www.almasar.co.il
 
 

ماركة المكياج والعناية الفاخرة إستي لاودر توسّع سلسلة Advanced Night Repair الشهيرة‎

باعتبارهم روادًا في مجال إصلاح البشرة ليلاً، كان خبراء استي لاودر من...

في اليوم الـ83 من العدوان: عشرات الشهداء والجرحى في سلسلة غارات على القطاع

ستشهد عشرات المواطنين بينهم صحفيان، وأصيب آخرون بجروح، منذ صباح...

في اليوم الـ42 من العدوان: عشرات الشهداء والجرحى في سلسلة غارات إسرائيلية على مناطق متفرقة بالقطاع

استشهد وأصيب عشرات المواطنين، اليوم الجمعة، جراء سلسلة غارات نفذها...

لينا ابو مخ/ الزواج المبكر بين القانون والمجتمع

اعتبرت المرأة في طور أول من تاريخها، أما في المقام الاول، اي تلك التي...

منحة 23 ألف شيقل عند بلوغ سن 21 هدية من الدولة

علم مراسل موقع وصحيفة "المسار" انه بتداء من شهر كانون الثاني 2017 ستقوم...

عطر 2020 من Montblanc للرجال

تقدم دار العطور الفرنسية Montblanc عطر Legend Eau de Parfum، وهو إصدار أقوى وأكثر...
  هل تعتقد ان الحكومة الجديدة ستساعد في الحد من جرائم العنف في المجتمع العربي؟

نعم

لا

لا رأي لي

ام الفحم 22-32
الناصرة 31-20
بئر السبع 33-21
رامالله 32-22
عكا 29-23
يافا تل ابيب 29-24
القدس 32-18
حيفا 31-23

سلسلة خليني احكيلكم ...بقلم: د. سارة جبارين

التاريخ : 2023-04-12 13:48:45 |



 "حي الميدان العريق" ، المكان مدينة ام الفحم، سنوات الثمانينات- عقد  1980

تنساب الذكريات إلى خبايا الأيام ويقودني الحنين إلى حي الميدان العتيق ذو الطابع الأصيل والأبنية عشوائية الشكل، بسيطة في البناء ولكنها عظيمة في الأثر لما تحتويه من حنان ودفء ومشاعر حب جياشة. 

لا زال الحي يقف شامخاً، سرت بأزقته، وقد تغيّرت جميع معالمه، كنت تائه غريبة عنه، اسير دون دليل، لم أعثر على الكثير ممن عرفتهم قديما، لم يتبقى فى الحى سوى أزقته القديمة على هيئتها البدائية الأولية ،شاهدة على حياة وذكريات مع كثير من الجيران والأحباب .

أفتح أجندة الذكريات وأتجول بطرقات طفولتي، لأشم زوايا الحي الذي يعبق بقصص الحنين ورائحة المقاهي ومطاعم الحمص والفول ، واصوات الباعة المتجولين ومحطة التكسيات خط جنين والخضيرة، وزمجرة زامور الشاحنات والباصات،وأزمة السير المتكررة يوميا ، حيث شكل هذا الحي  الشريان الرئيسي للبلدة، وفتح صندوق الأسرار لحكايا العشق المزينة بخشوع العاشقين المارين بالحي وأساطير المساء .

في مطلع ذلك الحي وفوق شجرة التوت الكبيرة المحاذية لبيت عمي ابو البديع تستيقظ الحمائم، وطيور السنونو وعصافير الدويري صباحًا لتعزف الترانيم الهادئة، منذرةً ببدء يوم جديد صاخب مفعم بكل الحيوية والنشاط.

بنظرة شموخ الى هذه الضوضاء وصخب الحي وأزقته الضيقة جدًا والمتقاربة فيما بينها حاملة معها الكثير من الذكريات والحب والتآلف مع الشعور بالطمأنينة والأمان بين الجدران المتراصة والقلوب المجتمعة.

حينا العتيق، وثق الكثير من الحكايا الأثيرة و العلاقات الصادقة بين سكان الحي والمارين والزائرين حيث حافظ على حرمة العادات والتقاليد التي تربينا عليها، كما أنه عزز الكثير من القيم الإنسانية المفقودة في وقتنا الحاضر، مد يد العون ومساعدة  المحتاجين والمساكين، ومشاركة الجار لجاره في الأحزان والأفراح، ومن المكارم العظيمة تبجيل الكبار في السن والاصغاء الى إرشاداتهم والتعلم من حكمتهم وتجاربهم الحياتية.

هذا الحي بُني  بهمة أهله، فكل زاوية تحكي قصة تعب وفرح وألم وتجاوز الكثير من التفاصيل لأجل الحصول على حياة كريمة.

في الحي  تقطن عدة عائلات ،باتت العاده  ان تسمى كل عائلة  بكنية " دار ابو فلان…" مثل دار أبو الحصري،  دار أبو صبّاح  ، دار ابو هيكل، ،دار أبو جُعو ،دار ابو فاعور ودار الجّمال ، دار ابو عابدين، دار أبو العسلية ، ودار أبو حْويش والكثير من العائلات الأخرى….حيث سميت تحت مسى العائلة الكبيرة "الإغبارية".   

لكل عائلة حكاية، وكل فرد فيها له قصته معتقداً أنها في جعبة أسراره، فإذا تغلغلت بداخل الحي  تشعر وكأنه بيت واحد،فأهل الحي يعيشون معظم تفاصيل يومهم معًا، 
وخاصةً النساء مجتمعات عند احدى الجارات على فنجان قهوة صباحي والنقاش اليومي حول تكلفة المعيشة ومستلزمات البيت الاساسية والفكاهة والقليل من النميمة البيضاء وحوار بنّاء حول نوع الطبخة التي ستحضرها كل واحدة منهن.

أما الرجال فتجدهم يجتمعون في مقاهي الحي صباحًا ومساءاً بعد عودتهم من العمل وفي آخر أيام الأسبوع ، وأخص بالذكر
مقهى أبي عيسى وعمي توفيق حسين حصري ،الذي لا زال يقف شامخا فارغاً في مركز الحي ، يضج بأرواح الراحلين. فتراهم  يستمعون الى الراديو القديم للأخبار المحلية ولأخبار الدول المجاورة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية بالذات أغاني عبد الوهاب ووديع الصافي وأم كلثوم، وكانوا يحتسون بعضاً من المشروبات الساخنة كالشاي والقهوة العربية والإسبرسو والهافوخ ( قهوة مع حليب)، وعلى الطاولات المعتقة بنية اللون يلعبون الشيش بيش والشّدة(الورق)، وكانت غيمة من الدخان تعتلي المكان من سجائر الرجال .
وفي لحظة الذروة خلال اللعب بين فائز وخاسر تضج وتصخب الأصوات فرحًا تارة، وإعتراضاً على النتيجة تارة أخرى، ومن الممكن أن يقود ذلك إلى مشاجرة إعتاد على سماعها أهل الحي كل يوم، وفي نهاية المطاف كان الخاسر من العدل أن يدفع ثمن جميع المشروبات لكل من شاركه اللعب بكل حبٍ ورضى.

كان حي الميدان ينبض بروح التجارة حيث تنتشر به الصناعات التقليدية المحلية القديمة والحرف البسيطة والمطاعم الشعبية، والمكاتب والبنوك التي تحاكي روح الماضي وذاكرة المكان. 

ومن أهم هذه المطاعم  مطعم "عوض للحمص والفول "، كان السيد عوض رجل مكتنز مفتول العضلات، أصلع يتوسط وجهة شارب اسود مبروم يوحي بهيبته ووقاره، كان خفيف الظل، ماهر ، صاحب حرفة منقولة عن أجداده ، لطالما ترددت في طفولتي الى هذا المطعم لشراء الحمص، باتت العادة إحضار  كَشنيّة فارغة(صحن زجاجي) من البيت، حيث كانت أمي تحتفظ بعدة صحون كبيرة من ماركة النعمان الصيني الفاخر المشهور آنذاك مخصصة لهذا الغرض، كان السيد عوض يحضّر صحن الحمص بطريقة مميزة وبإبداع تام كأنه يرسم لوحة فنية،
بدايةً بدهن الحمص كطبقة أولى ،ثم يتوسطه حب الحمص وحب الفول بني اللون
ويزينة بالشطة وقليل من عصير الليمون والبقدونس المفروم، كان هذا الطبق الأساسي لفطور يوم الجمعة والسبت وخاصةً أن كل العائلة مجتمعة. ومن ضمن قائمة الأطباق الشعبية، صحن المْسَبَحة والمشوشة وفتة الحمص وحمص باللحم المفروم .

