www.almasar.co.il
 
 

شوقية عروق منصور: الطيران في سماء غزة

عندما زرت مدينة غزة في التسعينات وتجولت في شوارعها العريضة ودكاكينها...

شوقية عروق منصور: بين الموت والموت في غزة هناك "فتحي غبن" سيد الفن التشكيلي

لا تستطيع الكلمات الانحناء وفرش سجاجيد اللقاء والجلوس على وبر الخضوع...

شوقية عروق منصور: الغزيات الماجدات!

في أزقة غزة ناب وقلب وفي طرقات رفح رماد سفن وجرافات زمن تجرف وجع الحب...

لينا ابو مخ/ الزواج المبكر بين القانون والمجتمع

اعتبرت المرأة في طور أول من تاريخها، أما في المقام الاول، اي تلك التي...

منحة 23 ألف شيقل عند بلوغ سن 21 هدية من الدولة

علم مراسل موقع وصحيفة "المسار" انه بتداء من شهر كانون الثاني 2017 ستقوم...

عطر 2020 من Montblanc للرجال

تقدم دار العطور الفرنسية Montblanc عطر Legend Eau de Parfum، وهو إصدار أقوى وأكثر...
  هل تعتقد ان الحكومة الجديدة ستساعد في الحد من جرائم العنف في المجتمع العربي؟

نعم

لا

لا رأي لي

ام الفحم 22-32
الناصرة 31-20
بئر السبع 33-21
رامالله 32-22
عكا 29-23
يافا تل ابيب 29-24
القدس 32-18
حيفا 31-23

تميم منصور: روايات من ممارسات القهر القومي (2).. خيمة البرتقال

التاريخ : 2018-08-14 18:00:38 |




افقنا في مطلع الطفولة المدرسية على واقع سياسي عربي وشرق أوسطي مرير ، لم يكن ادراكنا قادراً على اتساع وهضم جميع التغييرات التي شهدها وطن الآباء والاجداد ، افقنا لنجد أن الحكم العسكري الاسرائيلي امراً واقعاً ، لا أمل في تغيّره ، سوى في استوديوهات الإذاعات العربية ، كانت كل إذاعة تحاول التخلص من عار النكبة ، وتُحمل مسؤولية هذا العار لأنظمة عربية أخرى .

افقنا لنجد أبناء شعبنا وراء ما يعرف بالخط الأخضر ، غارقون في المعاناة ، اذ يرتفع منسوبها كل يوم في سلم البقاء والوجود ، حطمت هذه الأوضاع النفوس والمشاعر والاجساد ، كوننا اطفالاً لم يمنعنا من رضاعة تبعات مآسي شعبنا ، كنا نشعر بالضائقة المالية والنفسية لذوينا ، لأنها تنعكس علينا وعلى حياتنا ، فصادرت طفولتنا التي غابت حتى عن أذهاننا، وكبرنا قبل الأوان .

في المدرسة الابتدائية فتحنا عيوننا لتصطدم وجوهنا بجسم غريب لم نشارك في بناء مدماك واحد من وجوده ، بين يوم وليلة كل شيء تغيّر ، علينا في المدرسة التكيّف لهذا الانقلاب في حياتنا المدرسية ، وحياتنا في بيوتنا داخل قرانا ، في المدرسة منهج دراسي جديد ، كل كلمة فيه يجب أن تصب في قاموس سياسي اسمه اسرلة .

الحكم الإسرائيلي الجديد رأى في المدرسة مربط الفرس ، هنا بدأ التحول ، اعتبروا الطلاب أغراساً بشرية صغيرة، بالإمكان تربية سيقانها وأغصانها واوراقها ، تربية يهودية إسرائيلية ، لأنها ستروى بالمياه الصهيونية ، بعد أن قطعت كل موارد الحياة القومية والوطنية عنها .

كان الحكم العسكري يرى ببقايا الأطفال الفلسطينيين الذين قذفتهم أمواج النكبة وبقوا في وطنهم خميرة للأسرلة ، لأن آباءهم وامهاتهم من وجهة نظر هذه السلطة ، مثل قانون حاضر غايب الخاص بالأراضي ، أي لا قيمة ولا أهمية لهم .

اعتقدوا ان أطفال الفلسطينيون، مثل أطفال المهاجرين اليهود الذين تم استيرادهم بكافة الطرق غير الإنسانية ، من أجل العبرنة والاسرلة ، فالأطفال العرب من وجهة نظر الحكم العسكري سوف يصبحون مثل جنود الانكشارية في الجيش العثماني ، هويتهم عثمانية ، السلطان مولاهم ، لأن كل الروابط والتواصل الأثني مع اسرهم ومع شعوبهم قد انقطعت .

هذه كانت أحلام حكام إسرائيل بالنسبة للمواطنين العرب ، خاصة الجيل الحديث منهم ، لكن غباء هؤلاء الحكام وحقدهم وعنصريتهم افشل كل مخططاتهم ، فبدلاً من أن يتبعوا سياسة الاختلاط والدمج المتكامل بين المواطنين العرب واليهود ، من أجل الانصهار ، كما كان الأمر لدى شعوب كثيرة ومنهم اليهود، بدلاً من ذلك وضعوا خطة ثانية ، وهي اتباع سياسة الاسرلة والتدجين عن طريق اتباع سياسة القهر القومي والتميز العنصري، أرادوا اندماج وانصهار واسرلة حسب ذوقهم وسياستهم الظلامية ، فاستعملوا سياسة القبضة الحديدية مع المواطنين العرب ، استخدموا شتى أنواع الملاحقة والتنكيل ، اطلقوا سراح الكلاب المسعورة من عناصر شرطة حرس الحدود ، وكان معظمهم من البدو والشركس والدروز واليهود القادمون الجدد خاصة من الأقطار العربية ، شحنوهم بالكراهية والحقد ضد كل من هو عربي ، اطلقوا أيديهم في القرى العربية ينكلون بالمواطنين دون رحمة ، ففي المثلث أطلقوا الضابط " بلوم " والشاويش ادريس وأبو زيد ودنغور وغيرهم ، أسماء مقيتة زرعت الرعب في ذاكرة الأهالي ، حتى اليوم ما زال الذين عاشوا تلك الفترة يحكون عن بشاعة وكره ووحشية هؤلاء .

خططوا لأسرلة مجبولة بإلاذلال ، بسبب الفقر والمجاعة وسياسة التقشف التي استخدمتها الحكومة في العقد الأول من قيام الدولة ، فكانت المدارس هي الهدف ، فاستخدموا طرقاً خسيسة ومدروسة استمدتها الصهيونية للحط من قيمة العرب ، ولإقناع العالم بأننا لا نستحق هذا الوطن ، فكانوا يرسلون السياح الأجانب الى القرى العربية في سنوات الخمسين والستين كي يشاهدوا صور التخلف ، طريقة بناء البيوت ومحتوياتها، الحيوانات في الطرقات ، خاصة الحمير والجمال ، كما كانوا يقومون بتصوير الفلاحين الذين يستخدمون آلات درس الحبوب القديمة على البيادر ، مثل النورج ولوح الدراس وغيرها، كي يعرضونها في العالم ، قاموا بتصوير النساء وهن ينقلن المياه على رؤوسهن من مصادرها الى البيوت ، وقد نقلت هذه المشاهد الى الكتب العبرية ، كي يقتنع اليهود أحقيتهم بهذا الوطن ، الذي ينتظر بصمات تطويرهم بدل التخلف الذي يغرق به العرب .

من المناظر التي لا يمكن ان تفقدها الذاكرة ، اذكر عندما كنت في أحد الصفوف الدنيا ، قدمت سيارة الى المدرسة كان صندوقها الخلفي مغطى بشادر تغطية محكمة ، حتى لا أحد يعرف ماذا بداخل الصندوق ، عندما توقفت السيارة في ساحة المدرسة نزل منها خواجات ، قيل ان احدهم كان مساعد الحاكم العسكري ، لكنه كان يرتدي الملابس المدنية . تساءلت الف مرة كيف قبلت إدارة المدرسة والتفتيش تمرير هذه المسرحية الكاذبة المخادعة ؟ تجمع الكثير من الطلاب حول السيارة ، لأن وجودها في المدرسة ملفتاً للنظر، لكن بعد أن دخل الطلاب للصفوف ، رفع الشادر عن السيارة ، واذا بداخلها بضعة صناديق من البرتقال .

قام بعض العمال بنصب خيمة قرب السيارة ، تم افراغ صناديق البرتقال التي كانت مملوءة بالتراب الملتصق بقشر البرتقال، كأن هذا البرتقال كان من الذي يسقط على الأرض بعد القطيف. ومع تدحرج حبات البرتقال ، كنا من بعيد ، نحن الأطفال الصغار في الصفوف، تتدحرج عيوننا وراء اللون البرتقالي .

خرجنا الى الساحة للتنفس ، وإذ بمدير المدرسة يقف في وسط الساحة ويقول لنا بفرح ظاهر : البرتقال هدية الحاكم العسكري بمناسبة اقتراب يوم الاستقلال ، وطلب منا التوجه الى الخيمة ، فلكل واحد برتقالة .

تدفق الطلاب ، منهم من سقط على الأرض ، ومنهم من تشاجر يريد أن يكون في الأول ، ومع التدافع والصراخ كان كل واحد يريد نيل هذه الهدية .

هذا ما كان ينتظره مساعد الحاكم العسكري ، فقد استعد هو ومن معه للتصوير ، كان طاقم التصوير جاهزاً ، وكلما التقط احد الطلاب برتقالة التقطت الصورة ، وحتى تكتمل صورة الجوع ، عندما فرغت الخيمة من البرتقال ، ذهب العمال الى الشاحنة وأتوا بصناديق جديدة ، ليعود البرتقال الى التدحرج ، ويعود الطلاب لقضم البرتقال بقشره ، لم نكن نعلم أن هذا البرتقال القادم كهدية بصناديق مغلقة ، كان من بيارات يافا وغيرها من الأراضي الفلسطينية ، ولم نكن نعلم أن كل برتقالة عبارة عن مصيدة، يصيدون بواسطتها جوعنا وحزننا وخوفنا ، لقد كانت الصور والضحكات والابتسامات التي يرسمها الحاكم العسكري جزءاً من التواطؤ الذي كان مفروضاً على شعبنا ، اما مدير المدرسة والمعلمين ، فقد كانوا مثلنا شريحة ضعيفة لا حول لها ولا قوة على الاعتراض او الرفض.

يتبع

 


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0

اضافة تعليق

الاسم الشخصي *

 

المنطقة / البلدة

البريد الالكتروني

 

عنوان التعليق *

 

التعليق *

 


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0
الصفحة الاولى | الاعلان في الموقع | اتصلوا بنا |                                                                                                                                                                                               Powered By ARASTAR