كلمات في ذكرى وفاة والدي.. بقلم: عبير تيسير ابو زينة جبارين
التاريخ : 2020-02-27 18:54:52 |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم.. "والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية ويدرؤون بالحسنة السيئة اولئك لهم عقبى الدار" . صدق الله العظيم.
رحم الله امرئ عرف قدر نفسه، فاجتهد في الحياة، وبذل ما استطاع من طاقاته لخدمة اهل بيته ومجتمعه، تألق الى العلى وتواضع في تعامله ،فاكرمه الله في الدنيا والاخره.
اربعون يوماً خلفنا منذ وفاة والدي رحمه الله ، ،وما زال الالم في القلب كبيراً، والدمع في العين سخياً،والعقل لم يعتد بعد فكرة الفراق الابدي.
ويشق عليي ان اتحدث عن والدي بصيغة الماضي وانا ما زلت اراه حاضراً امامي واكاد المس جبهته الشامخة واقبلها.
فاسمحوا لي ان اتحدث اليه امامكم فاقول له:
يا قطعة من الروح ونبض القلب
يا سندي في الحياة ومعلمي
يا فرح الطفولة وصديق الصبا
يا ملهمي ،ومصدر قوتي ، ومدعاة فخري.
ابي الغالي، امنت بالخالق بفكرك وعقلك ،ايقنت ان الله يخلق الانسان في احسن تقويم فحكمة الخلق في العقل وليس في الجسد ،فالله جميل يحب الجمال،وهكذا ،زرعت فينا القوة والارادة للتغلب على عثرات الحياة، وشق سبل العبور فيها بسلام داخلي وايمان مطلق.
فكنت يا ابي لا تكل ولا تتأوه امامنا ،حين ياخذ منك التعب كل ماخذ تكتفي بالقول (تعب كلها الحياة)،وانت باسماً متقبلاً دوماً.
علمتنا يا ابي ان العلم سلاح الحياة فكنت تدفع بنا للتعلم والتميز ،ونذرت نفسك ومالك وصحتك لتعليمنا فنحن مشروع حياتك، ونجاحنا رسالتك.
وقفت الى جانبنا جميعا مشجعا معطاءً،تذلل الصعاب امامنا وحين يصعب علينا امر تقول (لكل حصان كبوة)
فانهضوا بعزم ، ولا ضير عليكم ان اخفقتم تارة ،تعلموا كيف تنهضون اكثر قوة وصلابة.
كم كنت فرحاً فخوراً حين نحضر لك شهادة ، واخرى ، لتزين بها الحائط في بيتنا فتشعر بالرضا وبثمرة تعبك ولسانك حالك يقول: الحمد لله.
كنت السباق من ابناء جيلك في دعم الفتاة نحو التعليم،وآمنت ان الفتاة هي كل المجتمع، فاذا صلُحت صلح . فاغدقت علينا حبك وحنانك ،كنت الداعم بصدق، والناصح بلين ،وكنت تقول لنا: (كوني مثال الفتاة الحرة الجريئة العفيفة لتصلي اعلى مراتب العلم)،
فجمال الفتاة ليس بثوب يزينها انما الجمال جمال العلم والادب .
واكبت العصر في التعلم والتطور فحظيت بصداقة احفادك ومشاركتهم افراحهم ونجاحاتهم، وتشجيعهم على العلم والفضيله، فاحبوك كجد وكصديق ،وتعلموا منك الصبر والتحدي وتقبل الآخر.
زرعت فينا التقوى في حب العمل وروح العطاء للمجتمع ومحبة الناس فتقول لنا: محبة الناس نعمة ورحمة. عملت بإخلاص وتفان، فإن الله يحب ان عمل احدكم عملاً ان يتقنه .
بذلت وقتك وطاقاتك لمن احتاج مساعدتك، كان بيتنا مفتوحاً لكل ضيف او سائل وكانت يدك معطاءة ما استطعت بالخير .
العائلة هي اغلى ما تملك ،فربيتنا على قيم الاخوة وصلة الرحم وذوي القربى. كان الخلاف مشروعاً والنقاش مرغوباً والمشورة بيننا واجب ،فالمحبة حبال الوصل .
فكنت نعم الاب ونعم الاخ وكنت نعم الخال ونعم العم وكنت نعم الجد ونعم الجار. حظيت بمودة كل من حولك ومسرة الجميع بلقائك ومسامرتك.
وكنت لأمي الرفيق والحبيب والصاحب،
وهي لك ياسمينة قلبك ،خير معين وخير شريك في درب الحياة المزهر رغم كل ما تعصف به الايام.
فيا ابي ليس كمثلك اباء
تزدان بحكمة وصبر واباء
يا اسطورة يتناقلها الاحفاد
ويرويهاا لهم الابناء
سنذكرك كجبل اسكندر
يلوح من كل الانحاء
كشجر الزيتون في بلادي
كريما بعطي بسخاء
تطل علينا حين يزهر اللوز
باسما كطفل بحياء
وستعيش ذكراك في قلوبنا
كالربيع يانعة خضراء
ستبقى رمز الفخر لنا
وتبقى نبراس الشرفاء
واظل اذكرك في سجودي
فبين يدي الله العزاء
فارقد يا ابي بين يدي الخالق ،فالله ارحم بعباده من انفسهم.
وسأدعو لك في سجودي كما طلبت مني :ربي اغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين.
طيّب الله ذكراك وفاح بالمسك ثراك، ،ولترتاح روحك، وليتغمدك الله برحمته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*** ملاحظة: القيت الكلمة في حفل افتتاح مختبر علمي بمدرسة اسكندر في ام الفحم على روح المربي المرحوم تيسير ابو زينة جبارين.