|
|
|
شوقية عروق منصور: غزة في عيون الثرثرة والأدبالتاريخ : 2024-08-21 20:47:02 |
قال مارتن لوثر كنغ: "أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد في أوقات المعرك الأخلاقية العظيمة". العدوان على غزة لم يعد ذلك القصف المسعور والبيوت المدمرة والركض في الطرقات والبكاء من الخوف والحيرة والهلع الذي يرصد الخطوات اللاهثة إلى المجهول، وثقل الحاجيات الضرورية المحمولة على الأكتاف. ففي عراء اللجوء لن ينفعك إلا القليل من الطعام والثياب. والسؤال الكبير المشع بالخوف الجنوني والقلق إلى أين الاتجاه؟ فالموت يترصد كل خطوة وكل مكان يتحول إلى لهب ونار ! أجساد المصابين بالشظايا والرصاص والأجساد المرمية على بلاط بقايا غرف ودهاليز المستشفيات، والتي تئن من الأوجاع الصامتة، حيث الدماء النازفة تحيط بتلك الأجساد التي ترجو العناية. ولكن الأجواء ترد على الأنين مؤكدة له أن لا علاج في غياب الأسرة والعناية الطبية والأدوات المعقمة والنقص في الأجهزة والأدوية والأطباء والممرضات. وننظر إلى البلاط الذي يحضن المصاب، ونرى أن برودته أحن عليه من شعوب تقهقه فرحاً برؤية الدم . لم تعد الجثث المتحللة تحت ركام البيوت والأرض التي تحولت إلى مقابر جماعية، حيث يحفرون تلك القبور بصورة عشوائية، تثير الرعب والخوف والقلق، حتى أن عبارة" ممنوع على المشاهد أقل من 18 عاماً رؤية هذه اللقطات". قد انتزعت وأصبح رؤية الأجساد المُقطعة والنازفة من الصور العادية التي لا تثير الاستغراب، فكل شيء مباح في الحرب على غزة . قال لي صديق في غزة أنه اشترى الأكفان له ولأفراد عائلته حيث يحمل هذه الأكفان معه كلما نزحوا من مكان إلى آخر. وبعد انتهاء الحرب ستخرج مئات القصص والحكايات من قطاع غزة ، سيصبح عندنا " أدب غزاوي" والصور النازفة والنابضة على الشاشات الفضائية ستكون ضمن الأفلام التي ستعرض في المهرجانات الخطابية، حيث يرش البعض غازات المسيلة للدموع وينتحب قليلاً صانعاً من انتحابه مكبرات لصوت الأحزان المزيفة. لا نستبق الزمن، فالموت والدمار والقنص والركض خوفاً وجوعاً وعطشاً ما زالوا في غزة، يقفون في كل مكان وفي كل زاوية وتحت كل بيت وشرفة وشارع وطريق وملعب. ونحن نشاهد ونسمع كيف تبدو أبجدية الإمعان في الخطابات والأقوال والتجول بين أصحاب الياقات البيضاء، والميكروفونات تشتعل رؤوسها شيباً من شدة الخداع والكذب التاريخي . نعرف أن الحرب على غزة ثرثرت كثيراً وفتحت ميادين الكلام واندلقت على الأرض الإعلامية الكثير من التصريحات والكلمات وفي ذات الوقت قامت هذه الحرب بنزع الأقنعة. ولكن رغم ذلك هناك أقنعة ما زال تحتها وجوهاً تحمل غموضاً فاسداً بحاجة إلى أعواد ثقاب نشعلها وندخلها تحت الأقنعة حتى نحرقها ويظهر جلدها الحقيقي. من بين تلك الوجوه اتحادات الكُتاب في العالم العربي والغربي ، راقبوا أين هم الأدباء الذين أهدوا الإنسانية كتبهم من روايات وشعر قصة وبحث ومقال؟ أين هي أصواتهم؟ أين أدباء الغرب الذين حصلوا على جوائز عالمية مثل نوبل أو جائزة البوكر أو الأدباء العرب الذين حصلوا الجوائز العربية، مثل "جائزة السلطان قابوس" و"جائزة الملك فيصل" و"جائزة الشيخ زايد" و"جائزة الشيخ راشد" و"جائزة الشارقة"، وغيرها من الجوائز، من العدوان على غزة؟ قد يتكلم البعض بهمهمة ولكن ليس بالصوت العالي، ذلك الصوت الذي يصنع العواصف والزوابع والضجيج. ادباء الغرب الذي وقفوا ضد الحرب على فيتنام ووقفوا ضد بعض الحروب لم نسمع بهم في حرب الإبادة على غزة، يدافعون عن الانسان والحق والحقيقة، هل الكاتب الذي يحمل القلم يعاني من الجُبن ويخاف من الأنظمة؟ هل مصالحه الشخصية أكبر وأقوى من حبر كلماته ؟ هل من المعقول أن يخرج أديب إسرائيلي يدعى "عزرا ياشين"، شارك في مذبحة دير ياسين عام 1948 ويحرض الجنود على قتل جميع الفلسطينيين، "امحوا أسرهم وأمهاتهم وأطفالهم، لأن ليس للعرب الحق في العيش على أرضنا".. ولا أحد يرد عليه؟! السؤال أين الأدباء اليهود الذين يدعون أنهم من اليسار ليردوا عليه ؟ كيف سيحكم عليهم التاريخ ؟ وكيف كان سيكون رد الأدباء في العالم إذا أحد الأدباء العرب كتب وقال مثل هذا الكلام؟
تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |