شهدت الجلسة الثالثة من منتدى الجزيرة أمس، عرض فيلم «عيون غزة» وهو رؤية إنسانية وصحفية معمقة حول الأوضاع في قطاع غزة، مسلطا الضوء على التحديات التي يواجهها السكان في ظل حرب الإبادة التي يتعرضون لها. ويعكس الفيلم الدور الحيوي للصحفيين في نقل الحقيقة، رغم المخاطر التي يتعرضون لها، بما في ذلك استهدافهم خلال التغطية الميدانية. وعقدت جلسة حوارية عقب الفيلم ناقشت أبعاد الفيلم المختلفة، مع التركيز على واقع العمل الصحفي في غزة، والتحديات الأمنية والمهنية التي تواجه الصحفيين، إضافة إلى دور الإعلام في توثيق الأحداث وتأثيره على الرأي العام.

وائل الدحدوح: الصحفيون في غزة دفعوا أثماناً باهظة

قال وائل الدحدوح، مدير مكتب الجزيرة في غزة (عبر تطبيق زووم): «في قطاع غزة، ليس من السهل أن تكون صحفيًا، وليس من السهل أن تكون إنسانًا، وليس من السهل أن تكون أحد الضحايا أو والد شهيد، أو قريبًا لشهيد. فما بالك أن تكون كل هؤلاء في آنٍ واحد؟ هذا أمرٌ يفوق قدرة البشر على الاحتمال».

وتابع: «كل الأشياء استثنائية وغير منطقية في القطاع، وكان لزامًا علينا أن نكون استثنائيين وغير مفهومين إلى أبعد حد. لكن الأهم أن دورنا الصحفي كان في غاية الأهمية».

وأضاف: «هذه حرب مختلفة، ليست كسابقاتها، وبالتالي كان علينا أن يكون لنا دورٌ مغاير، حتى وإن تشابه في بعض الأحيان مع ما سبق. في غزة، دفع الصحفيون أثمانًا باهظة، كانوا في عين الخطر، يخشون الموت والاستهداف، ويخافون على أسرهم كما كانت أسرهم تخاف عليهم».

عاصف حميدي: لمحة بسيطة لتفاصيل كثيرة

علَّق عاصف حميدي، مدير الأخبار بقناة الجزيرة الإخبارية، على الفيلم قائلا: «ما شهدناه اليوم هو مجرد لمحة بسيطة من تفاصيل كثيرة. كانت تحدث في غزة هناك عيون كثيرة في القطاع، ولكل عين قصصها المؤلمة».

لافتا إلى أن الصحفيين في غزة فقدوا حياتهم، فقدوا أطرافهم، لكنهم لم يفقدوا إصرارهم ولا ضميرهم المهني. وتابع: «نحن في غرف الأخبار لا نُعطي تعليمات لزملائنا على الأرض، بل تعلمنا منهم كيف تكون هذه المهنة.. لطالما أُطلق على الصحافة لقب (مهنة المتاعب)، لكن هذا الوصف يظلم الصحفيين في غزة. فهناك، الصحافة ليست مجرد مهنة، بل هي مهنة الكوارث والمخاطر، مهنة الإنسانية والتضحيات».

وأضاف: «الصحفيون في غزة هم مرآة الواقع، ومرآة الفاجعة. حاول الاحتلال كسر هذه المرآة من خلال التحريض، والاتهامات، والقتل، لكنه لم ينجح. بل على العكس، زاد ذلك من عزيمة الصحفيين على مواصلة عملهم».

وأشار إلى أن معاناة الصحفيين في غزة تتعدد بين معاناة نفسية، وجسدية، ولوجستية، فهم يسيرون بين الجثث ولا يعرفون مصيرهم.

محمود الصباح: صناعة الفيلم في ظروف قاسية

أكد محمود الصباح، مراسل صحفي في شمال غزة (عبر تطبيق زووم)، أن العمل بعد الحرب وتوثيق المعاناة أكثر صعوبة من العمل خلال الحرب، الذي كان بدوره صعبًا للغاية.

وقال: «في الأوقات العصيبة أثناء صناعة هذا الفيلم، واجهنا ظروفًا قاسية للغاية، فلم تكن هناك مواصلات ولا إمكانية للتواصل مع المؤسسات، وكنا نعيش في ظل المجاعة خلال شهر ديسمبر، إضافة إلى الإصابات والضغوط العديدة التي أثقلت كاهلنا». وتابع: «حاولنا أن ننقل صورة الواقع للعالم، لكن الفيلم لم يتسع لحصر كل التفاصيل. ورغم الظروف القاسية، كنا نعمل دون كاميرات احترافية أو معدات بث، بل كنا نعتمد فقط على كاميرات الهواتف المحمولة لنقل ما يجري في غزة، خاصة بعد أن أجبرت وسائل الإعلام الكبرى على مغادرة القطاع».

وأضاف: «وجدنا أنفسنا أمام مسؤولية اجتماعية ومهنية، وكان علينا أن نخوض معركة القلم. كنا نسير يوميًا لمسافات تزيد على 20 كيلومترًا بين التنقل والتصوير، مما زاد من العبء علينا».

جمال الشيال: رسالتنا القرب من الجمهور

تحدث جمال الشيال، مدير إستراتيجية المحتوى بالقطاع الرقمي في شبكة الجزيرة الإعلامية، عن منصة الجزيرة 360 وقال: «عندما بدأنا في وضع إستراتيجية المحتوى للمنصة، كان هناك عدة أهداف، لكن في صلبها كان هناك شيء أساسي وهو مواصلة رسالة الجزيرة، والقرب من الجمهور، وتقديم الرأي والرأي الآخر، ونقل الحقيقة التي يحاول البعض طمسها. وتابع: «في زمن الحرب، تصبح الأفلام الوثائقية وسيلة للتواصل مع الجمهور، بحيث يفهم ما يجري بطريقة أقرب إليه، ولقد أضفنا في (عيون غزة) مشاهد بسيطة، مثل اللعب مع الأطفال، أو طفل مولود حديثًا. مشاهد قادرة على لمس أي إنسان، لأنها جزء من الحياة اليومية لأي شخص». (صحيفة العرب)