أيحق لي لمرةٍ واحدةٍ أن اسافر بعيداً من هنا، حيث لا احدَ يعرفني والتقي بنفسي للمرة الاولى واشاطرها فنجاناً من القهوة وأستلطِفُ استضافتها لي؟!

أيحقُ لي أن اكون بعالم بعيدٍ للحد الذي يأخذني بلا عودة، في مكان اغتربُ فيه؟!

أيحق لي مراعاتي والطبطبةَ على مسامعي واحتضان جسدي المثقل الضعيف؟!

أيحق أن أخطفُ انهياري لأعيده لي؟!

أيحق لي العودة من شتاتي لشتاتِ يقيني المرهف؟!

هل لي حقٌ بإزالة التجاعيد عن لوحتي الحسيهة، ام أن العجز يزيّن حسي ويُجمل أوراقي؟!

هل لنا حقٌ في زمن الأنا ان نستثني أرواحنا التي لا تتغير علينا، كما فعل المارون بنا، ام اننا سنبقى حابسين أنفسنا في حجرة السجن المنفرد وكأنّ العقاب دُوِّن لنا؟!

هل لنا حقٌ أن نصرخُ كلماتنا ونخط بها بين السطور حافيين بأحرفنا، عاريين بمشاعرنا، نكتبُ بلا خوفٍ يأخذنا لنقاشٍ وتساؤلات شتى؟!

هو حقٌ لنا وعلينا أن يُسمع صوتُ تخبطاتنا ، وشخبطةُ همساتنا الضائعة ما بين الحضور والغياب.. هو حقٌ لأصرخ لكل العالمين سماع صفارة إنذار لأسجلَ في لائحة المرور مخالفةً لطريق سيري، ويكتبَ إسمي بأوراق دولتنا ويكون لي سجلٌ حافلٌ بالمرور الخاطئ ليرفع إسمي لمحكمةٍ يكون الحاكم فيها انسانًا لا يرحمَ

وعند النطق بالحكم، أقفُ رافعةً رايتي بصوتِ قلمي وترجمة حضوري والدفاع عن أخطائي المتكررةِ، رغم الاعتراف بها إلا أنني استنكر الغضب لأصرخ للمرة الاولى في آذان المستمعين..

لقد كانت لعبتي، حفرتُ حفرةَ المصير بيدي وألقيت بي لأستمتع باللعب بين الرمال، وأبدأ بالحفر غاضبةً لأصل لقاعٍ لا أرى فيه سوى ظلامٍ لا يسكنه نور. فقد كان الذنب ذنبي، حين أدمنت بقاء المتسولين ، المشردين في دياري..

وهنا أنا اليوم استنجد بإعصار الرمال في الطريق، الذي يعيدني لبلادي!!...