احمد كيوان: قدرنا ان نواجه هذا الاخطبوط العنصري!

التاريخ : 2019-07-19 10:31:55 |

يبدو ان بلدية العفولة بمناسبة او بدون مناسبة تصرّ على ان تكون متميزة في النهج العنصري. فرئيسها واعضاء المجلس البلدي فيها يعلنونها، وبعظمة اللسان، ان العفولة يهودية ولن يسمح لعربي واحد بان يستملك بيتا فيها.

كل هذا مع ان العفولة اخذت اسمها من القرية العربية التي كانت هناك "الفولة"، والارض حولها لا تتكلم الا "العربي". فاللجون ومرج بني عامر العربي، وعشرات القرى العربية المحيطة بالعفولة "اليهودية"، يستحيل ان يخلق من العفولة بؤرة يهودية خالصة، الا اذا اراد اليهود فيها ان يحوّلوا العفولة الى غيتو يهودي. ويأتي معظم دخل سكان العفولة من العرب الذين يؤمونها ليل نهار، قاصدين محالها التجارية واسواقها ومجمعاتها. ومع كل ذلك تصر البلدية وائتلافها الحاكم على ان العفولة "يهودية"، ولا مكان "للغرباء" فيها. وإمعانا في هذا النهج العنصري الإستعلائي الاستعماري، اتخذت بلدية العفولة قرارا بمنع دخول "الغرباء" الى المتنزه البلدي، والمقصود العرب خاصة، في العطلة الصيفية. وكان امرا طبيعيا ان تثور ثائرة المواطنين العرب في ام الفحم وغيرها من البلدات العربية المجاورة ضد هذا القرار المأخوذ من قواميس الابرتهايد والانغلاق الموغلة في التاريخ.

ودار حديث حول مواجهة هذا الموقف العنصري العدائي، وحول مقاطعة العفولة اقتصاديا من قبل الجماهير العربية. وكان يمكن لهذه الفكرة ان تتبلور وان تصبح سلاحا بيد الجماهير العربية في مواجهة العنصرية والعنصريين. ولتلافي الاضرار في كافة الاتجاهات سارع المستشار القضائي للحكومة الى الاعلان بان قرار بلدية العفولة غير قانوني. كما ان المحكمة المركزية في الناصرة ابطلت هذا القرار بحكم قضائي صدر مطلع هذا الاسبوع، بعد التماس مركز عدالة. ونحن نرحب بهذه القرارات الصادرة عن المستشار القضائي او المحكمة المركزية في الناصرة، لكن هذا لا يعني ان العنصرية في العفولة او غيرها قد هزمت. وهي بكل تأكيد ستطل برأسها بشكل بارز بين الفترة والاخرى، مع انها متواجدة كل الوقت، ولكن ربما من باب اننا تعودنا على ذلك فتراخى احيانا ونسكت في مرات كثيرة.

ولكي يكون عملنا فاعلا، وليس انفعاليا مؤثرا لا محدود التأثير، فان هناك ضرورة ملحة لإقامة جسم عربي قطري لمناهضة العنصرية بكافة اشكالها ومواجهتها بالشكل الملائم، لان العنصريين لا يذهبون وانما يتبدلون ويأتون كل يوم بقناع جديد. وهذا ليس غريبا على المؤسسة الحاكمة في اسرائيل، التي سنّت القوانين ومارست قولا وعملا كل انواع التمييز العنصري والاضطهاد القومي ضد الجماهير العربية، ولا تزال هذه السياسة معمولا بها.

وهنا لا بد ان اشير في هذا الصدد الى ما كتبه الاخ رئيس بلدية ام الفحم، الدكتور سمير صبحي، تحت عنوان "كمنيتس يعد ويتوعد" في عدد "المسار" السابق. والمحامي كمنيتس هذا هو المسؤول عن قانون التنظيم والبناء لعام 2016، وكان للبلدية لقاء معه حول طلب بلدية ام الفحم لتسريع اقرار مخططاتها لإقامة مناطق سكنية بين عين جرار والعرايش، وكذلك منطقة عراق الشباب - رأس الهيش. وينقل رئيس البلدية عن كمنيتس قوله خلال اللقاء: "اذا اردتم ان نتقدم بهذه المخططات فعليكم ان تشددوا الرقابة على البناء غير القانوني في هذه المناطق". ويشير رئيس البلدية الى ان البلدية اقترحت ان يكون هناك مراقب مشترك يمثل لجنة البناء المحلية وادي عارة، وبلدية ام الفحم. لكن كمنيتس قال: "هذا لا يكفي.. نحن من طرفنا سنراقب البناء مباشرة، وانا بنفسي سأشرف واراقب على البناء غير المرخص في هذه المنطقة من مكتبي في القدس"!

ويتوسل رئيس البلدية طالبا من المواطنين ان لا يخالفوا ويقول: "ان اية مخالفة للبناء من شخص واحد فقط!! سيوقف المشروع بكليته". ونحن نتفهم الى حد ما حرص رئيس البلدية على تنفيذ هذه المشاريع، لكن الا يعتقد معي ان هذه الشروط التعجيزية فيها من الشر اكثر مما تعتقد انه خير؟ وان كمنيتس هذا يتصرف وكأنه حاكم عسكري مطلق لا يرى احدا سواه؟ وان شروطه المرفوضة تمثل مسّا بكرامتنا واحتقارا لنا وعنصرية لا مثيل لها؟ فالبناء غير المرخص عند العرب سببه عنصرية السلطة وكمنيتس و احد اذرع هذه السلطة التي عملت لخنق بلداتنا وقرانا وعدم تطورنا. وحين يربط الاخير عدم التقدم في هذه المشروعات بمخالفة واحدة هو افتراء على الحقيقة، لأنه حتى لو كانت هناك مخالفة فان المخالف وحده من يعاقب. وتحذير كمنيتس يأتي كعقاب جماعي، مما يجعلنا نحس برائحة العنصرية تغمره.

كما نرى ان من حق بلدية ام الفحم، وكذلك جميع بلدياتنا ومجالسنا المحلية، ان تعمل من اجل توفير الترخيص بكل طالب ان يعمّر بيتا، وبالوسائل القانونية. لكن ان "تلقيه في البحر مكتوفا وتقول له: اياك اياك ان تبتل بالماء"، فهذا لا يجوز ومرفوض جملة وتفصيلا.

 لذا، فان بلدية ام الفحم مطالَبة بان تتقدم بما تراه مناسبا من اجل مواطنيها لأنها وجدت من اجل ذلك، وعليها ان ترفض املاءات وشروط هذا المسؤول او ذاك. وعندها ستجد جماهير ام الفحم، التي تمرست في النضال وفي انتزاع حقوقها من براثن العنصريين، ولن تخذلها الجماهير. لكن اذا استرخت وخضعت للشروط التعجيزية وللاملاءات التي تخفي وراءها نوايا لا تبشر بخير، فعلى الجميع ان يدركوا ان كفاحنا من اجل الارض والمسكن مقدس، ولا يقل قدسية عن اي قضية كبرى اخرى، فقدرنا ان نواجه هذا الاخطبوط العنصري..!!