وعلى مد الشارع تقع دكانة العم صبحي الخليل، ومحل زكي الكرمل للأحذية ومحل أبو علي الصباح للأقمشة ،ومحل أبو جِعب للأدوات المنزلية ودكان أبو عابدين للألبسة 
ومحل وصال الحُلو للدجاج ومكتبة الغفاري ودكان شفيق القحاوش لتجارة الدخان .

ولي وقفة خاصة عند دكان السيدة "بهية ألرِدِن " العريق، كان هذا الدكان من أهم المحلات واكثرها ضجة بالحي، فتجد نساء البلدة محتشدات في الصباحات الباكرة في الدكان يتداولن أطراف الحديث بشتى الأمور الحياتية كاسرات ملل الإنتظار  لإشارة من اصحاب التكاسي عندما يحين الوقت وتمتلئ المقاعد للإنطلاق للسفر إلى جنين  ومدينة الخضيرة  ، كانت جدتي خديجه من الزائرات الدائمات للدكان ومن ضمن النسوة التي سافرن الى مدينة الخضيرة لتلقي العلاج وشراء المستلزمات للبيت وأحياناً كنت أرافقها للعون وأجلس بهدوء في الدكان أراقب الأحداث بعيّني طفلة بريئة، ومن أشهر سائقي التكاسي السيد مصباح الفالح ونايف أبو البصل٠
كان الدكان ضيق جدا ومساحته صغيرة  لكنه أٓلّف بين القلوب وحوى هموم أهل البلدة ، فهذا الدكان لبّى مستلزمات البيوت اليومية مع الكثير من الصبر والرأفة لسداد الديون المستحقة في وقت لاحق . 
فأذكر دفتر الدين الذي كانت تملكه السيدة بهية ذو الغلاف البني ، حيث أكل عليه الدهر وشرب من كثرة الإستعمال، فكانت أوراقه مهترأه باهتة اللون عليه الكثير من البقع ، كان بمثابة مرآة تعكس هموم الناس وأسرار بيوتهم. 

كان الدكان يبيع كل ما يخطر بالبال من ملابس، شراشف ،أدوات منزلية، وبالذات أطقم الشاي الشهيره المصنوعة من الخزف الصيني الملون المحفوظ داخل صناديق من الكلكر الأبيض ، فكانت هذه الأطقم من أشهر الهدايا التي كانت متبادلة آنذاك، وأدوات التنظيف، السكاكر وشوكولاطة السلفانا الشهيره والفواكه والخضراوات وكل ما لذ وطاب.

وفي الحي يقبع محمص أبو سليم ومحمص سعيد لِمروِح ، فما زالت رائحة البذورات والقهوه العربية السوداء المحمصة مع الهيل تدغدغ ذاكرة المساءات ولمّة العائلة حيث إعتاد ابي شراء كل ما لذ وطاب عند عودته من العمل.

وغالبًا ما يكون الحي مليئ بالباعة الجوالة ومن اشهرهم أبناء الحج شبعان من غزة وأبو المصفط من مدينة جنين حيث إشتهروا ببضاعتهم ذات الجوده العالية مثل سجاد الصوف والملابس المصنوعة من القطن المصري والأدوات المنزلية .

 وبائع الچِِرمِش( أعواد هشة مصنوعة من بياض البيض والسكر مصبوغة بألوان الطيف) من قرية عنين ، فكان يتميز بدمايتة البيضاء ويزين رأسه بالحطة والعقال، كان هزيل البنية ذو لحية بيضاء  طويلة ، يحمل صندوق خشبي قديم ذو حمالات عريضة يحوي على سكاكر الچرمش والأبو طافش الأحمر  اللون المصقول بهيأة ديك ، ومن أهم مميزات هؤلاء الباعة لطفهم بالتعامل وشعورهم بالإنتماء لأهل البلده .

وفي بلدتنا الحبيبة بحي الميدان…. وقفت شامخة معصرة الزيتون القديمة بإدارة مفتي الديار الشيخ توفيق العسلية واولاده،
فكانت مواسم قطف الزيتون عابقة بالحياة
 والألفة والنخوة، فلا بد من إسترجاع
الذكريات الجميلة والضحكات العابرة.

جسدت المعصرة طقوس وعادات اجتماعية باتت من تراثنا الشعبي حيث نُسجت حكايات جمة حول موسم الزيتون بحلول فصل الخريف في تشرين ،  وسط أجواء قروية مليئة بالفرح. 
كانت الطريقة التقليدية إستعمال  أحجار المعصرة (حجر البد)بصلابتها ودورانها حيث تستقطب الفلاحين والأهالي كباراً وصغاراً، في مشهد ينبض بالروح والحياة والأمل ، بعيداً عن التحديات المعيشية الأليمة.
كانت المعصرة تؤمن محصول وموؤنة الشتاء لأهل البلدة والقرى المحيطة، فكان الزيت يخزن بتنكات من الألمنيوم أو بخوابي الفخار.
كنا أطفال ننتظر في طابور طويل لساعات نحمل خبز لِكماج من أجل غمسة بالزيت الطازج والاستمتاع بطعمه الطيب ونكهته اللاذعة فكان يتميز بلونة الاخضر القاتم المعكور ورائحته الشهية التي تعبق بالروح وتحييه من جديد.

ومن الأمثال الشعبية عن "حجر البد " التي إستعملتها أمهاتنا عندما كن يستشطن غضباً من أفعالنا الصبيانية وعنادنا المتكرر بالرفض وقول " ما بدي أو بديش أي لا أريد " فكن يقصفن الجبهه بالمثل الشعبي  بمعناه  المجازي عن ظهر قلب وأكيد من غير قصد " بد إلي يبدّك" ، لطالما لم أفهم ما يعنيه هذا المثل إلا في وقت لاحق، فتحية إجلال لأمهاتنا الصابرات الكادحات.
عادات اختفت منذ زمن وباتت المعاصر تكنولوجية ، صارمة، تستقبل الزوار لحجز الادوار  عن بعد والقدوم لنقل الزيت فقط.

يقف في طرف الحي مبنى  "نادي أبو العفو" نادي الحزب الشيوعي ، سُمي نسبة إلى مُشيده ومؤسسه عمي محمود حصري ، فهذا النادي الوطني، التثقيفي والتربوي الذي احتضننا منذ نعومة اضافرنا ، زرع فينا القيم الإنسانية والتربوية الأساسية ، باتت العادة ان نلتقي في النادي من كل يوم خميس في ساعات ما بعد الظهيره، مقسمين الى مجموعتين، مجموعة الأشبال لاطفال دون سن الثانية عشرة، ومجموعة الشبيبة للافراد الاكبر سناً.
كان يوم الخميس بالنسبة لنا هو يوم عيد، ففي هذا اليوم نلتقي بجميع الاصدقاء من كافة البلدة مجتمعين بدايةً بالكادر السياسي وحتلنة الأخبار والمستجدات الاسبوعية ومن ثم الكادر التنظيمي الذي من خلالة سُقلت شخصياتنا ومواهبنا ووطنيتنا ونظرتنا للحياة بشكل ايجابي وزرع القيم الأساسية لحب الإنسانية وتقبل الأخر وحب التطوع والسعي قدما من اجل بث الحب والألفة في كل مكان.
ومن ضمن البرامج المطروحة ، تعلم الكثير من المهارات وتعزيز المواهب في الغناء في جوقة النادي وخاصة أغاني مارسيل خليفه وأحمد قعبور  وتعليم المسرح والرقص الشعبي وفرق الدبكه الشعبية والرياضه والرسم والشطرنج والدامكة ، والكثير من المعلومات العامة في التاريخ والجغرافيا والأمثال الشعبيه.
ومن ضمن الفعاليات المحببه والراسخة في ذاكرتي الجولات والرحلات والمخيمات الصيفية والاشتراك في المهرجانات التطوعية واللقاءات المتبادلة بين الاشبال والشبيبة من كافة القرى والمدن 
العربية في البلاد حيث تخللت التعارف على اشخاص جدد وعلى عائلاتهم والمبيت في بيوتهم مع الشعور بالحب والأمن والأمان التام.
ولا أنسى "نادي الصداقة " بإدارة العم أبو سامي الشريدي، حيث كنا ننتظر الفيلم الاسبوعي على الشاشة الكبيرة ، من ضمنها أفلام وثائقية وتربويه من حضارات مختلفة وأفلام كرتون هادفة ، تعزز القيم الإنسانية .

