|
|
|
شوقية عروق منصور: في غزة... شكراً للهواتف وصفحات التواصل الاجتماعيالتاريخ : 2024-10-24 18:38:37 |في ظل صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية النابضة بالحركة والسرعة والهواتف وبعض الفضائيات - لم يعد العالم قرية صغيرة كما كانوا يقولون بل أصبح العالم حارة ضيقة نعرف كل ما يجري خلف جدران بيوت الجيران، لذلك أصبحت الصورة تاريخياً واجتماعياً للأجيال القادمة أكبر وأوسع ومن السهل قراءة تفاصيلها، بالإضافة أن الاعلام لم يعد مقصوراً على وزارة وتوجهها السياسي أو على النخبة وعلى الدائرة المحيطة بها وافرازاتها المراقبة و الموقعة من أعلى أو على اعلام الدول الصديقة أو الدول المعادية ، حيث أصبح كل واحد يملك الاعلام وينقل الصورة والحدث بسرعة رغم الحصار والمحاصرة والمطاردة والملاحقة وعمليات الحذف والايقاف والرفض من أصحاب القرار الالكتروني، إلا أن هناك من يخترق وينشر بالصوت والصورة ويوزع الحقيقة العارية لدرجة تكذيب الوزراء والمسؤولين. قالوا في تعريف الصورة " لحظة تدوم إلى الأبد " وقال الفنان أحمد زكي عندما كان يعمل مصوراً على الرصيف " أضحك الصورة تطلع حلوة " ولكن الصور في العدوان على غزة لم تطلع حلوة، بل طلعت ببشاعة قسوة عنجهية السيطرة والاحتلال ، لقد كشفت عن تفاصيل كثيرة سيستخدمها التاريخ المستقبلي في أبحاثه وستعرف الشعوب كيف كانت وقفات قادتها وحكوماتها. لا يمكن أن توضع هذه الصور والأفلام المسجلة والمصورة في الأرشيف ثم تتبخر، بل سيقف أمام هذه الصور كل مؤرخ وباحث ودراسة تفاصيلها، لن يستطيع الكذب والخداع واللعب لعبة " الغميضة " فوق الصفحات لأن الصورة موجودة والمواقف السياسية كانت موجودة . من قاع الصمت العربي والعالمي ومستنقعات نشرات الأخبار وتحليل الوجوه البلاستيكية ، وفي لحظات القصف والهدم و الدم والأشلاء و الركض والفزع والخوف والجوع والعطش وجنون الطائرات التي ترمي قذائفها بعشوائية ولعنات الأحزمة النارية، هناك من الناس البسطاء والعاديين الذين دخلوا لعبة الاعلام بمزاح ثم أصبحوا يساهمون في نشر الحقائق يومياً وفي كل ساعة و لحظة ، ينشرون وجوهاً ولقاءات وملامح عجزة انتظرت موتها بهدوء لكن القصف يعجل في رحيلها ، وامهات يسيل البكاء من مسامات أمومتها وأطفالاً بملابس رثة وحفاة وشقاء وبكاء وتشريد دون عنوان يحمي طفولتهم . قد نستطيع تزوير بعض اللقطات والأفلام لكن لا يمكن تزوير كمية هائلة من الصور واللقاءات والوجوه والأشلاء والهدم والأنقاض وبقايا الجثث، لا يمكن تزوير الرؤوس والأيدي السيقان المبتورة ولملمتها، لا يمكن تزوير الجثث الملفوفة بالأكفان البيضاء، والحفر التي تضم في جوفها عشرات الجثث بلا أسماء وعناوين ، لا يمكن تزوير معاناة الجوع والوقوف في طوابير ذل الصحون والطناجر المحمولة في أيدي الصغار، لا يمكن تزوير الخوف والرعب والصراخ الذي قفز إلى المستحيل، لعل هناك من ينتشله من قوائم الموت ، ولكن وجد نفسه في حقيقة أكيدة وأن المستحيل كان يحاور الوهم السياسي الذي مارسته رومانسية الخطابات واللقاءات التفاوضية العربية والغربية. العنوان " العدوان على غزة " في حضرة التاريخ والمؤرخين لن يكون مجرد صفحات تتحرك في مناطق الشمال والجوانب والوسط والتفتيش عن الانفاق والوجوه الخارجة عن قانون الطاعة والنوم في العسل الاحتلالي ، ليس نكبة 1948 وما كان قبلها وليس نكسة 1967 وليس أحداث الانتفاضة الأولى والثانية وليس ... وليس ..!! وقائمة التوضؤ بالدم ورحلة الشعب الفلسطيني والسؤال، إلى متى ؟ و إلى أين ؟ صور العدوان على غزة كثيرة وضخمة في ثقلها الإنساني ، وهناك صفحات جديدة ستضاف إلى التاريخ الحديث عبر توثيق جديد بكاميرات الهواتف المنتشرة، بالمواقع والصفحات التي تُسجل عذاب الصرخات والمناشدات والدموع بتفاصيل اللحظات، ومهما كانت الأقلام جافة والكلمات مكسرة ومحطمة. لنعترف هناك شيء جديد يسجل ويوثق في هذه المرحلة، مرحلة الصورة التي تطل على جميع الجوانب، مرحلة الكلمات المهشمة على صفحات التواصل، لكنها ناطقة وصارخة في زمن الصمت تُفرغ صراخها بالفضاء لكن التاريخ سيقف لها بالمرصاد . قال المثل الشعبي الفلسطيني " صرارة بتسند حجر".. وكاميرات الهواتف وصفحات التواصل والمواقع الالكترونية تسند التاريخ الذي يحاولون تزويره .
تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |