لو كانت الأيام عادية كان مثل هذا الحدث ليحتل عناوين الصحف وتفتتح به كل نشرة اخبارية، لكن لسنا في أيام عادية لذلك لم نسمع عما حدث. فمجرد التفكير في امكانية عزل القاضي كبوب يثبت مدى سيطرة اليمين وعملهم الدؤوب من أجل السيطرة على المحكمة العليا، لتنفيذ الانقلاب القضائي بطريقة مختلفة عما كانت عليه.

وتم تبرير أسباب المطالبة بإقالة القاضي بأنه حضر حفل افتتاح مكاتب المحاماة لابنه وابنته وتم التقاط له صور هناك، وعلقت صورة له في المكتب التابع لهم. وبحسب المشتكين فقد انتهك بذلك قواعد أخلاق القضاة، التي تمنع القاضي من الترويج للأعمال الخاصة لأبنائه.

للوهلة الأولى يبدو الادعاء صحيحا حيث أن القاعدة موجودة وتم مخالفة القاعدة، لكن نظرة عميقة تكشف مدى سخافة هذا الادعاء: إذا كان اسم قاضي المحكمة العليا يعزز ويدعم مهنة المحاماة كما في الشكوى، فيجب منع أبناء القاضي أهارون باراك ويتسحاق زمير وآخرين من فتح مكاتب محاماة تحمل ألقابهم. فليغيروا الأسماء أو يغيروا المهن، كي لا يقعوا بالخطأ، ومع العلم فالقاضي يورام دنتسيغر كانت ضده شبهات بقضية "لحياني"، رئيس بلدية بات يام، وتهم أصعب بكثير من تلك التهمة التي وجهت للقاضي كبوب.

لقد تم حياكة تلك الشكوى بمهنية تامة. وهناك ما هو خفي يقف وراء تلك الشكوى.

بداية الأمر كله بمنظمة يمينية تدعى "لافي"، وهي جمعية يمينية جمعية مسجلة أهدافها المعلنة هي الحقوق المدنية والإدارة السليمة وتشجيع الاستيطان، تلك هي الأهداف المعلنة على الملأ. ولكن هناك أهدافاً خفية لتلك المنظمة، في المجال الديني اليميني، تزدهر العديد من هذه المنظمات: كل واحدة منها تغذي السياسيين والصحفيين اليمينيين بقصصها الخاصة، وأعدائها، ومؤامراتها الخاصة.

اذ قررت منظمة "لافي" أن توجه اتهامات للقاضي المسلم الوحيد في المحكمة العليا، فتوجهت للصحافة التي لعبت دوراً خبيثاً في هذه القضية، وهي الصحافة التي عليها أن تتمتع بالنزاهة والموضوعية وليس الانتقائية.

قضية القاضي خالد كبوب هي مثال من بين العديد من الأمثلة التي تحاول بها السلطة فرض سيطرتها. وهذا ما يحدث عندما يتصرف الصحفيون كسياسيين، ويعمل السياسيون كقضاة، كل ذلك تحت مسمى الديموقراطية الزائفة والحق في المعرفة.

لماذا هو؟ هل لأنه عربي؟ هل لأنه مسلم؟ هل لأن إقالته يمكن أن تفسح المجال ليخلي مكانه لقاضٍ آخر؟ ربما يكون أي من الخيارات صحيحا، ربما ليس حتى أي واحد منها.

لقد أدى الاهتمام الكبير بحياة القاضي كبوب مؤخراً إلى ظهور دعاية مثيرة أخرى: فقد شوهد في مقهى كان يتواجد فيه أيضاً رئيس بلدية تل أبيب رون خلدائي. لا أعتقد أن أحداً فكر في التحقق مع من جلس قاضي المحكمة العليا نوعام سولبرغ، في الكنيس أيام السبت، ولم يفكر أحداً مع من حلس القاضي عميت في المناسبات العديدة ولماذا جلس؟!

يتسحاق كروزر من حزب بن غبير، وأوريت ستروك من حزب سموتريتش، عضوان في لجنة تعيين القضاة. رئيس اللجنة يريف ليفين هو حليفهم، ومن المفترض أن تقوم اللجنة بإحياء الانقلاب القانوني. ولسان حالهم يقول: ما لم ينجح في الشارع وفي الكنيست، فسينجح من خلال تعيين القضاة!

هذه المحاولة للإطاحة بالقاضي كبوب ليس لسبب وإنما لوضع صورة له على الحائط في مكتب ابنته يدل على مدى عمق التفكير اليميني في السيطرة على كل مناح الحياة وحتى فرض السيطرة على محكمة العدل العليا. فما لم يستطيعوا تحقيقه في الشارع والكنيست فسيحققونه في المحكمة العليا، من خلال فرض أجندة خاصة!!