|
|
|
الإعلامي أحمد حازم: قراءة في تقاسم الدورين الأميركي والروسي وفي اجتماع المجلس المركزي الفلسطينيالتاريخ : 2018-01-26 09:33:44 |الصحفي المصري الراحل محمد حسنين هيكل، المعروف على الصعيدين العربي والعالمي، قال ذات يوم: "اننا نعيش العصر الاميركي". وبالرغم من أن هيكل كان ينقل صورة لواقع حقيقي في تعبيره، لكنه من جهة ثانية اراد من خلال رأيه توجيه رسالة للحكام العرب مفادها الإنتباه لكيفية التعامل السياسي في المنطقة، وما يجري فيها وحولها. ويبدو أن ما قاله هيكل، منذ سنوات يطبق في أيامنا هذه، لأننا نعيش عصر غطرسة وهيمنة أمريكية رسمية إضافية. فمنذ مجيء الأمريكي الجاهل في السياسة دونالد ترامب إلى الحكم، والعالم ينظر ولا يفعل شيئاً، وكأن الإدارة الأمريكية بزعامة ترامب هي صاحبة القرار الفصل في هذا العالم. بمعنى أن ترامب يتخذ القرار الذي يناسب المصلحة الأمريكية والإسرائيلية، غير مبالٍ بردود فعل العالم، ولا سيما الدول الكبرى الأخرى، وخاصة الأوروبية. وإلّا كيف نفسر السكوت من جانب روسيا وأوروبا على قرار ترامب، اعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، علماً بأن روسيا "محسوبة" على العرب، كونها ـ كما يقول حلفاؤها ـ داعماً رئيساً للشعب العربي عامة والفلسطيني خاصة؟! لكن ما تبين في حقيقة الأمر أن المصالح السياسية هي التي تقرر نوعية العلاقة، إذ أن العلاقة الروسية السورية، على سبيل المثال، تبدو وكأنها علاقة صداقة ثابتة، لكنها في الواقع هي علاقة مصالح، والمصلحة الروسية تقتضي من روسيا الدفاع عن سوريا والوقوف إلى جانبها، وذلك بهدف احتفاظ موسكو بقواعد عسكرية في سوريا التي تعتبر مركزاً استراتيجيا عسكريا مهماً في المنطقة. وبالتالي توجيه رسالة إلى واشنطن مفادها أن روسيا لها الحق في أخذ حصتها من كعكة الشرق الأوسط، حيث يبدو أن التقاسم ـ أي تقاسم الأدوار ـ أمر متفق عليه، والسكوت الروسي على قرار ترامب خير دليل على ذلك. ومطلع الاسبوع الجاري، زار نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، الذي يعتبر احد اكثر المسؤولين الأمريكيين تطرفا في إدارة ترامب ضد حقوق الشعب الفلسطيني، إسرئيل وألقى خطابا في الكنيست، اعتبره مراقبون سياسيون بأنه ضربة قوية للعرب وصفعة جديدة أخرى للسلام. إذ أكد بصورة لا تقبل الشك لنواب الكنيست على أمرين مهمين، وهما: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأن واشنطن ستنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس مع نهاية 2019، وهذا يعني أن القدس تم إبعادها نهائياً عن طاولة المفاوضات. وقد أفهم مايك بنس الأوروبيين، بكل وضوح، أن واشنطن هي صاحبة القرار في الشرق الأوسط، وليس أوروبا خصوصا فيما يتعلق بالقدس. وهذا الموقف يأتي رداً على فيدريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، والتي صرحت بأن الاتحاد يدعم تطلع الفلسطينيين لأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية. غير ان موغيريني، من جهة ثانية، طلبت من الفلسطينيين التريث في اتخاذ أي قرار متسرع بالنسبة لأمريكا. وهذا يعني أن أوروبا لن تدخل في صراع سياسي مع واشنطن بسبب القدس. وفي هذا السياق، فان الموقف الفلسطيني الرسمي، الذي ظهر في ختام اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني الذي جرى تحت شعار"القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين"، وهو الاسم الذي أطلقه المجلس على دورته العادية الثامنة والعشرين، هو في حقيقة الأمر موقف اللا موقف، ولم يتحاوز الكلام سقف تعليق الاعتراف بإسرائيل، وليس إلغاؤه. وحتى هذا الكلام لم يتم الإعلان بعد عن تنفيذه، لأن هذا الأمر من اختصاص اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولها حق في تنفيذه عندما ترى الوقت المناسب لذلك، إن هي نفَّذت. ويرى القانوني الفلسطيني المعروف الدكتور أنيس القاسم، الإختصاصي والمرجع في القانون الدولي، أن تعليق الإعتراف بإسرائيل هو “نظري لا قيمة قانونية له، ذلك أن الاعتراف عندما يصدر لا يمكن سحبه”. وقرار عدم الإعتراف بإسرائيل أطلق عليه مراقبون سياسيون "قرار فك الارتباط الهش" بين الفلسطينيين وإسرائيل، متسائلين عن الذي سيعود عليه هذا القرار بالفائدة، إسرائيل أم الفلسطينيين؟ لكن محللين سياسيين آخرين يرون "ان قرار سحب الاعتراف سيزيد على الحكومات الإسرائيلية المقبلة أعباء اضافية، تتعلق بالأمن وأحكامه داخل اسرائيل". وقد أبلغ "أبو مازن" المؤتمرين قائلاً بالحرف الواحد: "إن إسرائيل أنهت اتفاقية أوسلو، وإن السلطة أصبحت بلا سلطة، ونحن لا نريد صفقة العصر". اذاً، ما قاله أبو مازن يعني، بكل بساطة، نعياً للتسوية والمفاوضات، لكن عباس تصرف بشكل آخر وظل متمسكاً بخيار المفاوضات، رغم كل ما جرى. وهنا لي ان اتساءل: إذا كانت القدس والحدود والعودة خارج إطار المفاوضات، فعن أي مفاوضات يتحدث "أبو مازن"؟!!
تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |