في هذا اليوم العالمي لحقوق الانسان يتعاظم الوعي بالتحديات التي يواجها الفلسطينيون: يمثل الفلسطينيون المقيمون في غزة، الضفة الغربية واراضي الـ48 كما والشتات نموذجا حيا للتحديات التي يواجها الانسان في مواجهة الاحتلال وانتهاكات حقوقه.

في هذا اليوم العالمي لحقوق الانسان يتعاظم الوعي بالتحديات التي يواجها الفلسطينيون: الواقع الحالي يكشف عن حجم الصراع الذي يواجه الفلسطينيون، فغزة تعاني من حروب متكررة وحصار مستمر والضفة الغربية تشهد استيطانا وانتهاكات يومية. بينما يستمر الفلسطينيون في أراضي الـ 48 يواجهون تحديات انتهاكات حقوقهم الأساسية في ظل قوانين تمييزية تقتلع منهم حقوقهم الأساسية كما وتحديات الهوية والحقوق في وطنهم المقسم.

وفي قلب الحديث عن حقوق الانسان في فلسطين يتعين علينا ان نلقي نظرة عن كثب على واقع الفلسطينيين المشردين والمتنقلين في الشتات الفلسطينيون اللذين تركوا اوطانهم نتيجة للنكبة والاحتلال ويعيشون تفاصيل حياة أليمة، والذين يعيشون اليوم في مختلف دول العالم وتمثل قضيتهم جزء لا يتجزأ من مشهد الصراع الفلسطيني.

وفي هذا السياق يأتي دور المجتمع الدولي لدعم حقوق الانسان وتحقيق العدالة والسؤال الذي يطرح نفسه اين نحن من حقوق الانسان في اليوم المخصص له في ظل الوضع الراهن الذي يشهده العالم، يظهر القضاء على غزة كجريمة بشعة يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين. حيث يشهد القطاع هجوما كاسحا يتسبب في عمليات اخلاء وتهجير وقتل المدنيين بشكل همجي من خلال القصف الجوي.

يواجه العالم هذه المأساة الإنسانية التي اسفرت عن عشرات الاف القتلى، ويسود الصمت الدولي، الذي يتسبب في تفاقم الوضع ويثير التساؤلات حول مدى استمرار هذا الصمت في ظل تزايد عدد الضحايا.

احداث غزه الأخيرة اثارت تساؤلات حول حقوق الانسان والعدالة، خاصة بعد تدمير غزه الكامل وعدم وقوف المجتمع الدولي بشكل واضح مع قضية حقوق الانسان والعدالة على الرغم من قرارات الأمم المتحدة، مثل القرار 194 الذي يدعو لعودة اللاجئين والقرار 242 الداعي لانسحاب إسرائيل من الاراضي

الاستياء يزداد عندما يظهر التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية، حيث تطالب دول العالم بوقف إطلاق النار دون التصدي او التعامل بحزم مع انتهاكات حقوق الانسان والدمار الشامل الذي حل بغزة.

وفي هذا السياق يتعاظم دور المؤسسات الدولية لحقوق الانسان في القاء الضوء على هذه الانتهاكات وتسليط الضوء على الحاجة الى موقف قوي من الدول العربية.

ومن المهم التركيز على موقف العرب في الدول العربية فموقف العرب الرسمي يلعب دورا حيويا في قضية حقوق الانسان للفلسطينيين، دورهم في الاهتمام والتضامن مع الفلسطينيين يعد ضروريا للتأثير في المشهد الدولي ودفع العالم الى التصدي للانتهاكات.

واما داخل أراضي ال 48 قلب التحدي، تظهر اختلافات واقعية واضحة في إسرائيل حيث يسود نظام ديمقراطي لليهود بنسبة 100% في حين يعاني العرب الفلسطينيون في أراضي ال 48 من نظام ديمقراطي اسميا عمليا للعرب، مع تفاقم التمييز العنصري الابرتهايد.

وفي ظل الحروب يشهد الفلسطينيون في أراضي الـ 48 تحديات متزايدة، يظهر قانون الطوارئ في إسرائيل تجسيد لسياسة القهر والاستبداد والظلم والاضطهاد الذي ينعكس على حياتهم كأفراد وكمجتمع، يظهر كألية تعزز القمع وانتهاك حقوق الانسان، سياسة تهديد تقوم على حرمانهم من حقوقهم الأساسية والتحكم في وسائل الاعلام من اجل قمع صوتهم. وتتجلى قسوة هذا القانون بتجريد مؤلما لإنسانيتهم حيث يتم تجاوز حقوقهم الأساسية ويعاملوننا ككائنات دون حقوق، يفرض عليهم الصمت وتغمض عيونهم امام الظلم الذي يمارس ضدهم. هكذا يعيق قانون الطوارئ انسانيتهم ويحولهم الى افراد خارجين عن إطار الحقوق والحريات.

يستخدم هذا القانون كسيف حاد يهدد بتقييد حرياتنا حيث يفتح الباب امام التمييز والاعتقال التعسفي من خلال هذا السيف القانوني الذي يستخدم ضدهم، فالقوى الأمنية تملك صلاحيات واسعة تحت هذا القانون مما يعكس الوجه القاسي للسلطة وتجاوزها للأخلاقيات الإنسانية.

هذا القانون الذي يلقي بظلاله الثقيلة على العرب والذي يشوه الحقوق الأساسية للإنسان وينعكس بشكل خاص على حقوق الانسان للعرب بحيث يشكل تحديا لحقوقهم وحرياتهم والذي بمثابة فرض عقوبات جماعيه عليهم ويجعلهم أهدافا سهلة للظلم.

ويستخدم هذا القانون لتجريد الناس من انسانيتهم مما يعزز التمييز ويجعلهم يعيشون في حالة من العزلة والقهر انعدام الأمان والحريات. ما يجعلني أتساءل: كيف يطلب منهم الصمت واغماض عيونهم عن الظلم؟

ان سياسية كم الافواه تجاههم تحوّل شعورهم تجاه إخوانهم في غزه الى صمت مؤلم. يقولون هذه ليست مجرد حروب، بل تحولات انسانية تستدعي تحدي الصمت، مطالبين بضرورة حماية حقوق الانسان في ظل الطوارئ بغض النظر عن الظروف الاستثنائية. ضد أي إساءة استخدام للسلطات لهذه القوانين، معلنين تمسكهم بالقيم الإنسانية، رافض ان يكونوا جزءا من الكم الهائل من الافواه التي تتحاشى الحقيقة ومن اجل وضع حدا لسياسة الصمت بوجه الظلم والسعي للعدالة والتضامن وحقوق الانسان في كل زمان ومكان.

وفي الختام أقول: ليس اليوم العالمي لحقوق الانسان مناسبة للتذكير بانتهاكات حقوق الانسان في فلسطين وغيرها فحسب، بل هو مناسبة للتحرك الجماعي نحو تحقيق العدالة من قبل الافراد والمجتمع الدولي في كل زمان ومكان

** الكاتبة سهاد كبها هي مديرة مؤسسة تنويرحيفا