|
|
|
د. رفيق مصالحة: مرض الزهايمر "كابوس العصر".. وبارقة أمل بعد اكتشاف علاج جديدالتاريخ : 2025-01-06 20:09:54 |من المفارقة الغريبة العجيبة الحاصلة في العقدين الأخيرين، اننا نشهد تقدم كبير في الأبحاث الطبية وفي طرق العلاج الحديثة التي استطاعت ان تقضي على الكثير من لامراض المستأصلة المزمنة وتمنع عواقبها الوخيمة مما يبعث على الامل والطمأنينة. لكن في نفس الوقت نلاحظ ارتفاع حاد في انتشار مرض الزهايمر المرعب وتفشيه بين الناس، ولا يستطيع العلماء والأطباء رغم التطور الحاصل من إيجاد علاج ناجع وشافٍ يقضي على هذا المرض. وسبب هدا التناقض يكمن وراء اكتشاف طرق علاج ناجعة لأمراض كثيرة مستعصية خاصة لدى الأشخاص المتقدمين في السن، مما يطيل من اعمارهم لتتعدى سن الثمانين حتى التسعين عاما. وكما هو معروف بان عامل الجيل يزيد من انتشار مرض الزهايمر، ومن هنا نستطيع فهم المعضلة . كما ;كرنا ان مرض الزهايمر ينتشر بشكل عام لدى الأجيال المتقدمة في السن، وحسب الإحصائيات الطبية الأخيرة ان نسبة انتشار المرض تتعدى %1 لدى الأشخاص في سن الستين عاما، وهذه النسبة ترتفع بشكل متسارع مع تقدم العمر، وترتقي الى اكثر من %20 في سن الثمانين. أما ابناء التسعين عاما وما فوق تشارف نسبه اصابتهم في هدا المرض الى حوالي %50 أي نصف المتبقين على قيد الحياة في هذا الجيل. يجدر بالذكر ان حوالي %10 من المرضى يصابون في هدا المرض في جيل مبكر 40-50 عام، والسبب غالبا ناتج عن خلل وراثي في تركيبة الجينات. وقد توصل الباحثون الى التأكد من وجود تحولات في جينات معينه موجوده على كروموسومات (1،14،19،21 ). تاريخيا بدأت قصة اكتشاف هذا المرض في المانيا، قبل حوالي قرن واربعه عشره عاما، أي في العام 1910 حيث نشر الباحث والطبيب النفسي الالماني Alois Alzheimer مقالا علميا يصف فيه اعراض غريبة لدى عدد من مرضاه المعافين جسديا لكن ادمغتهم قد اضمحلت وضعفت فأصابتهم حالات نسيان للمدى القريب يتقدم ببطء. ولاحقا تظهر اعراض أخرى مثل قله التركيز ومشاكل في النطق والكلام والقدرة على اداره أمور حياتهم ، وخلال بضعه سنوات لاحقه وصف اطباء اخرون من دول أوروبية مختلفة حالات مشابهة، وهكذا عرفت هذه الظاهرة بمرض الزهايمر وذلك نسبة الى اسم مكتشفه الأول ((Alzheimer . مع مرور السنين تعرف الإطفاء على الكثير من مزايا واعراض هدا المرض المريب اذ تظهر في البداية علامات خفيفة من هبوط الذاكرة، حيث ينسى الشخص الأحداث التي جرت قبل ساعات او أيام. فمثلا ينسى اين وضع مفاتيح السيارة او مفاتيح البيت، كذلك لا يذكر اسماء كثير من الأصدقاء والمقربين. ويعاني من قله التركيز وترتيب أمور حياته. وكدلك الامر لدى النساء حيث نسبة حدوث المرض تزيد عن النسبة لدى الرجال، ونرى ربات البيوت غالبا ما ينسين اين وضعن أدوات المطبخ كالسكين او الملعقة. وهل اضافت الملح الى الطعام او السكر في الشاي وما الى ذلك من امور . بعد مرور حوالي العامين من بداية ظهور الاعراض يصبح المريض غير قادر على مزاولة عمله الدي اعتاد عليه لسنين طويلة، لتفاقم اعراض مرضه وخاصة حالات النسيان، وعدم معرفه الأماكن والاتجاهات والطرقات Disorientation ، مما يتعذر عليه قيادة السيارة، ويفقد القدرة على ادارة اعماله وتنظيم حياته. ورويدا رويدا يقلص من علاقاته الاجتماعية ويعتكف في بيته يعاني من حاله خوف وخجل واكتئاب. وهده المرحلة الثانية مدتها حوالي سنتين. وفي المرحلة الثالثة النهائية، يصبح المريض غير قادر على معرفة المكان والزمان الدي يعيشه، ولا يعي ما يدور حوله، ولا يتعرف على زوجته وأبنائه. ويزيد من انطوائه ليعيش في عالمه الخاص لتعود به الأيام الى حقبه الطفولة أيام الحارة والبيت العتيق، يعيشها بكل جوارحه، يبحث عن والديه وعن اصدقائه القدامى. وفي بعض الأحيان يرى أشخاص، ويسمع أصوات لأناس غير موجودون (allucinations )، الى ان يصل الى وضع في غايه الصعوبة والاسى حيث يتحول المريض الى كائن في ادنى درجات الكائنات الحية، يعيش فاقد لدهنه وعقله وغريزته، يفقد كل ما اكتسبه من معرفة مند طفولته.. لا يفقه ما يدور حوله، يفقد القدرة على الكلام ولا يطلب الطعام ولا يعتنى بنظافته الشخصية وارتداء ملابسه ولا يميز بين الأشياء الجيدة والضارة ويفقد حياته ان لم يجد من يرعاه. مرض الزهايمر هو مرض رهيب لا نعرف حتى اليوم السبب الحقيقي لظهوره، ولا كنه المسبب له. لكن مند سنوات عديده أظهرت نتائج أبحاث كثيره ان من اهم أسباب هدا المرض هو موت خلايا عصبيه في أماكن معينه في الدماغ اهمها Hippocampus والمنطقة الامامية من الدماغ Frontal Lobe، هده الخلايا تموت بشكل بطئ جدا لكن بوتيرة مستمرة ودون توقف. وقد وجدت الأبحاث أيضا انه من اهم أسباب موت هده الخلايا في الدماغ هو ترسب نوع من البروتينات BetaAmyloid التي تشغل وظائف مهمه في تنظيم عمل الخلايا، وعند بداية المرض ولسبب غير معروف يحدث خلل في تركيبة هده البروتينات يفقدها القيام بمهامها وتصبح غير فعالة، لذا تبدأ بالتجمع في كتل كبيرة تدعى Amyloid Plaque وتترسب بين الخلايا العصبية تضغطها وتعرقل عملها وأيضا تضغط على الشرايين الصغيرة التي تغديها بالأوكسجين والجلوكوز. وهكذا تؤدي الى ضمورها وموتها. ومع مرور السنين نرى ان الدماغ قد فقد الكثير من الخلايا العصبية المهمة. ويصبح وزنه 1100 غرام بينما وزن الدماغ الطبيعي 1400 غرام . قبل عام وبضعه اشهر اي في أيلول من العام الفائت 7.2023 أعلنت جمعيه الغداء والدواء الأمريكية FDA عن موافقتها على بدايه استخدام دواء جديد لعلاج مرض الزهايمر ويدعى ليكمبي Lecanimab)) . وهو مضاد بيولوجي يعمل على منع ترسب وتجمع بروتين Beta Amyloid بين الخلايا العصبية وبدلك يمنع موت هذه الخلايا في الدماغ. حتى اليوم لم يستطع الأطباء والباحثين اكتشاف علاج يساعد على إيقاف تقدم واستفحال هدا المرض، واعتمد العلاج غالبا على كثير من العقاقير والأدوية التي تعالج اعراض المرض دون ان تعالج السبب . ان اكتشاف هدا الدواء يعتبر بداية غير مسبوقة ويفتح الطريق لاكتشاف ادويه أخرى تعمل بشكل مشابه وأكثر نجاعة لكي نتمكن من القضاء على هدا المرض- الكابوس. الجدير دكره بان هدا الدواء يساعد المرضى في المرحلة الأولى من ظهور اعراض مرضهم وليس في المراحل المتقدمة، لان هدا الدواء لا يعالج ولا يحيي الخلايا التي قد أصابها التلف والموت. ويجدر ذكره أيضا بان وزارة الصحة في البلاد وفي تاريخ 30/07/24 وافقت على استعمال هدا العلاج دون قيود، وفي هده الأيام يجري العمل على ضمه مع باقي الأدوية الجديدة الى سلة الأدوية المدعومة من الحكومة لان تكاليف العلاج مرتفعة جدا. أيضا في تاريخ .11.24 اعلنت الجمعية الطبية الأوروبية EMA عن موافقتها على استعمال هدا الدواء في جميع دول أوروبا ، بعد ان أبدت خلال عام شكوك كثيرة في نجاعة الدواء، وهذا مؤشر جديد وهام على نجاعة هدا العلاج. رغم هدا الاكتشاف الهام جدا، علينا ان لا نغفل عن عوامل مهمه أخرى أثبتت نجاعتها، والتي تساعد على شفاء هدا المرض، كمأكولات حوض البحر الابيض المتوسط مثل فواكه البحر على اصنافها والاسماك، زيت الزيتون، الاجبان...). وكذلك الزنجبيل والكركم، الجوز الملكي وغيرها. وممارسة الرياضة الذهنية والجسدية، كالقراءة، الكتابة الاطلاع على الاحداث، متابعة الاخبار، المشاركة في الفعاليات الاجتماعية ولقاء الناس، لعب الشطرنج، المشي، والرياضة الخفيفة، وغيرها. هناك علاج اخر قد أظهرت الأبحاث فوائده الكثيرة ، وهو العلاج بالأكسجين المضغوط. HYPER BARIC OXIGEN TREATMENT، الذي يضاعف من دخول الاكسجين الذي هو ينبوع الحياة الى جميع الخلايا العصبية في الدماغ وباقي أعضاء الجسم، لينشطها ويحيها. واليوم كلنا مفعمون بالأمل بان يتكلل هدا الاكتشاف بمزيد من النجاح والتقدم ليساعد في علاج مرضى الزهايمر الذي أرعب الناس لعقود طويلة، واحتار العلماء والأطباء في امره. ** د. رفيق مصالحة اخصائي امراض الدماغ والاعصاب
تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |