|
|
|
تقدير موقف.. الأحزاب العربية في ظل التغييرات في طريقة الحكم الإسرائيلية ورفع نسبة الحسمالتاريخ : 2014-03-23 15:20:13 |تقدير موقف.. الأحزاب العربية في ظل التغييرات في طريقة الحكم الإسرائيلية ورفع نسبة الحسم
إعداد: مجدي طه، فادي عمر
أقرت الكنيست الإسرائيلي مؤخرا تعديلات على "قانون الحكم" (חוק המשילות) والقاضي برفع نسبة الحسم إلى 3.25% وذلك بعد نقاش طويل حول موضوع النسبة[1]وتداعياتها السياسية على الديمقراطية عموما وعلى الأحزاب الصغيرة خصوصا ؛ وبخاصة الأحزاب الممثلة للوسط العربي، بزعم أن هذه الأحزاب تمثل تيارات فكرية مختلفة .وهو ما يعني إدخال تغييرات في طريقة تكوين الحكومة ومن ثم في مسارات تكوينها ، وهو تشريع قانوني عملت عليه مجموعة من الأحزاب الصهيونية الكبرى (الائتلاف الحكومي)، ويذكر بأن محاولات إجراء تعديلات وإدخال تغييرات على طريقة الحكم الإسرائيلية بدأت منذ العام 1992 (كنيغ، 2007).
هناك مجموعة من المطالب التي وقفت وراء اتخاذ القرار في تعديل وتغيير طريقة الحكم، ومنها على سبيل المثال: الحفاظ على استقرار النظام السياسي الإسرائيلي ومنع الانتهازية السياسية من قبل مجموعة الأحزاب "الصغيرة" أو الأقل حجما؛ كما صرّح بذلك رئيس الحكومة الإسرائيلية (لييس ، 2014)، بالإضافة إلى تقليل عدد أعضاء الحكومة بحيث لا تتجاوز 19 وزيرا و 4 نواب وزراء، ومنع رئيس الحكومة من توسيع حكومته إلا بمصادقة 70 نائبا، ومنح الحكومة المنتخبة 100 يوم للمصادقة على ميزانيتها بدل ما هو متبع حاليا ؛وهو 45 يوم (لييس، 2014).
سعت أحزاب الائتلاف الحكومي في الكنيست الإسرائيلي إلى تمرير هذا القانون علما بأنه لم تكن هذه هي المبادرة الأولى، فقد سبق هذه المبادرة محاولات سابقة انتهت بالفشل لعدم تعاطي أحزاب الائتلاف معها بشكل جدي وبسبب تكتل الأحزاب الصغيرة (كينغ، 2007).
اليوم يبدو الحديث أكثر وضوحا حول تنفيذ مثل هذا القانون –رفع نسبة الحسم إلى 3.25% والذي تعتبره غالبية الأحزاب "الصغيرة" في الكنيست الإسرائيلي عنصرية لأنه يمس بقوانين أساس حرية العمل السياسي وغيرها من الحقوق.... حقيقة هذا الموضوع بحاجة إلى وقفة أطول وبحث أعمق، وفي هذه الورقة سنحاول الوقوف على مصير الأحزاب العربية وسبر أغوار مستقبلها من خلال وضع مجموعة من التصورات التي من الممكن أن تواجهها الأحزاب البرلمانية العربية بناء على تغيير "قانون الحكم" في الكنيست الإسرائيلي.
رفع نسبة الحسم ما بين السياسة والديمقراطية
رفع نسبة الحسم من %2 إلى %3.25 . سيكون من مجمل الأصوات الصحيحة للناخبين التي يتحتم الحصول عليها كشرط لدخول برلمان "المؤسسة الإسرائيلية". مؤيدو القرار وعلى رأسهم رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان ومعظم أحزاب الائتلاف الحكومي يصرحون بأن القرار يساهم في استقرار الجهاز السياسي وتقوية الحكومة؛ لأنه يصعب على الأحزاب الصغيرة التي قد تشوش الخارطة السياسية وملامحها الدخول "للكنيست", وبالتالي الأمر يساهم في تكوين أجندة سياسية حكومية واضحة واستقرار أكبر (لييس, 2014), فيما تعتبر الأحزاب العربية والمعارضون أن القرار ينافي الديمقراطية ويضر بتمثيل فلسطينيي الداخل في برلمان "المؤسسة الإسرائيلية" (خوري وليئور, 2014). ويرد المؤيدون للقرار على ذلك بأن دول ديمقراطية عدة تضع نسبة حسم أعلى بكثير من النسبة الموجودة في البلاد؛ لذلك لا صحة لما يذكره المعارضون من أن القرار ينافي الديمقراطية.
لو نظرنا للأمر من زاوية اجتماعية-سياسية تتجاوز التصريحات وتركز على المنطلقات والمتغيرات المحيطة وتأخذ بالحسبان العقلية السياسية "للمؤسسة الإسرائيلية" سيتضح بأن القرار يأخذ طابعا سياسيا ويتيح للراديكالية الإسرائيلية تصميم ديمقراطية خاصة بها وتتناغم معها وتمكّن خطابها في ظل مجتمع وواقع متنوع تحرص القوى الراديكالية وبعض الأحزاب اليمينية على عدم تمثيله تمثيلا صحيحا؛ لكي لا يضر بها ،ولكي تفرض أجندة تقصي فلسطينيي الداخل بشكل راديكالي ، وبالتالي يؤدي الأمر إلى ديمقراطية شكلية وليست حقيقية. والأسباب والنقاط التي توضح هذا الاستنتاج هي:
بناء على ما ذكر وعلى النقاط أعلاه فإن الاستنتاج هو بأن قرار رفع الحسم في البلاد هو قرار مناقض لروح الديمقراطية ، وقد يكون صدوره أصلا لأجل فرض أجندات راديكالية متطرفة تهدف إلى إقصاء فلسطينيي الداخل ولتفصيل ثوب ديمقراطي يتناسب ومقاييس هذه القوى والعقلية السياسية التي تتبلور في الفترة الأخيرة.
الأحزاب العربية: إلى أين؟؟
واضح من خلال المصادقة على القانون بغالبية 67 عضو كنيست إسرائيلي وغياب ما يسمى المعارضة بأن الأحزاب الصغيرة ومنها الأحزاب العربية المشاركة في الكنيست الإسرائيلي هي المتضررة الوحيدة ، وستقف أمام عقبة ومعضلة حقيقية في الانتخابات البرلمانية المقبلة إن قررت خوضها، ويمكن أن نجمل واقع الأحزاب العربية في ظل رفع نسبة الحسم من خلال مجموعة من التصورات:
أولا- اتخاذ موقف المقاطعة وعدم المشاركة سياسيا في الانتخابات البرلمانية المقبلة احتجاجا على اتخاذ مثل هذا القانون (تغيير طريقة الحكم) ، وهو ما اعتبره بعض الممثلين عن الأحزاب العربية في الكنيست الإسرائيلي بأنه يمثل إقصاء للجماهير العربية الفلسطينية من التمثيل في الكنيست الإسرائيلي وإقصاء للأقليات (موقع بكرا، 2014)، ويضر بالأسس "الديمقراطية" ويمس أيضا بالتمثيل السياسي للفلسطينيين وبالتعددية السياسية والإيديولوجية التي أتيحت أمام الفلسطينيين للمشاركة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في سنوات عديدة سابقة (خوري، وليئور، 2013).
ثانيا- خوض الأحزاب العربية الانتخابات البرلمانية المقبلة مرغمة في كتلة واحدة، وهو ما سيعرضها إلى مجموعة من الإشكاليات؛ بسبب التنوع الفكري والأيديولوجي الذي يميز الأحزاب العربية المشاركة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، إضافة إلى إحراج القيادة السياسية البارزة في هذه الأحزاب؛ في التنافس على ترتيب المقاعد من جهة، ومن جهة أخرى خيبة الأمل والضغط الجماهيري العام الذي سيتعرض له قادة الأحزاب السياسيين وحتى الأحزاب العربية نفسها ؛ بسبب الالتحام الذي فرضه الواقع السياسي الإسرائيلي. وقد ثبت فشل مثل هذه الالتحامات من قبل حتى بدون هذه الحالة المستجدة ، هذا الحال سيحرج القيادة والأحزاب معا في ظل المشاركة أمام الجماهير الفلسطينية في الداخل، وسيطرح سؤالا مركزيا بحاجة إلى إجابة من الأحزاب العربية نفسها: ماذا بعد الانتخابات؟.
