|
|
|
شوقية عروق منصور: مقابر جماعية - هنا غزةالتاريخ : 2024-11-06 17:01:41 |ظهرت نتائج الانتخابات الامريكية، وسيغيب وجه كامالا هاريس الذي كان جالساً على حافة الأنوثة والتساؤل كيف يمكن أن تصبح أكبر وأقوى دولة تحت رحمة امرأة ..؟! عدا عن أنها أمريكية وتعتز بوطنها، لكن الامريكان ما زالوا ينظرون إليها أنها من عرق المهاجرين، والدها من جامايكا من أصل أفريقي ووالدتها هندية، ورجع دونالد ترامب الأمريكي الثري ، صاحب العرق الأبيض، الأشقر، الذي يتكلم بصورة صاحب "الكازينو" الذي يريد أن يبقى العالم تحت سيطرة "القبضاي". بعد صراع وصولات وجولات واحتفالات وتصريحات، كامالا هاريس تحمل على ظهرها وجه "بايدن العجوز الخرف" وترامب يحمل الوعود في جعل أمريكا أقوى بجيشها وقدراتها التكنولوجية وسيطرتها ، ويفوز "ترامب". ولكن حسب ما تداول في وسائل التواصل الاجتماعي لا فرق بين ("أبو لهب" و"حمالة الحطب") . بالنسبة لنا أمريكا "رأس الحية" أو أمريكا الطاعون حسب رؤية شاعرنا محمود درويش". أثناء هوس أخبار الانتخابات الامريكية، والتعليقات والحوار والتحليلات، أنا كنت ملتصقة بأخبار "غزة" و"لبنان" الحمقى فقط من يمشون على رؤوس أصابعهم ويتوقعون أن يطير الرئيس الأمريكي خارج السرب، ويمد أجنحته لكي يعالج جراحنا أو يغطي ويدفئ اجسادنا. أثناء نشرات الأخبار، تتنهد العبارات فوق أرقام الشهداء التي تقفز وتتصاعد ببرود إلى حد صمت الحبر أو انتحاره على ورق الحزن، كأن هؤلاء الشهداء مجرد جدراناً قد أزيلت، أو طرقاً قد أغلقت. طوال عمري أكره الأرقام وأتعامل معها كواجب، اعتبرها محطات رقمية تكتب أقدارنا وتتواصل معنا في معيشتنا، ولا أدخلها في عواطفي أو تشاطرني أحاسيسي. ولكن حين اقرأ وأسمع تصاعد أرقام الشهداء أشعر أن قطرات من ماء النار الكاوية تحرقني، تصب في قلبي وروحي، أحاول معانقة الأمهات والآباء والشباب والأطفال والشيوخ والرضع. لكن عناقي يصطدم بواقع استفزازي يؤكد أن هؤلاء تأملوا الحياة ولكن في لحظة توقفت الحياة وعبث معهم الرصاص والتفجيرات، حتى أصبحت أرقام الشهداء وجبات إعلامية ورسائل تتصدر الشاشات، وتصرخ وتتدلى من أعلى القهر إلى صمت القهر. من بين شاشات الفضائيات تطل الأكفان البيضاء المربوطة بحرص كأن الذين قاموا بربطها يخافون أن يمزق أصحابها البياض ويهربون، هذه الأكفان المصفوفة جنباً إلى جنب تنتظر الدفن السريع، هي ليست صورة عادية، هي أبجدية التساؤل في غزة ومحيطها، تلك الحفر الطويلة، عشرات الأمتار تحفر في عمق الأرض، حيث يقومون بوضع الجثث جنباً إلى جنب ثم يهيلون التراب عليها، يسمونها "مقابر جماعية". ولكن انسانياً هي خيانة الانسان للإنسان، هي مقياس وحشية الحروب ومدى الاستخفاف بحياة وقيمة وفكر وأحلام وأمنيات انسان. ما يُسمى "مقابر جماعية" هي العنوان الواضح لمرحلة تختم ذاكرة التاريخ الفلسطيني بوجع الدموع، وصدى النوافذ التي كانت مشرعة للحياة ولكن هناك من أصر على اغلاقها. المقابر الجماعية هي المجهول الذي يراقص الأيام ويحولها إلى تثاؤب ويهيل عليها التراب.
تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |