بدأنا نكتب، وجاءت الحرب، وبتنا امام عشرات الالاف من شيرين واخواتها وإخوانها وأطفالها ووالديها..صارت كل البلاد شيرين، يلاحقها الموت في كل طريق، وكل بيت، وكل زاوية وكل ركن.

بتنا امام الطفل يوسف صاحب الشعر الكيرلي، الأبيضاني الحلو الذي تبحث عنه والدته في ثلاجات الموتى، وامام الطفلة ريم التي أطلق عليها جدها اسم "روح الروح"، وعاد إلى حيث البيت الذي قصفت فيه ليبحث عن ألعابها لتحفظ شيئا من ذكراها، والطفلة هند التي قتل أفراد عائلتها امام عينيها في سيارة الإسعاف، واستغاثت بالكون، وانهمرت عليها قنابل الدبابات وهي تستغيث..

بتنا أمام اكثر من مئة صحفية وصحفي، مثل شيرين، قت. لوا بقصف الطائرات والدبابات والرصاص وهم يقومون بمهام مهنية كما فعلت شيرين لحظة قت. لها.

في حرب بيروت، عام 1982، غنى المغني إلى الضحايا الراقدين تحت انقاض البيوت المقصوفة في مخيم الفكهاني وغيره من مخيمات اللجوء قائلا: يا من ترقد تحت الأنقاض، لا تذكر اسمك، احمد كل الاسماء، والكل من الفاكهاني...

واليوم نكتب لشيرين التي يمثل مصيرها مصير كل الصحافيين، مصير كل نساء فلسطين، من غزة إلى جنين..

فكل الصحافيين والصحافيات الذين است. شهدوا في غزة، قتلوا مثل شيرين، وهم ينقلون الاخبار.

كل النساء والأطفال والشيوخ الذين است. شهدوا في غزة، قت. لوا مثل شيرين، فلم يحملوا سلاحا، ولم يرشقوا الطائرات والدبابات بحجر. قت. لوا لأنهم فلسطينيون.

لقد باتت شيرين تمثل الاسم المعنوي لفلسطين، فلسطين التي تذ. بح كل يوم وهي في الطريق إلى العمل، او في البيت، او في الحياة. تقتل كي تموت الحياة في الطريق والبيت والحقل، تقت. ل كي تنتهي الحياة في هذه البلاد، وتستبدل بحياة اخرى لاناس آخرين .

لكن ما لا يعرفه هؤلاء هو إن الشعوب لا تنتهي ولا تموت، فهي عشب الارض، العشب الذي تفعل فيه ماكينة الجز ما تفعل، فلا تزيده إلا نموا واخضرارا.

في ذكراك الثانية يا شيرين، نقول لك: في امتدادك يولد الصحافيون، وعلى هدى خطاك يسيرون.

وكما صعدت روح السيد المسيح من قبرها، وانتشرت رسالة نور في الكون، نهضت روحك وفكرتك ووصلت إلى كل إنسان يحمل صفة إنسان في هذا الكون.

محمد ضراغمة

Mohammed Daraghmeh