المحرر الرياضي لـ “المسار” الصحفي عامر طاهر: أبناء مصمص فجّر مفاجأة من العيار الثقيل وسطّر تاريخاً لا ينسى

التاريخ : 2017-12-22 13:02:06 |

 كتب المحرر الرياضي لـ"المسار" الصحفي عامر طاهر

من لم يحضر مباراة الكأس بين أبناء مصمص، متصدر لائحة الدرجة الثالثة "يزراعيل"، ضد فريق أبناء اللد من الدرجة الممتازة، في إطار منافسات الجولة السابعة من مسابقة الكأس، مساء الثلاثاء، على الأضواء الكاشفة في استاد "السلام"، خسر مباراة لا تنسى ومشاهد تاريخية مؤثرة، ستبقى عالقة في جدران الذاكرة سنوات طويلة.
فقد تغلب أبناء مصمص على ضيفه من اللد، وتأهل إلى الدور القادم بمشاركة فرق من الدرجة العليا، وذلك بالضربات الترجيحية (4-3)، مع العلم أن الوقت الأصلي انتهى إلى التعادل، بهدف لمثله، ثم الإضافي بهدفين لكل منهما، رغم أن الأبناء أنهى المباراة بتسعة لاعبين بإبعاد عنصرين من صفوفه، بينما أُبعد لاعب من اللد في الشوط الثاني.
ووسط أجواء حماسية ممتعة ووسط سهرة كروية مبهرة، نجح فريق هبوعيل مصمص، الذي يتربع على صدارة فرق الدرجة الثالثة بمنطقة "يزراعيل" بقيادة المدرب نسيم اغبارية، في مفاجأة فريق شباب اللد من الدرجة الاولى والفوز عليه 4 / 3 بعد التمديد.
وقد تمكن ابناء مصمص من فرض التمديد لمباراة الكأس، بعد تعادله 1/1 في الدقيقة التسعين بهدف قاتل للاعب محمد صلاح.
واستمرت المفاجأة للفريق المصمصي، خلال المباراة المثيرة بأحداثها المتتالية واجوائها الرائعة، حينما تفوق مؤقتاً بالنتيجة 2/1 من هدف اللاعب امير محاجنة في الدقيقة الاولى من شوط التمديد. لكن لاعب الضيوف انس دبور تمكن من تسجيل التعادل لفريقه (2/2) في الدقيقة 101، علماً ان هدف السبق لشباب اللد سجله اللاعب دايغو يليس في الدقيقة 19 من المباراة اثر ضربة جزاء 11 مترا.
وبعد ان انتهت المباراة، التي جرت ضمن مباريات الجولة السابعة في اطار مسابقة كأس الدولة، بالتعادل 2/2 ، احتكم الطرفان الى الركلات الترجيحية ليواصل الابناء وللمرة الثالثة، ولكن الحاسمة، مفاجأة شباب اللد وتحقيق فوز مقنع ومستحق بالنتيجة 4/3. وبالتالي الانتقال الى الجولة الثامنة من تصفيات كأس الدولة.
يشار الى ان الضيوف لعبوا بنقص عددي منذ الدقيقة 61 عقب طرد اللاعب معوز سمية بالبطاقة الحمراء، ولحق به لاعب مصمص محمود اغبارية الذي اشهر الحكم في وجهه بطاقة مماثلة في الدقيقة 110 ، ومن ثم زميله محمد صلاح في الدقيقة 115.
يذكر ان الفريق المصمصي، الذي حقق ثمانية انتصارات متتالية في الدوري محافظا على نسبة كاملة من النجاح، كان قد فاز في الجولة السابقة من مباريات الكأس على فريق هبوعيل القدس، المتنافس في الدرجة الأولى - المنطقة الشمالية، بهدف دون مقابل سجله المهاجم مارادونا ديبي.