ثالثا- الانقسام الحزبي بسبب التعقيدات المطروحة على الساحة، وبسبب ما ذكر سابقا في البند السابق (راجع بند 2)، وهو ما سيفرض على الأحزاب عقد صفقات حزبية بناء على تقارب المصالح الحزبية والأجندات السياسية من جانب والوصول إلى تفاهمات سياسية بسبب التقارب الفكري والأيديولوجي -إن صح التعبير- من الجانب الآخر، وهذا سيؤدي إلى خوض الأحزاب العربية الانتخابات منقسمة إلى كتلتين عربيتين، أو كتلة عربية واحدة وأخرى عربية مع قوى " تقدمية يسارية وليبرالة " يهودية ، وهو من دون شك سيضع الأحزاب العربية أمام خيارات صعبة ومعقدة وأمام غضبة ومحاسبة جماهيرية.
الأحزاب العربية عموما تعيش حالة من التراجع السياسي، وبات الأمر واضحا وجليا أكثر من خلال المواقع التي خسرتها بعض الأحزاب العربية في الساحة المحلية، ولعل غالبية الأحزاب العربية التي خاضت الانتخابات في غطاء سياسي حزبي - وهي قليلة - قد تراجعت في انتخابات السلطات المحلية وخسرت مجموعة من معاقلها ومواقعها، ويجب مراعاة الفارق والظروف عند المقارنة بين الساحتين المحلية والقطرية، إلا أن المؤشرات واضحة وبالرجوع للانتخابات القطرية البرلمانية الأخيرة (2013) فأن المعطيات تؤكد تراجع قوة غالبية الأحزاب والحركات السياسية في الداخل الفلسطيني، وهو ما يتطلب منها إجراء مراجعات وقراءات لواقعها التنظيمي والحزبي ولنشاطاتها السياسية والجماهيرية والشعبية.
خلاصة
إن الأحزاب الراديكالية والخطاب السياسي المتشدد الآخذ بالبلورة منذ فترة وجد له مكان في هذه الكنيست التي يسعى معظم أعضائها على ما يبدو إلى تكوين ديمقراطية شكلية تناسب الأحزاب المتشددة ، وأحد انعكاساتها هو قانون رفع نسبة الحسم. هذا القانون يشكل مفترق طرق أمام مجموعتين من أبناء الداخل الفلسطيني .. أولا أمام الأحزاب العربية التي دأبت على المشاركة في الكنيست ، وأمام من يريدون عدم خوض الانتخابات ، فقد باتت اليوم حجتهم أقوى من ذي قبل ، بخاصة وأن هذا القرار يدخل الأحزاب العربية في مأزق أمام الجمهور والقوى السياسية الشعبية المختلفة. وعليه لا بد من مراجعة الأفكار والأجندات للأحزاب العربية في ظل هذه المعطيات الجديدة والتواصل مع الجمهور بفئاته المختلفة بهدف تلافي هذه الأزمة وبهدف الحفاظ على الصورة العامة للنشاط السياسي لفلسطينيي الداخل، بخاصة وأنَّ ما يجمع الداخل من هموم أكثر بكثير مما يفرقه.
المراجع
كنيغ, ع. (2007, 6 مارس). رفع نسبة الحسم. المعهد الإسرائيلي الديمقراطي
ليس, ي. (2014, 3 مارس). قانون الحكم. هآرتس.
خوري, ج وأ., ليؤور (2013, 29 ديسمبر). الجمهور العربي يدرك الوجه الآخر لقانون رفع نسبة الحسم. هآرتس.
الوسوم: الكنيست ، رفع نسبة الحسم ، الأحزاب الصغيرة ، الأحزاب العربية ، اليمين المتشدد، الائتلاف الحكومي.
[1]- كان المقترح الأول يقضي برفع النسبة إلى 4%، ومن ثم أدخلت التعديلات إلى النسبة المذكورة، وهذا القانون من جملة نقاط الاتفاق الائتلافي بين الليكود وإسرائيل بيتنا .
تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |