احمد كيوان: الموقف السياسي شيء والتحريض شيء Nخر

التاريخ : 2017-11-03 07:35:33 |

ليس بالضرورة ان يكون موقفك ورأيك مطابقا لموقفي ورأيي حتى ابادلك التقدير والاحترام، فانا لا ارى باختلاف الرأي مفسدة للود، بل اكاد اقول انه من الضروري ان تتعدد الNراء حتى نضمن سلامة المسيرة ونقاء الاتجاه، لان كل رأي اضافي يثري النقاش. كما ان حق التفكير والتعبير الحر عن الرأي امر مقدس ولا يجب ان يضايق احدا منا، دون الخروج عن آداب النقاش والحوار، سواء بالتركيز على الامور الشخصية او الاثارة التي تكون بمثابة الاستفزاز.

وقد شهدت ساحتنا المحلية في الاسبوع الاخير كلاما كثيرا، وتلاسنا غير موفق من قبل اطراف عدة، في اعقاب التأبين الذي جرى في مجدل شمس للقائد السوري الكبير، المرحوم عصام زهر الدين الذي استشهد وهو يقاتل ارهابيي داعش في دير الزور. ومن واجبنا ان نشيد بإخوتنا في الجولان السوري المحتل، ونحني هاماتنا لمواقفهم الوطنية والعروبية الصادقة لانهم بقوا مع الوطن الام سوريا ولم يبدلوا تبديلا، وكان من حقهم وواجبهم ان يؤبّنوا هذا الشهيد، اللواء شرف عصام زهر الدين ابن محافظة السويداء، لانه كان مفخرة للعسكرية السورية وللجندية العربية، بالرغم من رأي مخالف للبعض فيه. فهذا الضابط، الذي يحمل رتبة رفيعة في الجيش، "عميد"، وهي ما بين العقيد واللواء، كان في مقدمة جنوده في اقتحام مواقع داعش، وكان في الصف الاول في المواجهة.، وكان قبل ذلك لمدة اربع سنوات محاصرا وبقي ورمزا لصمود بلاده سوريا. وهذه الصورة لهذا القائد الميداني مخالفة تماما لتلك الدعاية التي بثتها اسرائيل ذات يوم، وهي ان الضابط العربي يبعث بجنوده الى الامام بينما هو يبقى في الخلف حفاظا على حياته، وحاولت ان ترسم صورة الضابط الاسرائيلي الذي يتقدم جنوده ويأمرهم بان يتبعوه! وقد فنّد هذا النوع من الحرب النفسية امير الشهداء العرب، الفريق الشهيد عبد المنعم رياض، رئيس اركان الجيش المصري الذي استشهد في حرب الاستنزاف عام 1969 على خط الجبهة، حيث كان مع جنوده في الخطوط الامامية حين كان الاشتباك جاريا مع القوات الاسرائيلية. واستشهاد عصام زهر الدين هو سير على نفس طريق الشرف، التي يسير فيها الكبار دائما. ولا ادري ما الذي دفع بالشيخ كمال الخطيب حتى يصب جام حقده على هذا القائد، مع ان سوريا تدفع كل يوم قافلة من الشهداء، جنودا وقادة. وقد وصفه بـ"الضابط المجرم"، وقال: "لقد طرحت في موقفي المتعلق بالضابط السوري المقتول رايا سياسيا صرفا". واضاف: "تجنبت في موقفي كل طرح طائفي". ونحن نعلم ما هو موقف الشيخ وحركته من سوريا، التي زارها مع الشيخ رائد صلاح وحلّوا ضيوفا على الرئيس الخالد حافظ الاسد، كما فعلوا نفس الشيء عندما حلّوا ضيوفا على الزعيم معمر القذافي، قبل اشهر من الصقيع العربي الذي ضرب ليبيا. ومن حقه وحق اي شخص آخر ان يختلف مع سوريا وقيادتها، وان لا يعجبه العقيد القذافي او سواه، ومن حقهم ان يغنوا على ليلاهم كما يريدون. ولا تهمني قناعاتهم لا من قريب او بعيد، فلهم رأيهم ولي رأيي، وهذا امر طبيعي في المجتمعات الراقية. لكن الشيخ كمال الخطيب، حين يتشفى وبهذا الشكل الحاقد والمحموم ويصفه بـ"المجرم". وهذا استفزاز للمشاعر الانسانية لأنه كلام تتقزز منه الانفس، فنحن لم نشمت حين مكث شارون معلقا بين الموت والحياة لأكثر من ثماني سنوات. وحتى اذا عاديت او كرهت فهناك آداب يجب ان تلتزم بها، وان لا تستخف بعقل المواطن العادي.

 وحين يدعي انه تجنب كل طرح طائفي فهذا غير صحيح، فالشيخ المحترم كان وباستمرار يهاجم سوريا وقيادتها وينعتهم بأبشع النعوت الطائفية. فالطائفة العلوية في رأيه يصفها بـ"الروافض"، ثم الا يذكر حضرته مقاله الشهير الذي كتبه قبل عدة اسابيع بعنوان: "نصر الله وعطا الله"، حيث لم يُبقِ ولم يذر من قواميس المسبّات بحق سماحة السيد حسن نصر الله (الشيعي). ويقصد بعطا الله "نتان ياهو" اي "عطاء الله"، وهي الترجمة العربية لكلمة "نتنياهو". وحين يضع السيد كمال الخطيب زعيم المقاومة، سماحة السيد، في خانة واحدة مع غلاة التطرف الاسرائيلي اليميني، فانه بذلك يستفز مشاعر الشرفاء والأحرار جميعا. ولا يمكن لرجل يدعي انه احد "قادة" الجماهير العربية في البلاد بان يتصرف بهذا الشكل تحت ذريعة "هذه قناعاتي". وهو بمناسبة وغير مناسبة، وعلى مدى سنوات طويلة، يشتم ويسب الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، ليس من باب النقد الموضوعي المتاح له، ولكن من باب الحقد الاعمى الذي لا طائل تحته. فليس من الحكمة ان تتوارث الاحقاد التي تحرق اصحابها، قبل ان تحرق الآخرين.

وإذا كنا لا نقبل الاستفزاز والضغائن والأحقاد، فنحن لا نقبل العنف الكلامي الذي جاء على لسان احد ائمة المساجد في البعنة، الشيخ نور اليقين بدران، الذي تصدى في كلمته في الجولان لما جاء على لسان الشيخ كمال الخطيب. وحسنا فعل بدران حينما اعتذر، بينما ظل الشيخ كمال مصرّا على كل كلمة قالها، ومبارك عليه تشدده هذا. وانا قد اجد له العذر احيانا، فالرجل غاضب جدا من انهيار المشروع الاخواني في المنطقة العربية، والرئيس اردوغان تحطمت احلامه في تغيير النظام في سوريا.، فقد كان الخطيب وغيره من اتباع حركة الاخوان المسلمين يظنون ان سوريا اصبحت في "الجيب"، وقد تبددت احلامهم الآن، ومن الصعب عليهم رؤية الحقيقة الساطعة بان سوريا انتصرت وان الرئيس الاسد انتصر، وهذا ما اقرّ به حتى الاسرائيليون.

وأخيرا، اعترف رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم حين قال ان "الدعم الذي قدمته بلاده للجماعات المسلحة في سوريا كان يذهب الى تركيا بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وكل شيء يرسل يتم توزيعه عن طريق القوات الامريكية والاتراك والسعوديين".

ومن اغرب ما قاله حمد المذكور، في تقييم العلاقات مع السعودية، بشأن الملف السوري: "احنا تهاوشنا على الصيدة، وفلتت الصيدة وإحنا قاعدين نتهاوش عليها"...!

وبعظمة لسانه لا يخفي هذه المتآمر القطري انه كان مع الآخرين بمثابة الوحش الكاسر، وان سوريا الاسد هي الفريسة والصيد الذي فلت من ايديهم. وبعد كل ما حصل فمن العار ان يأتي احد اليوم مدعيا ان في سوريا ثورة...!!