|
|
|
تميم منصور: هنا محطة اذاعة الشرق الأدنى (الحلقة الأخيرة)التاريخ : 2017-12-17 20:05:16 |لا أحد ينكر بأن محطة اذاعة محطة الشرق الأدنى ، ملأت فراغاً اعلامياً هاماً في المرحلة الأولى من بداية عملها ، خاصة عندما كانت تعمل في مدينة يافا الفلسطينية، كما أنه كان لها الدور الكبير في تشجيع عمل وتطوير مواهب الكثير من الفنانين والأدباء والشعراء . فمن بين الموسيقيين الذين ساهموا في توفير أجواء الطرب والغناء داخل المجتمع الفلسطيني الاستاذ محمد عبد الكريم الذي لقب " بأمير البزق " وكذلك الاستاذ الملحن حليم الرومي - والد المطربة ماجدة الرومي - الذي أصبح رئيساً لقسم الموسيقى في اذاعة لبنان ، ويقال أنه هو الذي اكتشف المطربة الكبيرة فيروز . ومن مصر شارك بالعمل الفني في الاذاعة عازف القانون الشهير أحمد صبرة ، ومن سوريا الاستاذان عمر الفقير وغالب طيفور ، والأخير أصبح مديراً لاذاعة حلب ، ومن لبنان الفنانة الكبيرة نور الهدى وعزام شيبا وغيرهم . بعد أن تقدمت الاذاعة خطوات أكثر على دروب النجاح ، تمت الموافقة على زيادة عدد ساعات البث من ثمان إلى اثنى عشر ساعة يومياً ، كما ازداد الاقبال على برامجها المختلفة ، حتى انها أصبحت تنافس اذاعة - هنا القدس - واذاعة لندن في اللغة العربية ، وقد بعث الاستاذ عزمي النشاشيبي مدير اذاعة " هنا فلسطين" ببرقية احتجاج الى المندوب السامي البريطاني في فلسطين يشكو فيها بمرارة اذاعة الشرق الادنى ، ادعى فيها بأن هذه الاذاعة تستدرج كل الفنانين والادباء العاملين في اذاعة " هنا القدس " وتقوم باغرائهم بالمرتبات العالية للعمل لصالح الاذاعة . من بين كبار المذيعين الذين برزوا في اذاعة الشرق الأدنى " موسى الدجاني " منير شما وسمير أبو غزالة وانطوان صابات ، وصبحي أبو لغد ، ومن مصر الاستاذ محمد فتحي وعبد الوهاب يوسف وغيرهم ، بفضل هؤلاء وغيرهم تقدمت الاذاعة واشتهرت ، حتى أصبحت الاذاعة الوحيدة التي يستمع اليها غالبية المواطنون . بعد مرور اربع سنوات من عمل الاذاعة بجد ونشاط خلال الحرب العالمية الثانية ، بدأت تباشير انتصار الحلفاء تلوح في الأفق ، هنا بدا الممولون للإذاعة من الحلفاء يفكرون بنقلها من فلسطين الى جزيرة قبرص ، كما أن دعمهم المالي للإذاعة بدأ يتضاءل ، ثم يتقاعس ، وهذه عادة موروثة ومعروفة عن بريطانيا ، استمرت بها بريطانيا في سياستها الخارجية ، انها تضحي بكل شيء كي تنال مآربها . بدأت الاذاعة تختصر من برامجها ، بدأت تحيد من سياستها التي كانت تدعى بأنها مناصرة للعرب. في عام 1948 تم نقل الاذاعة نهائياً الى مدينة ليماسول في قبرص التي كانت تحت سيطرة التاج البريطاني ، وقد انتقل غالبية الذين عملوا في الاذاعة اثناء بثها من فلسطين الى قبرص للعمل من جديد في الاذاعة التي بقيت تحمل نفس الاسم ، محطة " شرق الأدنى " للإذاعة العربية وقد وصل عدد العاملين في مقر الاذاعة الجديد في مدينة ليماسول الى 70 موظفاً ، عدا عن المراسلين في العالم العربي ، وعدا عن الذين انتقلوا الى البلدان العربية ، لافتتاح مكاتب للإذاعة ، مثال أحمد جرار الذي اسس مكتبا في بيروت في مقر الاذاعة الجديد ، و تولى محمد الغصين الادارة العامة للإذاعة ، وتولى صبري الشريف وغانم الدجاني تنفيذ الاعمال الموسيقية . استمرت الاذاعة بالعمل وكانت من اقوى الاذاعات التي تبث بالعربية طوال المرحلة التي اعقبت النكبة ، أي منذ 1948- 1956 ، لكن في عام 1956 وقع العدوان الثلاثي على مصر ، وقد بدأ بعدوان اسرائيلي على سيناء . في صباح يوم العدوان . اتصل " سي سي ستيوارت " من وزارة الخارجية البريطانية عبر البث الخارجي بهيئة الاذاعة البريطانية بلغه فيها بأنه سوف يعلن وضع يد الحكومة البريطانية المشاركة بالعدوان على مصر على محطة الشرق الادنى - مع أنه كان معروفاً أن هذه الاذاعة خاضعة للمخابرات البريطانية- لذلك بعد السيطرة عليها أصبح اسمها " صوت بريطانيا " ، وبدأت ببث أخبار معادية لعبد الناصر . ولكي تسكت بريطانيا وحليفاتها صوت مصر الثوري ، قامت الطائرات البريطانية والفرنسية بقصف اجهزة الاذاعة المصرية قرب القاهرة لأن الاذاعة المصرية ، كانت الاذاعة الوحيدة القوية في البث وباستطاعتها منافسة الاذاعات البريطانية المعادية . بعد العدوان على الاذاعة المصرية قدم جميع الموظفين في اذاعة الشرق الادنى استقالاتهم احتجاجاً على الموقف العدواني البريطاني وأعلنوا على الهواء وقوفهم الى جانب مصر ورئيسها جمال عبد الناصر ، وكان المذيعون يهتفون على الهواء مباشرة " عاشت فلسطين " " عاشت مصر " ، عندها اقتحم جنود بريطانيون المتواجدين في احدى القواعد البريطانية في قبرص استديوهات الاذاعة بالقوة ، وأجبروا المذيعة " مسرة فاخوري " على اذاعة اخبار ضد مصر والعرب ، فأذاعت الأخبار وهي تبكي حتى وصلت نبرات صوتها الحزينة الباكية إلى المستمعين ، وبهذه الاستقالات الجماعية ، اندثرت تلك الاذاعة وصارت قصة تروى وفضائح المخابرات البريطانية وتدخلاتها تنشر . توزع بعض الموسيقيين والعازفين الذين كانوا يعملون في اذاعة الشرق الادنى على الاذاعات العربية منذ النكبة عام 1948 ولحق بهم سنة 1956 من كان في قبرص ، وهؤلاء جميعاً اسهموا في النهضة الموسيقية اللاحقة ، على سبيل المثال التحق بالإذاعة اللبنانية عدد من العازفين الفلسطينيين ، أمثال فرح الدخيل قزموز وميشال يقلوق ورياض البندك ، واحسان فاخوري وحنا السلفيتي ، ثم المطرب محمد غازي اضافة الى الموسيقار حليم الرومي والعازف عبود عبد العال ، وانضم الى اذاعة بغداد محمد الغصين وصبحي ابو لغد وعبد المجيد ابو لبن وسميرة عزام ، وذهب فؤاد حداد الى محطة الاذاعة البريطانية واسس كامل قسطندي شركة بيروت للانتاج الاذاعي ـ وتولى صبري الشريف اخراج مسرحيات الاخوين الرحباني ، وأصدر سمير الشريف في بيروت مجلة اذاعية باسم " الشرق الادنى "و تولى رشاد البيبي تحريرها ، كتب فيها مارون عبود وموسى الدجاني وسميرة عزام وعباس محمود العقاد وطه حسين وسهير القلماوي ونقولا زيادة وفؤاد صروف وآخرون . والمعروف ان عبد المجيد ابو لبن هو من اكتشف شخصية " أم كامل " التي جسدها الفنان السوري انور ابابا وشخصية " أبو صياح " التي جسدها الفنان السوري رفيق السبيعي " . وبذلك طويت صفحة الشرق الأدنى من الذاكرة العربية ، وبقيت في الذاكرة التاريخية . تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |