كتابة بالفحم المحترق (2).. بقلم: د. أحمد محمود إغباريّة

التاريخ : 2019-10-16 20:57:49 |

سؤالي هو: هل كانت السّلطة لتعثر على مثل هذه التربة الخصبة في كلّ القرى والبلدات العربية؟! هل نجدها مثلًا في قرًى مثل معليا أو فسّوطة؟!
إنّ تغييب البعد الداخلي لمشكلة العنف في الوسط العربي، وهو الخطاب الذي تبنّته القائمة المشتركة مؤخرًا، ما هو إلّا مساهمة مجانية منّا في التستّر عليه وتأجيج من حدّته، لأنّ المجرم الذي يريد أن ينفّذ جريمته يعلم علم اليقين أنّ جريمته ستمرّ مرّ الكرام مثل بقية الجرائم السابقة. ولسببيْن: أولًا تقاعس الشرطة، وثانيًا غياب الرادع الداخلي- وهو ما نتحمّل نحن مسؤوليّته كاملة.
أخشى أنّ تغييب العامل الداخلي للعنف سيقوّي من شوكة الجريمة بدلًا من كسرها وتقويضها. اقتراحي المتواضع، وتزامنًا مع موجة الاحتجاجات المباركة التي نوجّه فيها المسؤوليّة على السلطة الحاكمة؛ علينا أن نضع إصبعنا على الجرح المؤلم ونصارح أنفسنا بالحقيقة المرّة، وهي أنّ جزءًا دخيلًا من ثقافتنا يتيح لمثل هذه الظاهرة في أن تنتشر انتشار النار في الهشيم.
والفرق واضح بين من يقول هذا الكلام الحقّ وهو يريد به باطلًا، مثل الفاشي أردان، وبين من يقول هذا الكلام الحقّ وهو يريد به الخير والصّلاح لمجتمعه ولشعبه.
إذا كانت السلطة مسؤولة عن الأسباب البعيدة للعنف، فنحن، كمجتمع عربي، مسؤولون عن الأسباب المباشرة له، وعلينا أن نتحرّك في هذا الاتجاه ونواجه أنفسنا وذواتنا بما نحن عليه، لأنّ تحصين الجبهة الداخلية سيعطينا زخمًا كبيرًا في التصدّي للتحديات والمؤامرات التي تنسجها السلطة لنا.
أمّا أن ننحي باللائمة على السّلطة وحدها (وهي ليست بريئة في كلّ الأحوال) ونتعامل مع أنفسنا، وكأننا ملائكة مخلوقة من نور، فهذا ضرب من الغواية والتضليل..