كامل رزق اغبارية: الى جنة الخلد يا ابا سامي (الدكتور)

التاريخ : 2017-08-16 20:16:16 |

كان الراحل الحاج محمد احمد الحاج اسماعيل محاميد (الدكتور) فخر الرموز الفحماوية، في التسامح والعطاء في القرن العشرين، هذا الرجل الذي ودعناه في الاسبوع المنصرم ملبيًا نداء ربه، بعد ان قضى من عمره تسعين عامًا، عاش فيها وفيًّا لاصدقائه، ونعم الوالد لابنائه، وخير جار لجيرانه.
وكان المرحوم "ابو سامي" اكثر الناس نخوة ومساندة للمظلوم من معارفه، والاشجع قولًا وموقفًا في وجه الظالم والظّلام.
فنم قرير العين، ايها الصديق الغالي.. (يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي).
عرفت المرحوم منذ مطلع ستينات القرن الماضي وهو في عنفوان رجولته، خلوقًا صدوقًا، ذا وقار، يقبل عليه الرجال لمصافحته. ولم اعرف يومها كنه لقب "الدكتور" الذي اقترن باسمه، وظننت بداية ان اللقب علمي، إما في الطب البشري او في علوم الحياة.
ولكن ما ثبتت نفسي عليه انه كان اعظم مكانة من هذه الدرجة الاكاديمية، فقد كان الفقيد دكتورًا في سلوكه، دكتورًا في محبته للناس ولكل من عرفه، ودكتورًا ايضًا في محبة الناس اليه.
لم يدخل الجامعات، ولم يتبوأ المناصب العالية او يهرول مع المهرولين، زلفى لحياة او مكانة، بل عاش عمره عاملًا متواضعًا في فرع البناء بمدينة تل ابيب وضواحيها، شجاعًا وفيًّا لأخلاقه ولتوازنه مع كل الفئات العاملة بالمجتمع الفحماوي. وانتخب لمجلس عمال ام الفحم، في اول دورة له، وكان دومًا حاضرًا من اجل الدفاع عن قضايا طبقته وابناء جلده.
كما كان "الدكتور" اول الداعين الى وجوب تعميم ثقافة البلورتاريا، فشارك في العديد من الايام الدراسية والدورات الاستكمالية في الستينات من القرن الماضي، ممثلًا لعمال البناء، واصبح صوتًا عاليًا في رفع راية حماية قضايا العمال وحقوقهم.
لمن أحب الناس وأحبوه، وهنيئًا لمن قدم من دنياه لآخرته، فكان ملتزماً بفرائضه الدينية منذ صغره، وكان فلّاحًا خدوماً لأرضه التي فلحها في منطقة الواحة وعمّرها باللوز والزيتون، بعد ان كانت ارضًا بورًا.
هنيئًا ثم هنيئًا لمن ترك خلفًا صالحًا يحيي ذكره، فستبقى ذكراك خالدة يا "ابا سامي الدكتور"، وأنت الآن في ذمة الله، ايها الراحل الكبير!
طيّب الله ثراك وأدخلك فسيح جناته ورحمك برحمته الواسعة، والعزاء العزاء للأسرة الكريمة، وللأبناء والبنات البررة.
لقد تركت لنا قيمًا حميدة، وسنظل نذكرك ما بقيت بيننا الحياة، فانتم السابقون ونحن اللاحقون.