ومن أبرز الأبنية بالحي كانت "عيادة الدكتور عفو حصري " ، العياده ذات الطابع الإنساني التي كانت تشكل جزء من بيته، عمل الطبيب عفو على مساعدة ومعالجة اهل البلدة كافة وخاصة كبار السن والمحتاجين دون مقابل أو بأجر زهيد، فهذا العمل الإنساني فرضته الظروف الحياتية الصعبة وحق العشره لأهل البلد، وباتت هذه العادة متبعة جيلاً بعد جيل.
كان الدكتور عفو أيقونة للنزاهة والإنسانية أولاً والطبيب ثانياً،  كانت مهمته بالغة ودوره كبير للحفاظ على حياة الناس التي كانت بين يديي الله ومن ثم بين يديه ، كانت عيادته بمثابة الأمل لعلاج أهل البلدة وتخفيف أوجاعهم وتقديم العلاج في الحالات الطارئة في ظل ظروف صعبة في تلك الحقبة لعدم وجود عيادات أخرى وقلة وسائل النقل، حيث كان يضطر أهل البلدة للسفر إلى مدينة الخضيرة التي تبعد ما يقارب الثلاثون كم .

فرحلته بدأت منذ الصغر حيث تمنى أن يصبح طبيبا ودرس لسنوات طوال حتى حصل على ذلك اللقب، وبدأ أهم رحلة في حياته وهي قناعته بأن مهنة الطب هي رسالة إنسانية تبدأ برحلة شفاء المرضى وتقديم العلاجات والدواء المناسب لهم. 
تفانيه في العمل يدل على شخصيته الرائعة التي من الصعب أن تتكرر في هذا الزمان.

اذكر ذات يوم شهدت البلدة تجمع جماهيري لم تراه المنطقة من قبل، تعالت الهتافات و الصيحات الجماهرية تندد بالشعارات على أثر قرار حكومي لا أعرف فحواه ،حيث كنت صغيرة بالسن ولم أدرك ما يدور حولي، وإذ بحشود من الأهالي يتراكضون نحو العيادة يصرخون ويستنجدون بعد الإعتداء عليهم لطلب المساعدة ، كانت عيونهم حمراء تدمع بشده ويعانون صعوبه بالتنفس ، ورأيت أمي ونساء العمومه يهرعن حاملات 
صناديق البصل المقطع ويوزعنه على المصابين من أثر القنابل المسيلة للدموع كعلاج أولي لتخفيف العوارض إستجابة الى إرشادات الدكتور عفو  حتى يتسنى له تقديم العلاج لأكبر عدد ممكن من المصابين.
كانت العيادة تعج بالمرضى في النهار وفي الليل حيث كان الدكتور عفو حاضر في كل ساعة وحتى في وقته الخاص لتقديم الخدمات الطبية لأهل البلدة، فلم يرد مريضا خائبا لأي سبب كان. 
لطالما احبه أهل البلده ووجهوا اليه عبارات الشكر والتقدير على دوره الكبير بإنقاذ حياة الناس ومؤمنين بدماثة أخلاقه  ونبل عمله الإنساني.

كانت الحياة في هذا الحي تنعم بالهدوء ما تكاد تغيب الشمس إلا وقد أوى كل واحد إلى منزله، مجتمعين كعائلة ، يتسامرون بليالي باسمة مفعمة بزهو الحب  الصادق 
الى أن يطغى عليهم شعور النعاس، وتطفأ قناديل البيوت حتى إنبثاق فجر جديد.

وها نحن نودع أياما مكدسة بالحنين نبتت على جدران الذاكرة، تمر السنين، والأعوام، ويمضي بنا الزمان من خلال دروب الصبا سائلين متى نعود ثانية رافعين الأمل شعارا لنا.
ويبقى حي الميدان ملجأ ورمز حقيقي لكل معاني الإنسانية التي فقدناها في وقتنا الحالي بسبب ضجيج وصخب الحياة وإنتشار المظاهر الزائفة …ليبقى ذكرى تُكتب على سطور وصورٌ حفظناها في عيوننا، وحنين عظيم نحبسه داخلنا.


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0

اضافة تعليق

الاسم الشخصي *

 

المنطقة / البلدة

البريد الالكتروني

 

عنوان التعليق *

 

التعليق *

 


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0
الصفحة الاولى | الاعلان في الموقع | اتصلوا بنا |                                                                                                                                                                                               Powered By ARASTAR