وبدون ادنى شك، فان الأبناء استحق الفوز عن جدارة، بشهادة كل من شاهد الاقاء وتعليقات الصحفيين من وسائل اعلام عبرية، المنبهرين من مستوى ادائه، فلعب بمنطق "لا غد بعد اليوم"، مشحونا بروح الانتماء والولاء وبرغبة في الفوز، ودون أي شعور بالنقصان، لدرجة أن المشاهد المحايد في المدرجات تصعب في الإشارة الى أي من الفريقين قطب في الممتازة. فالدفاع بقيادة محمد سعيد قطع قنوات الاتصال بين الحلقة الوسطى والهجومية للد وأبطل مفعول لاعبيها، ووضعهم على قارعة الملعب. وهو ما حجب المواجهات المباشرة مع الحارس أحمد عودة، الذي بدا وكأنه خارج من فيلم بطولي، فيما اكد لاعبا الوسط محمد حسن وران غوزلان حيويتهما وفاعليتهما، فتحركا كالزئبق بنشاط، ولم يتوقفا عن ازعاج دفاع الضيوف المهلهل، بينما غاص ديبي ماردونا في المحاور ومعه أمير نادر، وفتحا "اوتوسترادا" بانطلاقاتهما المرعبة..!
في المقابل، لم يقدم الفريق اللدواي شيئا، وبدأ بأسوأ حالاته المهنية، وحائرا ومترددا طوال دقائق المباراة، رغم صيحات وتعليمات "أبو صبحي" من خلف حارسه، وأخفق في الفعاليات البسيطة والبدائية. وكان الدفاع مستباحا ومزارا، وبدا مثقوبا كالغربال، ورجالات الحلقة الوسطى ضاعوا بين روح العزيمة والاستماتة للاعبي أبناء مصمص، والحلقة الهجومية بلاعبيها المجربين ظهرت حينا وتوارت أحيانا، في ظل هتافات الآلاف من أنصار أبناء مصمص، الذين لعبوا دورا مركزيا في صنع الإنجاز التاريخي.
وقد عمّت الأفراح البلدة مصمص، وخرجت جموع الصغار والكبار لاستقبال أبطالهم اللاعبين مع عودتهم من استاد "السلام"، بأجواء رقصت لها القلوب طربا وفرحا، وفي ظل طابور من المركبات تسبب باختناقات مرورية في شارع وادي عارة الرئيس، رغم الساعة المتأخرة من الليل.
وفي حديث مع "المسار الرياضي"، قال مدرب أبناء مصمص نسيم إغبارية: "فوز تاريخي ومستحق، يفرض عليّ ان أنزل قبعتي أمام أبطالي اللاعبين، الذين سطّروا ملحمة كروية، ورسموا لوحة في قمة المسؤولية من حيث الأداء القتالي والجماعي.. أنا منفعل كثيرا، ومن حقنا الاحتفال، ومرة أخرى أحيي جمهورنا لدوره في صنع النجاح الهائل".
وأضاف إغبارية قائلا: "توقعت الفوز وتخطي عقبة اللد، رغم فارق الدرجات والكوادر والميزانيات، وأوضحت للاعبين أن التسلح بالثقة والمعنويات والإيمان بالنفس سيجلب المولود المرجو. وهذا ما حصل على الأرض، فلا شيء بمقدوره إيقاف قطار العزيمة والرغبة والإرادة، فإذا توافرت هذه العوامل فأنت محقق لأهدافك".
وحول الفريق الذي يرغب في ملاقاته في الدور القادم، قال إغبارية: "أعطوا اللاعبين الفرصة للإجابة عن هذا السؤال، فمن حقهم أن يختاروا المنافس القادم، وليتَه هبوعيل تل أبيب الذي يحظى بشعبية لافتة في الوسط العربي، فمقابلته ستكون عرسا رياضيا وكرنفالا، وبخاصة في حال كان استاد السلام مسرحه".
وعلى جبهة الدوري، يلاقي أبناء مصمص فريق المقيبلة، غدا السبت في الساعة الثانية، على ملعب "هتعنخيم"، رافعا شعار الفوز، الذي لن يكون حصده سهلا، بالنظر الى أن الابناء سيصل متعبا وبعد مباراة شاقة، ومحروما من خدمات عدد من عناصره الأساسيين، بداعي الإصابة والإبعاد. عدا عن أنه سيجاري فريقا يتوعد بإشعال القمة، وفتح باب المنافسة على مصراعيه.