قبل يومين فقط التقيتُه، رحمه الله تعالى، في جلسة في مدرسته بحضور قسم من طاقمه. حدّثَنا عن طموحه أن يحدُثَ تغيير حقيقيّ في مجتمعنا في ظلّ تفاقم العنف، وعن إيمانه بضرورة بناء طلّابه تربويًّا وقيميًا قبل الجانب التّحصيليّ. تحدّثَ باعتزاز عن طاقمه وما يقومون به. وأبلغني بِفَخْر عن النّهج التّطبيقيّ في مدرسته السّاعي إلى تذويت ديننا الإسلاميّ، كتسميع الأذان وقت الصّلاة وغير ذلك. لمستُ في حديثه رغبة حقيقيّة بأن يحقّق رسالته التي يؤمن بها وأن يُحدث التّغيير الذي ينشده في مدرسته.

اليوم، صَحَوْنا على خبر تفجير سيّارته بعبوة ناسفة!

أوغاد أقْبَلوا على إنهاء حياته دون أن يرتكب ذنبًا! إنّما ذنبه الوحيد أنّ هناك لا إنسانيّين يجدون في العنف والقتل لذّة! نسأل الله أن يذيقهم صنوف العذاب في الدّنيا قبل الآخرة.

شابّ ملتزم، خلوق، كلّ همّه أن يعيش مع أسرته هادئ البال، وأن يدير شؤون مدرسته ويقودها نحو النّجاح والتميّز. بلحظة فجّروا جسده وروحه وروح أسرتِه، صبّرهم الله وربط على قلوبهم.

رحمك الله أستاذ زياد رحمة واسعة وثبّتك عند السّؤال وأسكنك رغيد جنّاته. حسبك أنّك ستُكتب عند الله، بإذنه، شهيدًا مستقيمًا صالحًا صاحب رسالة وعمل، ترافقك سيرتك الطيّبة الحسنة. وحسبنا أنّ من قتلوك/قَتَلك سيُخلّد في النّار بإذن الله. هذا وعد الله تعالى؛ ووعده حقّ.

ثمّة كلمة تخنقني أودّ أن أوجّهها إلى أولئك الذين قرّروا أن ينجبوا، لكنّ ترف الحياة ومُلهياتها أشغلهم عن تربية أبنائهم، رجاءً رجاءً كفّوا أذاكم عنّا! مَن لا يستطيع تربية ابنه رجاءً لا ينجب، لا يخلّف لنا شبابًا جهلة يقتلون ويعيثون فسادًا في مجتمعنا!

راقبوا أبناءكم، تابعوهم، افحصوا مَن يصاحبون وأين يذهبون. قرّبوهم إلى الدّين. فما نحن عليه من ذُلّ وهوان إلا لبُعدنا عن ديننا الإسلاميّ وقِيَمِه.

ومِن ذوي القيادة والمسؤوليّة في مجتمعنا عامّة، وفي باقتنا خاصّة، أتوخّى أن يعملوا كلّ ما في وسعهم لاجتثاث جرثومة العنف والجريمة...

نصيحة لإدارات وطواقم المدارس: اليوم، لا تعلّموا شيئًا! فقط تحدّثوا عمّا حدث، حدّثوا طلّابكم عن العنف والجريمة المستشرية وعواقبها. حدّثوهم عن أهمّيّة أن يكونوا بَشَرًا قبل أن يكونوا أيّ شيء آخر. يكفينا هذا، أن نخرّج بشرًا يتحلّون بصفات الإنسانيّة.

اللّهمّ تلطّف بنا، وأخرجنا يا ربّ مما نحن فيه!