان يتخبطان مثل "المفتّح بالعتمة". ولا بد ان يتوجها لممثلي الجماهير العربية ببرنامج واضح المعالم، ومتفق فيه على التكافؤ والمساواة.
واذا ثبتت النوايا فانا ادعو قياداتنا ان تلبي الدعوة دون تردد، لان بقاءنا خارج اللعبة السياسية، وعلى ضوء التطورات الدراماتيكية المتسارعة، يوماً بعد يوم، سيظل في التيه والشتات اربعين سنة. وسوف نندم حين لا ينفع الندم، وليرضَ عنا اخواننا الفلسطينيون، لا جماهيرنا العربية..!!