www.almasar.co.il
 
 

د. روز اليوسف شعبان: صمتي!!

صمتي ضجيجٌ يؤرّقُ الليلَ تنزف النجومُ ألما تتوارى غضبا تتحاور...

د. محمود علي جبارين: بين أروقة المدارس (٢)

قد يستبعد البعض فكرة ارتباط الفن بالتدريس، ولكن الحقيقة هي أننا...

د. هيفاء مجادلة: خبر صادم لا يصدّق!

أحاول أن ألملم روحي منذ وصلني الخبر الفاجع، تفجير سيارة الأستاذ زياد...

لينا ابو مخ/ الزواج المبكر بين القانون والمجتمع

اعتبرت المرأة في طور أول من تاريخها، أما في المقام الاول، اي تلك التي...

منحة 23 ألف شيقل عند بلوغ سن 21 هدية من الدولة

علم مراسل موقع وصحيفة "المسار" انه بتداء من شهر كانون الثاني 2017 ستقوم...

عطر 2020 من Montblanc للرجال

تقدم دار العطور الفرنسية Montblanc عطر Legend Eau de Parfum، وهو إصدار أقوى وأكثر...
  هل تعتقد ان الحكومة الجديدة ستساعد في الحد من جرائم العنف في المجتمع العربي؟

نعم

لا

لا رأي لي

ام الفحم 22-32
الناصرة 31-20
بئر السبع 33-21
رامالله 32-22
عكا 29-23
يافا تل ابيب 29-24
القدس 32-18
حيفا 31-23

د. رفيق مصالحة: من يوميات طبيب في مخيمات اللاجئين في قطاع غزة

التاريخ : 2024-11-06 18:01:58 |



(أيام الحصار)
كان يوم خميس من الاسبوع الثالث من شهر أغسطس من العام الواحد والعشرين من الألفية الثانية ، الحر شديد وحبات العرق تتساقط بغزاره من جباه اعضاء البعثة الطبية وهم يحملون حقائبهم وصناديق الأدوية، بعد ان اجتازوا معاناه الفحص الدقيق في محطات المراقبة في معبر بيت حانون - ايرز (ארז) من الجهة الإسرائيلية، يسيرون في طريقهم الى قطاع غزه المحاصر.
هناك في مدينه غزه وما تكاد تقترب من شاطئ البحر الممتد على طول القطاع حتى تشتم رائحة كريهة تملا الاجواء، وترى مياه البحر قد اضحى لونها اخضر داكن حيث اصطبغت بمياه الصرف الصحي المتدفق بغزاره من مدينه غزه ومخيماتها بعد انقطاع الكهرباء لعده أسابيع بأمر من الحكومة الإسرائيلية. لا احد يقترب من الشاطئ سوى بعض الصبيه الدين لا يدرون ما يفعلون ولا يأبهون بمخاطر الامراض، بينما يحرم باقي المواطنين من اللجوء الى شاطئ البحر ملاذهم الاخير في ايام القيظ الحارق يفرون من بيوت الصفيح الملتهبة في المخيمات.
بعد جلسة قصيرة مع ممثل وزاره الصحة في القطاع، انقسم أعضاء البعثة الطبية الى مجموعتان: أطباء الجراحة يتجهون للعمل في غرف الجراحة في المستشفيات، وباقي الأطباء من مختلف التخصصات يتجهون لعلاج المرضى في المخيمات.
في طريقنا متجهين نحو بناية المدرسة التي تحولت الى عيادة ميدانية. عبرنا في الشارع الرئيسي وسط المخيم حيث تتكدس النفايات على الأرصفة واكوام الرمال تتناقلها الرياح من مكان الى اخر لتغطي بقايا الاسفلت الذي بلى وتشقق وانتشرت فيه الحفر. ومن هدا الشارع تتفرع طرقات ضيقه تعبر بين البيوت المتراصة الملتصقة ببعضها البعض، لا تتسع لمرور اكثر من شخص واحد، وفي الليل يفترشها الناس هربا من الغرفة الوحيدة المكتظة بجميع افراد العائلة.
استقبلنا رايس وأعضاء بلديه مخيم البريج بحفاوة بالغه وعبروا عن مشاعر التقدير والاحترام الفائق لما نقوم به لعون أبناء شعبنا المحاصر مند سنين طويله. ثم مضينا لاستقبال المرضى في العيادة الميدانية التي جهزها الأهالي، وهي عبارة عن غرف لمدرسه يتعلم بها اطفال المخيم وقد تآكلت حيطانها وبلت أبوابها ونوافذها بينما زينت جدرانها الداخلية برسومات ملونه ومخطوطات تمجد الشهداء وتشيد بالصمود والنضال والتحدي. عبرنا في طريقنا للغرف بممرات ضيقة تعج بالمرضى الكثيرون الدين قدموا بمئاتهم من جميع انحاء المخيم ومخيمات اخرى مجاورة مثل مخيم النصيرات وغيرها. قد علموا بقدوم هده البعثة الطبية من ابناء الشعب الفلسطيني الباقي على ارضه مند عام الثمانية وأربعون. كانت علامات الفرح والسعادة تشع من وجوههم وقد امتلأت عيونهم بدموع الحب والامل، فلا زال هناك في هدا الكون من يذكرهم ويزورهم ليقدم لهم بعض العون والمساعدة في محنتهم القاسية التي فرضها عليهم هدا الحصار البغيض .
قبل ان اباشر عملي باستقبال المرضى المنتظرين مند الصباح، فتح الباب فجاه ودخل الغرفة دون استئذان رجل في اواخر الخمسينيات من عمره كنت قد عالجته في احدى زياراتنا السابقة وعلمت منه الكثير عن الظروف القاسية والأوضاع الصعبة التي يعاني منها اهالي المخيمات في القطاع. همس بصوت خافت حزين، ارجوك ان تساعدني اتوسل اليك، ابني احمد يرقد في المستشفى مند أسبوع ، وضعه لازال خطير، اصابوه بعيارات ناريه في صدره وكتفه. نظرت اليه مندهشا، فاسترسل قائلا، في الصباح الباكر من يوم الجمعة الفائت، جاء ابني هدا وهو في التاسعة عشره من عمره وقد تخرج من المدرسة التوجيهية "الثانوية" قبل عام، لم يستطع اكمال تعليمه العالي مباشره لضيق الحال وشح النقود، بدا يعمل لدى مقاول عمار في اشغال شاقه وصعبه ولساعات طوال تتعدى العشرة ساعات يوميا عله يوفر بعض النقود تساعده للالتحاق في الجامعة في السنة القادمة، ولكن يأسه كان كبير عندما قاضاه المقاول اجر بخس بمعدل عشره شواقل يوميا ، مما اغضبه وحداه لترك العمل. جاءني في صباح يوم الجمعة يطلب بعض النقود كي يحلق شعره لدى حلاق المخيم، قلت له وبأسف يا ولدي عليك ان تؤجل الحلاقة الى حين، لأنني والله لا املك ما يكفي من النقود لشراء بعض الأغراض التي اوصتني بها أمك كي تجهز وجبة الغداء بعد صلاه هذا اليوم الفضيل.
صمت ولم يجبني وخرج. لم تمض بضع الساعات وبينما كنت اجهز نفسي للذهاب الى الجامع القريب لأداه صلاة ألجمعة، دق جرس الهاتف وعلى الطرف الاخر كان الطبيب من مستشفى الشفاء في مدينه غزه يدعوني للحضور فورا لان ابني مصاب بعيارات ناريه ووضعه خطير. كانت حالتي لا توصف لشده الخوف والهلع .
وعندما وصلت المستشفى علمت من الاطباء ان ابني اصيب برصاص جنود الاحتلال عندما كان يشارك الشباب في مظاهرات العودة على الحدود ، كانوا يهتفون للحرية وينادون بفك الحصار والعودة الى الوطن، بينما كان الجنود الإسرائيليون على الجانب الاخر من الحدود يتحصنون خلف السواتر الرملية قبالتهم ويطلقون الرصاص الحي على كل من يتحرك باتجاههم وفي بعض الأحيان حتى دون ان يتحرك.
في اليوم التالي بعد ان افاق ولدي من غيبوبته، سألته عمّا جرى وكيف حدثت هده الإصابة الخطيرة، وما حداه للذهاب الى الحدود وتحدي الجنود وهو الذي لم يكن ينتمي الى أي تنظيم سياسي في السابق. اجابني بحده وقال بغضب، مادا تنتظر مني وانا اعيش هده الظروف البائسة، لقد مضت سنه كامله كنت احلم بان اشتغل وادخر بعض النقود كي أستطيع دفع رسوم الجامعة، كان كل مناي ان ابدا دراستي في السنة القادمة. انني اعلم جيدا بانك لا تملك المال لدفع رسوم التعليم وايضا اعلم بانك تكاد لا تملك النقود لتوفير الطعام لإخوتي، وبالأمس لم تكن تملك حتى الثمن الزهيد لحلاقه شعري الدي حان أوان قصه مند مده، تريدني ان اقضي سنه اخرى عاطل اتسكع في الشوارع.
ثم استرسل قائلا، ان هدا الحصار لن ينتهي، وحياتنا تزداد سوءا، انني لا ارى في الافق أي بصيص من امل. فبعد ان وجدتك البارحة لا تملك حتى القليل من النقود، اتخذت قراري فاغتسلت وتوضأت ثم ذهبت الى صالون الحلاق، وبعد ان انتهى الرجل من حلاقه شعري وتصفيفه، شكرته وقلت له وانا في طريقي للخروج بأنني لا املك ثمن الحلاقة وانني ذاهب لأقاوم جنود الاحتلال الدين يحاصروننا ويدمروا حاضرنا ومستقبلنا، فهم سبب فقرنا ومآسينا. وادا استشهدت ارجوك ان تأخذ اجرك من والدي وان تطلب منه ان يسامحني ويزور قبري ويقرا الفاتحة على روحي.
مضت السنين والحصار جاثم على صدور الناس، يحبس انفاسهم ليقتلهم ببطء. واليوم وبعد مرور اكثر من عام على حرب الإبادة والتجويع، لا زال احمد وعائلته يعانون من ويلات النزوح والتشرد، في بداية الحرب تركوا بيتهم في مخيم البريج الى خان يونس ثم رفح بعدها العودة الى البيت في البريج، ولا زال خطر الموت يطاردهم وشبح الجوع والعطش يلازمهم في كل مكان، وقبل بضعه اسابيع تركوا بيتهم مره ثانيه ورحلوا الى المواصي ليعيشوا في خيمه صغيره صنعت من اقمشه باليه لا تصلح لان تكون مأوى لأي كائن بشري.

 

** د. رفيق مصالحة اخصائي امراض الاعصاب وعضو منظمه اطباء من اجل حقوق الانسان

 



Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0

اضافة تعليق

الاسم الشخصي *

 

المنطقة / البلدة

البريد الالكتروني

 

عنوان التعليق *

 

التعليق *

 


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0
الصفحة الاولى | الاعلان في الموقع | اتصلوا بنا |                                                                                                                                                                                               Powered By ARASTAR