وصدر الكتاب بمناسبة مرور سبعين عاما على وفاة السكاكيني (1878-1953). يشتمل الكتاب على عدة ابواب في مركزها باب رئيسي عن فلسفته التربوية وآراء له تتعلق بأهداف التربية والمنهاج والكتاب التعليمي وطرق التعليم، خاصّةً تعليم القراءة، وكذلك نظرة على سلسلة كتبه "الجديد في القراءة العربية" بأجزائه الأربعة و"دليل المعلم" الذي وضعه من اجل ارشاد المعلمين في كيفية التعليم في هذه الكتب.

وبهذا يكون السكاكيني قد سبق العصر الحديث في الزام مؤلفي الكتب بوضع "مرشد للمعلم" لكل كتاب كشرط في الموافقة على استعماله في المدارس. يحتوي هذا الباب ايضا على آرائه التربوية وضرورة شمل "فهم المقروء" في العملية التعليمية، وضرورة التبسيط في تعليم اللغة العربية، ودور المدرسة والمعلم في ذلك. بالإضافة لهذا الباب يحتوي الكتاب على سيرة ومسيرة السكاكيني وعلى نماذج مختارة من كتاباته وقائمة في الكتب التي وضعها في حياته.

ويحتوي ايضا على مقالات مختارة حول السكاكيني في نظر معاصريه ومن جاءوا بعده. يضاف الى ذلك الباب الخامس تحت عنوان ملحقات ويشتمل على: طرائف حدثت مع السكاكيني من خلال عمله مفتشا على المدارس في فلسطين واقوال قيلت في السكاكيني وقائمة بمؤلفاته التي وصلت اكثر من عشرين كتاب وصورة الغلاف لبعض الكتب التي الفها وصور من حياته مع العائلة والأصدقاء.

وقد ورد في مقدمة الكتاب ان السكاكيني سبق عصره في التعامل مع موضوع القراءة وفهم المقروء حسب النظريات الحديثة، وان هنالك حاجة لتطوير تفكير الولد عن طريق معالجة النص وعن طريق اسئلة تتعدى الأسلوب الشائع في السؤال عن معلومات وردت في النص الى معالجة النص ليس في المستوى الحرفي (قراءة السطور فقط) وانما في المستوى التفسيري أي قراءة ما بين السطور وقراءة وراء السطور وبكلمات اخرى قراءة تفسيرية وقراءة تحليلية وقراءة ابداعية وقراءة ناقدة. لقد عكست الأسئلة التي وضعها السكاكيني بعد كل نص في كتاب "الجديد" محاولة لتطوير مهارات عند القارئ بهدف جعل القارئ يفسّر ويشرح ويستنتج ويتنبأ ويقول رأيه في ما قرأ (نقد)، ويحاول تطوير التفكير الأبداع عنده، كأن يسأل المعلم الطلاب ما رأيك في ما ورد في نهاية القصة؟ وهل تقترح نهاية اخرى لها؟( ابداع). يقول السكاكيني حسب مل ورد في المقدمة "لقد نظرت نفسي لهذه اللغة وكيفية غرس حبها وعشقها في نفوس التلاميذ من اجل تحويلها الى عنوان للهوية والانتماء لشجرة العروبة".

يقول د. حبيب الله ان هدفه من اصدار هذا الكتاب عن "السكاكيني" كان تسليط الضوء على هذا الأنسان الذي اجتمعت فيه شخوص كثيرة في شخصية واحدة، فقد كان عربيا فلسطينيا ثوريّا ذا دور ناشط وفعّال في كل ما كان من احداث تتعلق بحكم الأتراك والاستعمار الإنجليزي وتحكّم اليونانيين بالكنيسة الأرثوذكسية للطائفة المسيحية العربية في فلسطين، والسيطرة على املاكها ومواردها. ويضيف د. حبيب الله ان "الواجب يقتضي علينا تخليد ذكرى هذا المربي الكبير والمفكر والفيلسوف التربوي كونه واحد من اعلام ورموز فلسطين...".

ساهم الكاتب مفيد صيداوي صاحب ورئيس تحرير مجلة "الإصلاح" التي تصدر عن دار الأماني في كتابة تقديم (مفتَتَح) لهذا الكتاب جاء فيه قوله "يتميز المربي د. حبيب الله بعصاميَّتهِ وملاحقته للأمور، وهو في هذه الأيام يحاول تجميع كتاباته التربوية والثقافية المختلفة في كتب لئلا تضيع، ومن اجل ان تستفيد الأجيال مما قرأه وكتبه واستفاد منه." ويستمر الأستاذ صيداوي قائلا "وهو بهذه العصامية والمثابرة يقدم للأجيال عصارة جهده وثقافته قائلا "هذا الكتاب الجديد عن المربي العربي الفلسطيني خليل السكاكيني الذي اعتزُ به وبلدي وربما بلدات اخرى، كرّمته بتسمية أحد شوارعها على اسمه. لقد أُعجِبَ به كاتبنا الدكتور محمد حبيب الله ايّما اعجاب، وقدّ حدثني أكثر من مرة عن اعجابه بهذا المربي الفلسطيني الذي سبق عصره في نظرياته التربوية والإنسانية".

يجدر بالذكر ان الجيل الذي عاش في "فلسطين" وتعلم في المدارس آنذاك وحتى اوائل الخمسينات كان يتعلم في كتب السكاكيني التي اطلقوا عليها: "تعلمت في كتاب راس/روس" وكم كانوا يتذكرون المتعة التي شعروا بها من خلال تعلّمهم في هذا الكتاب. لقد كانت هذه الكتب فتحا جديدا في تعليم القراءة للمبتدئين وتعليمها بشكل عام، كونها احتوت على اساليب جديدة ينادي بها اليوم الفكر التربوي الحديث في كل ما يتعلق بتعليم القراءة. يجدر بالذكر ايضا ان هذا الكتاب يحتوي على وصفٍ لزياراتٍ كان يقوم بها السكاكيني لمدارس الناصرة وحيفا وعكا ويافا، حيث كان في يقترح على المعلمين ادخال عناصر حية ومثيرة في الدروس التي كانوا يعملونها.