ان ما نراه من سرعة في الحدث ليس اسرع من فتح كاميرا التلفون المحمول بسرعة البرق المتاح للجميع. وعلى رأي ستي: "البساس حاملات بلفون"!

وما عليك الا ان تأخذ لك تصويرة للفيس او للموقع في عنكبوت النت الغريب، وكأن جنيا يستخدمه بقوة عظمى حتى يصل الى كل زاوية.

في حادث طرق، في حادث عنف، في الاعراس، وحتى في الجنازات، نرى المحمول مفتوحًا ويعمل على البث الحي المباشر!

لحظة من فضلك.. اخلاقنا اسمى من وضع الامور في مكيالها العميق، وهي الستر من فضيحة او خبر مشؤوم او منظر مخجل او رؤيا مكسورة الخاطر. والسبب ان نستبق للتصوير والنشر، ناهيك عن ان الخبر ومثله الصورة ينتشران بسرعة النار في الهشيم.

عذرًا صديقي.. هل فكرت ان تكون مكان الحدث في الخبر العاجل، والف واحد يصورك وانت ملقى على الارض. والاسوأ ان صورك شاهدها الكل الا انت، الن يقلقك الامر؟ ام ان انه يجب ان يأخذ الستر في السرية؟ اليس للإنسان حرمة ؟ ام هي مسألة سبق ليس الا؟ ثم هل اصبح كل منا صحفيا ومراسلا ميدانيا بمجرد ان حمل هاتفه الجوال واخذ يصور ما شاء له من مواقع واماكن، حتى لو كانت جثة هامدة ملقاة امامه جراء جريمة قتل نكراء او حادث طرق مروع؟

لك ان تسابق في محمولك في تصوير اهلك، في فرح او رحلة او ذكرى.

نعم، التلفون المحمول له حسنات كما السيئات، فلا تكن انسانا يصدّر الالم ويبعث الحزن في نفوس الآخرين، بل كن انسانا طيب القلب، مساعدا ومواسيا في موقع الحدث، أيًا كان.

لا ان تسارع الى فتح عدسة هاتفك لتبث ما تراه عيناك من مشاهد مؤلمة، حتى قبل ان يعلم اهل القتيل او الضحية بالحقيقة الفاجعة لما جرى له.

واجبك ان تقدم ما يمكنك من مساعدة ونجدة، والا فلا تخرج هاتفك المحمول بهذه السرعة الجنونية الخيالية من جيبك، وتسارع بالتقاط المشاهد المؤلمة اولا بأول.. دع ذلك لأهل الاختصاص من الصحفيين المعتمدين، ولا تجعل نفسك واحدا منهم بقدرة قادر، ولا تتسرع في نقل الصور على جوالك او صفحتك على مواقع التواصل ومجموعات الواتس اب، وغيرها من مواقع الشبكة العنكبوتية، لا لشيء الا لكي تتباهى امام الناس واصحابك انك كنت اول من بثّ الصور والمشاهد المؤلمة والحزينة من موقع الحدث.

واعلم اخيرا ان الله تعالى امرنا بالستر، فلا تك انسانا يقلد الآخرين كالأعمى، ان سار بالليل او النهار فاللون واحد وهو السواد الحالك..!!