نعم اختلط الحابل بالنّابل أمام هذا الفيض من الإطراء الفيسبوكيّ الأجوف الذي صار مصنعا لا متناهيا لتوليد "شعراء وكتّاب" وتهيئة منصّات كاذبة لطائفة تطفّلت على فضاء الكتابة البهيّ الأصيل، فاجتاحته واكتسحته....

نحن في زمن الكذب والنّفاق، وكيف لا يكون ذلك وأمّة "اقرأ" لا تقرأ؟ إنّها تقرأ في الفنجان ليخبرها عمّا يخبّئه الغيب بدل أن تصنع غدها بعزمها وإرادتها، إنّها تلفّ التّرمس بأوراق كتب تزدان بجميل الشّعر والقصّة، فلا مجال عندها لقراءته والمعظم مهووس بمستجدّات الموضة غاطس حتّى أذنيه بجنون مظاهر برّاقة وفشخرات فارغة تغلغلت فينا وسكنت نخاعنا...انحدرنا إلى القاع حتّى امتلأ وسفاسف الأمور تجرفنا في غفلة منّا.

فهل لي أن أحلم بزمن يعود فبه للكتاب رونقه وبهاؤه؟ زمن ننشغل فيه بالبحث في المكتبات والمواقع عن كتاب جميل مثلما نحرق نهاراتنا ونحن نبحث عن الحقائب والأحذية وصرخات الموضة؟ ثمّ هل لي أن أحلم في حالة تخرج فيها العائلة إلى معارض الكتب والمكتبات كما يخرجون لحفلات الشّواء وأطايب المأكولات؟ هل لي أن أحلم بزمن يُعيد للكاتب الحقيقيّ مكانته ورغبته في أن يكتب عندما يجد من يقرؤه وبحبّ؟ أعرف أنّ هناك من يفعل ذلك ولكنّهم قلّة تكاد لا تُذكر أو تشغل حيّزا...لا أرى ضوءا مُغريا في نهاية النّفق، ومع ذلك فالحلم أيضا جميل...جميل حقّا...!!