|
|
|
احمد كيوان: لن تمر المؤامرة الجديدة!التاريخ : 2018-06-01 06:00:28 |يسمونها "صفقة القرن"، ولا ادري ان كان لهذا التضخيم في التسمية اساس من الواقع، فالشعب الفلسطيني في اشتباك مستمر مع المشروع الصهيوني، منذ اكثر من قرن. وكان وعد بلفور، الذي اسس لزرع اسرائيل في هذه المنطقة، هو صفقة كل القرون وكل شيء لاحق، وما جاء إلا لتثبيت الصفقة الكبرى الاولى. على كل حال، فان تاجر البيت الابيض، الكاوبوي الامريكي المتمرس في الصفقات التجارية، يزعم ان لديه حلا سلميا سيطرحه خلال فترة وجيزة. ويأتي هذا الاعلان بعد نقل السفارة الامريكية الى القدس، واعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل. ويتضح مما تسرب عن هذا الحل، الذي اسموه "صفقة العصر"، انه عبارة عن مؤامرة جديدة - قديمة لتصفية القضية الفلسطينية لصالح اسرائيل. وجاء انسحاب امريكا من الاتفاق النووي مع ايران خدمة لهذه المؤامرة، لان ايران تقف اليوم سدا منيعا مع قوى المقاومة في المنطقة امام هيمنة اسرائيل على ما اصطلح بتسميته "الشرق الاوسط"، وهو في الاساس الشرق العربي. فاذا شيطنوا ايران، وهددوا المقاومة اللبنانية والفلسطينية، والحقوا الخليج بممالكه ومشيخاته واماراته في هذا المجهود، فقد يخيل لهم انهم ضمنوا الرهان، وان المنطقة باتت تحت رحمة الامريكي الذي يريد ان يفرض الاسرائيلي سيدا عليها، وامبراطورا على مقدراتها. وبعد ذلك يأتون ويقولون: هناك حل سلمي قادم والويل للفلسطينيين ان هم رفضوا هذا الحل! ربما يكون راعي البقر الامريكي غير عارف بتاريخ هذه المنطقة وشعوبها، او انه لا يريد ان يعرف. وربما ان الاسرائيلي، المنتفخة اوداجه من الدعم الامريكي غير المحدود وغير المسبوق، يريد ان يتناسى التاريخ، وحتى تاريخه هو الذي اوقعه في كثير من المحن نتيجة التزمت والتعصب وعدم تقدير الامور. فهذا الاسرائيلي، المتمثل اليوم بنتنياهو ومن معه، قد تكون اسكرته النشوة الحالية اعتمادا على قوة طاغية غاشمة. ونسوا انهم يتعاطون هنا مع "القوم الجبّارين"، وان هؤلاء الجبّارين مؤمنون بقوة الحق وبحتمية التاريخ، مهما ضاقت بهم السبل وتعثرت الشعاب والمسالك. ونقول اليوم، كما قلنا دائما، اننا دعاة سلام واننا نريد الحياة لكل بني البشر، ولسنا دعاة حروب. وحتى لو فرضت على شعوبنا فهي "كره لنا"، كما قال سبحانه وتعالى. ونحن ،ابناء الشعب الفلسطيني، شعب مسالم لا نشكل تهديدا لأحد، وكل ما نريده هو العيش بحرية وكرامة في وطننا الحر المستقل الذي لا يهدده احد، ولا وصاية لاحد عليه. فإذا كان الامريكي جادا حقا في انهاء الصراع المستمر في المنطقة، وان يجنّب هذه المنطقة سباق تسلح، وكان لا بد ان يطال الصواريخ البالستية وغيرها، فانه كان الاحرى بهذا الامريكي ان يفرض على المحتل الانسحاب غير المشروط من كل الاراضي المحتلة. ولو كان يريد للسلام ان ترفرف رايته في ربوع هذا الشرق فقد كان عليه ان يعترف بدولة فلسطين، وان يرحب بها كعضو في المنظمة الدولية، إحقاقًا للغبن التاريخي الذي لحق بالفلسطينيين. والضغط يجب ان يوجه للمحتل الغاشم، وليس للضحية التي تدافع عن نفسها. لكن امريكا، وخاصة امريكا هذا الرجل المعتوه دونالد ترامب، خانت دورها المفترض ان تقوم به. وتثبت كل يوم انها لا تزال تفكر بعقلية رعاة البقر، الذين ابادوا الهنود الحمر حتى يخلو الميدان للمهاجرين المغتصبين الآتين من اوروبا الى العالم الجديد. وإذا كان شعبنا يهتف دائما: "امريكا راس الحية"، فلأنه على قناعة تامة بان هذا البلد الكولنيالي، الولايات المتحدة، لن ينصف شعبنا الفلسطيني في يوم من الايام، وانه لا مفر امام هذا الشعب إلا الاعتماد على النفس وعلى القوى الحيّة والفاعلة في الامة العربية. وحتما ستعود الى طبيعتها لتؤدي دورها. اما اولئك المارقون، سواء في البحرين او الامارات او السعودية، فنحن لم نعول عليهم ابدا. وقد كانوا هكذا طيلة الوقت، لكنهم اخفوا تآمرهم على قضية شعبنا. والآن، بعد ان سقطت جميع الاقنعة عن كل الوجوه، فان الشعب الفلسطيني المناضل والمقاوم لن يوقع في يوم من الايام على اية صكوك اذعان او استسلام او تفريط. فالقضية الفلسطينية مقدسة عنده وعند شرفاء الامة وأحرار العالم، وما ضاع حق وراءه مطالب، وما أُخِذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة. وهذا الصراع سيبقى مستمرا، رغم مسرحيات وبهلوانيات ترامب. ورمضان كريم...!
تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |