فادي سمعان (مركز انجاز): ما بين الشفافية والغموض في جهاز التربية والتعليم

التاريخ : 2017-08-30 15:28:10 |

قامت وزارة المعارف، الأسبوع الماضي، بنشر تقرير النتائج الرئيسية لجهاز شفافية ميزانيات التربية والتعليم لسنة 2016 الذي يصف استثمار الدولة في طلاب مدارس الدولة.
يعرض التقرير صورة إيجابية، لكنها تميل بإيجابيها تجاه المدارس والطلاب اليهود حيث تحاول الدولة، على يد الميزانيات التفاضلية، ان تسد الثغرات ما بين طلاب المدارس القوية وبين طلاب المدارس الضعيفة. وبذلك فإنها تبقي الفجوات الكبيرة بين الميزانيات المخصصة لليهود وتلك للعرب. رغم الشفافية التي تفتخر بها وزارة المعارف، الا ان محاولات عدة للحصول على أجوبة باءت بالفشل.
في التقرير يمكن رؤية صورة معروفة من سنين سابقة لفجوات بارزة في توزيع الميزانيات للمدارس والطلاب في الأوساط المختلفة.
يتم توزيع هذه الميزانيات حسب ما يسمى بـ"مؤشر العناية" الذي يعبر عن الترتيب الاقتصادي-الاجتماعي للمدرسة. يجب التنويه ان المعطيات المعروضة في التقرير لا تشمل الميزانيات التي تقوم السلطات المحلية باستثمارها بالطلاب، والتي سوف تميل الكفة لصالح طلاب السلطات المحلية ذات ترتيب اقتصادي-اجتماعي مرتفع.
نرى في التقرير ان الطالب اليهودي يحصل على ساعات ميزانيات أكثر من الطالب العربي - هذه الفجوات موجودة في كل المراحل التعليمية. في الابتدائي، طالب عربي في مدرسة ضعيفة يحصل على 1.84 ساعات أسبوعية مقابل 2.22 ساعة لنظيره في المدارس اليهودية. في الاعداديات، الطالب اليهودي يحصل على 40% ساعات أكثر من الطالب العربي. اما في الثانويات، 41% من الطلاب اليهود و94% من الطلاب العرب يتعلمون في مدارس ذات المؤشر ضعيف ومتوسط. هناك، يوجد فرق ما بين 34%-67% لصالح الوسط اليهودي.
من هنا يُسأل السؤال: لماذا لا يحصل الطالب العربي والطالب اليهودي الموجودان تحت نفس المؤشر على نفس الساعات التعليمية والميزانيات؟
في 2015، بدأت وزارة المعارف بتطبيق نموذج وخطة الميزانيات التفاضلية في المدارس الابتدائية والاعدادية بإضافة حوالي 150 ألف ساعة تعليمية. الهدف هو المساواة بالفرص وتقليص الفجوات بين الطلاب حسب مؤشر العناية (الضعفاء امام الأقوياء)، ولكنه ولأسباب سياسية يهمل ولا يتطرق الى الفجوات بين اليهود والعرب.
في مؤتمر لرؤساء المجالس العربية في شهر أيار الماضي، عرض المدير العام لوزارة المعارف، "شموئل أبوأب"، كيفية توزيع الميزانيات التفاضلية. حسبها تبين ان جهاز التعليم العربي سيحصل على 34.5% من مجمل الساعات الإضافية. ولكن، هذه النسبة لا تتناسب مع الحقيقة بأن 99% من الطلاب العرب الابتدائيين، و100% من الاعداديين، يتعلمون في مدارس تُعد ضعيفة حتى متوسطة - أمام 31% و38% في الوسط اليهودي، بالتناسب.
هذه الميزانيات التفاضلية الاضافية موجودة في المدارس الابتدائية ولكنها نوعية بشكل أكبر في الوسط اليهودي. ايضاً، يمكن رؤية ذلك في المدارس الإعدادية حيث ان هذه الموازنة موجودة فقط في المدارس اليهودية - هذه الاستنتاج قد ظهر أيضا في تقرير الشفافية لسنة 2015. وهذا يثير التساؤل حول آلية توزيع هذه الميزانيات ومدى فعالية نموذج عمل الوزارة. في المقابل، في الثانويات، الموازنة التفاضلية موجودة فقط في المدارس اليهودية بالرغم لعدم خطة خاصة لذلك.
وعليه فإن وزارة المعارف والدولة يتخلون بشكل معلن عن حوالي 90 ألف طالب في المدارس الثانوية العربية.
تقود لجنة التربية والتعليم التابعة للجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية كفاح المجتمع العربي لشفافية جهاز التربية والتعليم، من أجل توزيع عادل للميزانيات. منذ اقامتها، اللجنة التي تتضمن جمعيات مدنية، رؤساء مجالس، مختصين وأعضاء كنيست، تبحث عن أجوبة، ورغم جميع المحاولات، يتضح ان لا أحد يملك هذه الإجابات. لا أساتذة متخصصون، لا مؤسسات قضائية وكما تبين أن المدير العام للوزارة، الذي يرفض اللقاء مع رؤساء مجالس قبل بداية السنة التعليمية، لا يملك الإجابات هو الآخر!
لا يمكن انكار ان هناك محاولة من وزارة المعارف لإضافة الميزانيات والساعات ودعم المدارس الضعيفة. لكن هذه المحاولة مرفقة بالكثير من الضبابية، الغموض والشك. لقد مرت ثلاث سنين منذ ان بدأت الوزارة بإضافة الميزانيات التفاضلية، ومع هذا فان الفروقات والتمييز ما زالا موجودين في توزيع الساعات وتطبيق الخطة نفسها.