محمد كبها: الخليفة ابن عبد العزيز واليابان
التاريخ : 2016-11-30 14:34:15 |
الناظر إلى حال دولنا يتفكر ويتسائل حائرا حتى يصل إلى السؤال , نحن دول كثيرة الخيرات والموارد ولكن فقيرة مسلوبة القرار كالسودان والصومال ومصر , ومن حولنا دول صغيرة قليلة الموارد ولكن غنية مستقلة السيادة والمصير كاليابان وألمانيا وسويسرا , إذا ما الفرق بيننا وبينهم ؟!!!
إن الفروق الجمة ليست بالضرورة سببها العمر الزمني والتاريخي لاستقلال أي دولة , فدولة مصر تعتبر من الدول ذات التاريخ والعمر الطويل والخيرات الكبيرة والنيل العظيم إلا أنها دولة فقيرة مسلوبة الإرادة والقرار وبالمقابل نرى دولة كندا جديدة العهد , متطورة , غنية ومستقلة الإرادة والقرار ومؤثرة على الساحة السياسية الدولية .
والجدير بالذكر أن إدارة جميع نواحي الحياة اليومية تعتمد بالأصل على الشخص الذي يدير أمر معين , والمدراء في البلاد الناجحة الغنية لا يختلفون ولا يتميزون عن المدراء من البلدان الفقيرة عندما ينخرط الشخص من الدول الفقيرة في أي عمل داخل الدول الغنية والناجحة ولا يؤثر ذلك على فعاليته بأداء عمله وواجبه اتجاه المجتمع والدولة التي يعيش ضمن خصوصياتها , كون اللون والعرق وأصلية المولد والنشأة لا يشكل فروقا عقلية تقلل من قدراتهم مقابل السكان الأصليين للبلاد الناجحة والعكس صحيح عندما يتحول ذلك المدير الفقير إلى الناجح المتميز المصنع والمنتج للبلاد الناجحة القوية .
إذا السؤال المحير : ما هو السر الحقيقي لتلك المفارقة العظيمة ؟!!!
اعتقد وبعد الفحص ومراقبة الأمر بتعمق أن الفرق يكمن في السلوك والممارسات التي تشكلت وترسخت عبر الزمن من التربية والثقافة والانتماء في نفوس وعقليات المجتمعات حسب مقدرتها على الوجود والتأثير العام على من حولها وبالتالي تصنيفها إما من الدول الغنية والقوية أو الدول الفقيرة المسلوبة .
عند تحليل سلوكيات المدراء والعاملين والمواطنين في الدول المتقدمة الناجحة صاحبة السيادة وحق تقرير المصير نرى أن الغالبية يتبعون المبادئ التي تحقق الاستقرار لضمير كل إنسان منهم , ومثلا وليس حصرا الأخلاق تعتبر المبدأ الأساسي لنهضة أي امة واللبنة الأولى لأي عمل ومعاملة ولا ننسى حديث سيد البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "
كما نلحظ من خلال سلوكياتهم الاستقامة والشعور بقمة المسؤولية عند تنفيذ أي مهمة أو عمل أو وظيفة ما , طبعا يجب أن يكون ذلك كله تحت مظلة واحترام القانون وتحت طائلة المسائلة لأي خروقات أو أخطاء , لا ننسى أن الإنسان يجب أن يحافظ على احترام حقوق الآخرين ومن حوله ليبتعد دائما عن اغتصاب حقوق غيره ويبقى نقي الدخل وطيب اثر المعاملة , كما ونلحظ عليهم حبهم للعمل وإخلاصهم له واعتبار العمل جزء مقدس من الحياة يجب الاهتمام والمحافظة عليه , نلحظ أيضا في إنسان المجتمع الغني المتقدم حب الاستثمار والادخار والتقدم وتطوير الأفكار العملية وعدم التوقف عند نقطة معينة أو أي تجربة متواضعة النتيجة كل ذلك يعطيه السعي الدائم للتفوق والنجاح والعمل الخارق المميز السابق لغيره طبعا كل ذلك بقمة الدقة كون ذلك جدير بنجاح العمل الأمر الذي يعود بالفائدة لكل المجتمع والدولة والوطن .
بالمقابل وفي معظم الدول الفقيرة النامية لا يتبعون تلك الأخلاق والسلوكيات كتعميم مطلق للعمل مع وجود أقلية تعمل بجهد وسلوكيات نموذجية إلا أنها غير مؤثرة على الدولة كون الفرد ضعيف مقابل جميع السكان , كل ذلك يضعنا في خانت الشك بان فقرنا وتخلف بلادنا عن غيرنا ليس بسبب نقص الموارد أو قسوة الطبيعة بل نحن فقراء بسبب العيب في سلوكنا وتعاملنا وعدم قدرتنا التأقلم وتعلم المبادئ الأساسية التي جعلت وأدت إلى تطور المجتمعات وتفوقها علينا ماديا وسياسيا وعسكريا . وانطلاقاً من قوله تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾. (برطعة)